خاص - شبكة قدس الإخبارية: يعيش جنوب لبنان حرباً تدميرية بالتوازي مع حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، منذ أكثر من 10 شهور، حيث شهدت القرى والبلدات اللبنانية الحدودية غارات إسرائيلية مدمرة استهدفت منازل المواطنين، مخلفةً صورة أخرى للجنوب اللبناني لم تنقلها وسائل الإعلام، نسعى في هذا التقرير لنقلها.
بدأت هذه المرحلة منذ اليوم الثاني لمعركة طوفان الأقصى؛ في أعقاب إعلان حزب الله دخوله المعركة لإسناد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وقد نفذ الحزب في ذلك اليوم عمليات استهداف لمواقع جيش الاحتلال المترامية على امتداد الحدود اللبنانية – الفلسطينية وعلى وجه التحديد مزارع شبعا ومواقع الرادار زبدين ورويسات العلم العسكرية، قُبل ذلك بغارات إسرائيلية استهدفت الأراضي اللبنانية القريبة من الحدود.
تعميق مساحة الاستهداف بين الطرفين
بقي الاشتباك بين الطرفين محصوراً في نطاق جغرافي تراوح بين 5 – 10 كيلومتر من الحدود، وهو ما يُعرف عسكرياً ب"قواعد الاشتباك" التي ما لبثت إلى أن كُسرت بعد شن الاحتلال غارات محددة وصلت ضواحي مدينة صور وصيدا وتنفيذ عمليات اغتيال لعناصر وقادة حزب الله بها، فكان رد الحزب بتعميق القصف لمستوطنات جديدة كمستوطنة "كريات شمونة" شمال فلسطين المحتلة.
دخل عام 2024 حاملاً معه التطورات الأبرز على الجبهة الشمالية، بعد اغتيال الاحتلال للشيخ صالح العاروري ورفاقه بغارة جوية على الضاحية الجنوبية في العاصمة بيروت، وعلى الفور استهدف حزب الله أهدافاً إسرائيلية داخل فلسطين المحتلة لم يسبق استهدافها بجولة التصعيد الحالية، كقاعدة "ميرون" الجوية في الجليل الأعلى ومقر القيادة الشمالية لجيش الاحتلال في مدينة صفد المحتلة.
تبع ذلك غاراتٍ إسرائيلية على مدينة حولا جنوب لبنان وضواحي صيدا، فضلاً عن شن غارات مكثفة على بلدة عيتا وأطراف بلدة ميس الجبل بالقذائف الفوسفورية، بالتزامن مع غارات جوية الأودية المحيطة ببلدتي القوزح وبيت ليف في القطاع الأوسط، وقد خلفت هذه الغارات دماراً واسعاً في مناطق الاستهداف طال المنازل اللبنانية وممتكلكات المواطنين، حيث بلغ عدد المنازل المدمرة 17 ألف منزلٍ قد تدمر بشكلٍ كلي و14 ألف منزلٍ تدمر بشكل جزئي.
وشهد جنوب لبنان عمليات نزوحٍ سكني إلى عمق المدن اللبنانية للنجاة بأرواحهم من الغارات الإسرائيلية التي هدمت منازلهم ومزارعهم، فيما ذكرت احصائيات لبنانية أن عدد النازحين من الجنوب قد وصل 100 ألف نازح، توزعوا على مراكز نزوح في منطقة حاصبيا وبعض مناطق بيروت وبعلبك.
ومنذ بداية التصعيد بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، ارتقى 466 مواطناً لبنانياً جراء غارات الاحتلال، منهم من استشهد بعد استهداف البلدات اللبنانية وهم من النساء والأطفال المدنيين، ومن ضمنهم شهداء حزب الله الذي قضوا بعمليات اغتيال مركزة.
خسائر مالية
وفي دراسة للأثر الاقتصادي للحرب أجرتها جهات غير رسمية، كشفت أن مجمل الخسائر في الجنوب تبلغ نحو مليار ونصف دولار، وهي خسائر مرتبطة بشكل أساسي بالدمار في البنى التحتية والطرقات والمباني والأراضي الزراعية داخل البلدات الجنوبية، إضافة لنحو 300 مليون دولار خسائر غير مباشرة نتيجة إقفال مؤسسات ومراكز أعمال، مع أضرار لحقت بقطاع الزراعة نتيجة استهداف المزارع وتوقف الأنشطة الزراعية في الجنوب.
فيما يواصل الاقتصاد تدهوره في ظل الانقسام السياسي والتبعات الاقتصادية لجائحة كورونا وانفجار المرفأ وتعطيل البرلمان التي لا زالت تعاني منها لبنان.