شبكة قدس الإخبارية

خاص خاص| الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية: حماس هي الناطق باسم الفصائل في المفاوضات

photo_2024-08-15_22-07-56

فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: أجمعت حركتا الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية على أن قرار حركة حماس بعدم المشاركة في المفاوضات التي تجري اليوم في العاصمة القطرية، الدوحة، والمتعلّقة بمحادثات وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى؛ يمثّل الفصائل المقاومة على الأرض، وذلك انطلاقًا من الموقف المعلن في رفض الخوض بمفاوضات جديدة، وتمسك المقاومة بالورقة التي طرحها الوسطاء سابقًا والمعروفة بخطة "بايدن". 

وكان الوسطاء "الأمريكي، والقطري، والمصري" في الثامن من الشهر الجاري، قدّ وجّهوا في بيان ثلاثي، دعوة لحركة حماس، من أجل المشاركة في مفاوضات الدوحة اليوم، لكن حماس اتخذت قرارًا بعدم المشاركة، وجاء في بيانٍ لها: "إن الحركة تطالب الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قاموا بعرضه على الحركة ووافقت عليه بتاريخ 2/7/2024م، استنادا لرؤية بايدن وقرار مجلس الأمن، وإلزام الاحتلال بذلك، بدلا من الذهاب إلى مزيد من جولات المفاوضات أو مقترحات جديدة توفر الغطاء لعدوان الاحتلال، وتمنحه مزيدًا من الوقت لإدامة حرب الإبادة الجماعية بحق شعبنا".

وكانت هناك انتقادات ومطالبات بأن يكون الوفد الفلسطيني المفاوض مشكّلٌ من مختلف الفصائل في إطار منظمة التحرير، غير أن مراقبون وسياسيون يعتقدون أن حماس أدارت المشهد التفاوضي منذ بداية معركة طوفان الأقصى والأجدر أن تكمل هي نيابة عن الفصائل، بالإضافة إلى أنها أكثر من يملك سلاح المفاوضات "أسرى جنود الاحتلال"، ومن جانب آخر بهدف منع أي مجالٍ لتنفيذ اختراق في وحدة الفريق المفاوض، الذي تتشكل حلقته المباشرة الآن داخل حماس من ثلاثة أعضاء في المكتب السياسي فقط.

ويقول عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، مروان عبد العال في حديث خاص لـ "شبكة قدس"، إن لدى الفصائل ثقة كاملة تجاه حركة حماس والدور التفاوضي الذي تقوم فيه، لا سيما وأنها لم تتخذ موقفًا طوال المراحل السابقة في التفاوض، دون تشاور فصائلي مع القوى المقاومة، واتسم تعاملها مع بالوحدة والتشارك، وسماع آراء الفصائل والأخذ بها، وكان ذلك واضحًا في تقاطع مواقف فصائل المقاومة بشكل مستمر، نتيجة وجود فضاء تشاركي واسع. 

الشاهد على ما ذكره أعلاه، وفق عبد العال أنه قبل إعلان حماس موقفها في التاسع من الشهر الجاري، ردًا على البيان الثلاثي، كانت آخر اتصالات بين قيادتي الجبهة الشعبية وحماس قبل 15 دقيقة من إعلان حماس بيانها، وكان التواصل في سياق المشاورات حول المشاركة، وكيفية الرد، وما أبرز الملاحظات الموجودة فلسطينيًا على هذه الدعوة، ثم صدر بيان حماس، وبعده بساعات خرج بيان عن الشعبية في ذات المحتوى والسياق، دلالة على وحدة الموقف.

وردًا على مطالبات فلسطينية بوجود وفد فصائلي جماعي للتفاوض تحت قيادة منظمة التحرير، أجاب عبد العال: "قبل أن نطالب بوفد مفاوضات موحد، نريد قيادة موحدة، وهذا يحتاج استراتيجية موحدة مسبقًا، وتطبيقًا سريعًا لمخرجات لقاء بكّين الفصائلي، وفي ظل غياب هذا فإن الثقة معطاة بشكل تام لحماس كي تدير التفاوض".

وعلى نحو يلائم موقف الجبهة الشعبية، أكدت حركة الجهاد الإسلامي على لسان مسؤول العلاقات الفلسطينية فيها، أبو سامر موسى، أن حماس تعتبر بمثابة الناطق باسم الفصائل الفلسطينية فيما يخص المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال. 

ويقول موسى في حديث مع "شبكة قدس": "قلناها سابقًا بصريح العبارة، لن نكون بديلًا عن حماس في التفاوض، وفصائل المقاومة فوّضت حماس نيابة عنها، وكل ما يصدر عن حماس بالمفاوضات يمثل الفصائل الفلسطينية كلّها، وهذا موقفنا في السرّ والعلن، والذي أكّده الأمين العام زياد النخالة، بأن حماس تمثل الجميع الآن". 

وكان الاحتلال قد سعى سابقا لاختراق وحدة الموقف بين الجهاد الإسلامي وبين حماس من خلال محاولة مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أواخر أبريل/نيسان الماضي، التواصل مع مكتب حركة الجهاد الإسلامي في العاصمة اللبنانية بيروت، عن طريق الوسيط الأممي الذي يعمل مستشارًا للمنسق الخاصّ للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، بهدف فتح قنوات اتصال غير مباشرة وإجراء تفاوضٍ بحكم وجود أسرى إسرائيليين لدى حركة الجهاد.

لكن حركة الجهاد خيّبت رهان الاحتلال على ذلك وفق أبو موسى، الذي أوضح: "نكرر أننا لن نفتح خطًا تفاوضيًا مع أحد، لأن حماس الممثل الوحيد في المفاوضات، وكل ما يجري في هذا السياق يتم بعد التواصل بين الفصائل الفاعلة في الميدان والأرض، وكلّ ما يتم الإعلان عنه، يكون بعد مشاورات مع حركة الجهاد، وفق موسى. 

وفي إجابته عن هامش المناورة الذي تتحرك به حماس، بالاتفاق فصائليًا، أجاب موسى: "هامش المناورة ينطلق من الموقف المعلن والثابت فيما يخلص شروط المقاومة الرئيسية، وهي وقف إطلاق النار، والانسحاب الكامل من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى الشمال، ثم إدخال المساعدات وبدء الإعمار"، ثم إتمام صفقة تبادل باعتبارها الشكل الطبيعي لمخرجات المفاوضات، ولا تراجع عن هذه الشروط.

وحول الملاحظات التي اتفقت عليها الفصائل في الموقف التفاوضي، أشار القيادي في الجبهة الشعبية مروان عبد العال إلى أن وجود إجماع فلسطيني بأن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لا يسعى إلا لنسف أيّ مخرجات تفضي إلى اتفاق، عدا عن اتخاذه شروطًا جديدة لم تطرح في وقت سابق، خصوصًا وأن المقاومة وصلت عبر الوسطاء 5 مرّات لاتفاقيات جاهزة للتوقيع، وكان آخرها المقترح الأمريكي الذي طرحه جو بايدن في الواحد والثلاثين من مايو/أيار الماضي، وتبنّاه مجلس الأمن، وأيّده زعماء مجموعة الدول السبع، وقابله نتنياهو باقتحام رفح واحتلال محور فيلادلفيا مع مصر، وارتكاب المجازر. وبالنظر إلى ذلك كلّه، جاء الاتفاق مع حماس على أن يكون هناك موقف مختلف عمّا كان في السابق.

ويرى عبد العال أنه إثر عدم تحقيق نتائج تقلب الموازين في حراك الشارع الغربي المناصر لغزة، وعدم وجود مواقف عربية تفجّر المنطقة عبر تدخل مباشر، فإن لا حل لإنهاء الحرب في قطاع غزة وسط تعنت المفاوض الإسرائيلي، إلا بعد أن تدرك دول العالم أن مصالحها مهددة بالخطر وخصوصًا أمريكا، بالإضافة إلى تكبّد الاحتلال خسائر كبيرة بشكل مباشر.

وجاء اغتيال الشهيدين إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، وفؤاد شكر أحد قادة حزب الله اللبناني، قبل نحو أسبوعين، في سياقٍ غيّر المشهد السياسي بالمنطقة، ما جعل الولايات المتحدة الأمريكية على أعتاب ردٍ لهذه الاغتيالات يكون قاسيًا وحتميًا وفق مواقف إيران وحزب الله، ولذا يسعى العالم الغربي بشكل حثيث على احتواء المشهد من التصعيد.

وأوضح القيادي في الجهاد الإسلامي أن الفصائل أمام فرصة لاستثمار مرحلة ما بعد اغتيال الشهيد إسماعيل هنية، بأن لا يرتبط الرد من إيران وحزب الله بمجريات محادثات وقف إطلاق النار، وذلك يعني وجود ردٍ مرتقب، من قوى المحور، بعد استهداف هيبة إيران باغتيال هنية، واستهداف الضاحية الجنوبية في بيروت، التي تعادل تل أبيب في الميدان، كما يرى حزب الله، ما يعني أن الرد القادم لا تراجع عنه. 

وتابع: "نأمل أن تكون الردود المرتقبة بحجم الحدث، ومؤدية لوقف إطلاق النار، لأننا نعتقد أنها ستكون قوية وموحدة من جبهات المقاومة، وقد تستمر لبضعة أيام". 

ولم تعد الآن مسألة الرد من قوى المقاومة مرتبطة بالمفاوضات من حيث سيرها أو توقفها، حيث أن الردّ قادم وسيكون حجمه ومكانه وتوقيته موجعًا ودقيقًا بدءًا من الاستنزاف المعنوي، وصولًا للرد عن بعد، أو من مسافة صفر، وفق ما يقول عبد العال.