شبكة قدس الإخبارية

أشبال المقاومة.. ظاهرة فلسطينية ممتدة عبر عقود

WhatsApp Image 2024-08-13 at 6.38.07 PM
يزن حاج علي

خاص - شبكة قدس الإخبارية: مساء أمس الإثنين، اغتالت قوة من جيش الاحتلال المقاوم الشبل طارق داود قرب بلدة عزون شرق قلقيلية، كان طارق داود قد أطلق النار على مستوطن إسرائيلي وسط مدينة قلقيلية وأصابه بجراحٍ وصفت بالخطيرة، وأثناء انسحابه وقع بكمين لجيش الاحتلال قرب عزون، ليرتقي شهيداً بعد 9 شهورٍ من المطاردة، أمضاها مُطارِداً لجيش الاحتلال في منطقتي طولكرم وقلقيلية، ومن قادة كتائب القسام هناك.

التحق طارق بركب المطاردين فور تحرره من سجون الاحتلال، في صفقة التبادل التي عقدتها المقاومة مع حكومة الاحتلال أثناء التهدئة في شهر تشرين ثاني/نوفمبر 2023، وشملت الصفقة الأسيرات الفلسطينيات والأسرى القاصرين أو ما يُعرف فلسطينياً ب"الأشبال" الذين كان طارق منهم.

عقب ذلك انضم إلى إحدى المجموعات المقاومة في مدينة قلقيلية شمال الضفة المحتلة وشارك في عمليات اشتباك وتصدي لجيش الاحتلال الذي اقتحم المدينة، وأُدرج اسمه على قوائم المطلوبين، فيما بعد ظهر طارق في مخيمات طولكرم متوشحاً بسلاحه وعصبة كتائب القسام، ليكون أحد مقاتليها.

تأتي حكاية طارق ضمن عشرات الحكايات الأشبال الذين ساروا في درب المقاومة حتى إرتقائهم شهداء، يستعرض هذا التقرير ظاهرة الأشبال في القضية الفلسطينية ثم في خضم المرحلة الحالية.

 

معسكرات الأشبال في الأردن ولبنان

مع انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة عام 1965، بدأت فصائل منظمة التحرير بتأسيس معسكرات تدريب لليافعين من مخيمات اللجوء الفلسطينية في الأردن، وإلحاقهم بدوات تثقيفية وتعبئة ثورية، ثم تدريبهم بشكلٍ تدريجي على السلاح، ليكونوا نواة العمل العسكري المقاوم، ثم انتقلت هذه الظاهرة مع انتقال منظمة التحرير إلى لبنان عقب أحداث أيلول الأسود عام 1970، ومرة أخرى التحق فتية مخيمات بمعسكرات الأشبال ليصبحوا من المقاتلين الذين تصدوا للاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 ومن المدافعين عن المخيمات، حينها برز مسمى "أشبال الRPG" لمهارتهم بالتصدي للأرتال العسكرية الإسرائيلية واستهدافها بقذائف الRPG، كان من هؤلاء الأشبال الشهيد يوسف ريحان المعروف باسم "أبو جندل" حيث أصيب بجراح بالغة في معارك بيروت عام 1982 وكان يبلغ من العمر 17 عاماً انذاك، ليصبح بعد أعوام من قادة معركة مخيم جنين عام 2002 التي استشهد بها.

في داخل فلسطين المحتلة، امتلأت سجون الاحتلال بالأسرى القاصرين خاصة في فترة الانتفاضة الأولى، ومجدداً قامت التنظيمات الفلسطينية في السجون باحتوائهم وتثقيفهم وتوعيتهم أمنياً ووطنياً، لينخرطوا مجدداً في صفوف المقاومة فور تحررهم، كالأسير عثمان بلال من مدينة نابلس الذي دخل السجن شبلاً ثم قادة عدة عمليات عسكرية بعد تحرره، ثم تعرض للاعتقال مجدداً ويقضِ الآن حكماً بالسجن مدى الحياة، والشهيد محمود الطيطي أحد قادة انتفاضة الأقصى في منطقة نابلس، وسبق له أن تعرض للاعتقال في صباه، واستكمل مشواره المقاوم حتى استشهد بعملية اغتيال إسرائيلية عام 2002.

وخلال انتفاضة الأقصى، برز العديد من الأشبال الذين بلغوا أشدهم ووصلوا إلى مرحلة الشباب وهم في خضم المطاردة، كالشهيد أمين لبادة من نابلس الذي بدأت رحلة مطاردته وهو في سن ال17 حتى استشهد عام 2007 بعملية اغتيال وكان يبلغ من العمر 21 عاماً، كذلك الشهيد أحمد سناقرة من مخيم بلاطة التي تتشابه مسيرته مع مسيرة أمين، فقد بدأ رحلته طفلاً يرشق آليات الاحتلال بالحجارة ثم شبلاً مُطارِداً لهم، حتى أصبح أيقونة فلسطينية بعد نجاته من عدة محاولات اغتيال، إلى أن نجحت آخرها عام 2008.

وبعد انتفاضة الأقصى انخرط الأشبال في العديد من المواجهات ضد جيش الاحتلال، ونفذ عدداً منهم عمليات طعن ودهس بدافع ذاتي خاصة في مرحلة هبة القدس عام 2015، كان منهم الشهيد إسحاق بدران.

أما في قطاع غزة، فأقامت فصائل المقاومة ما أسمته ب"معسكرات طلائع التحرير" منذ عام 2015 حتى المرحلة التي سبقت طوفان الأقصى، والتي اتخذت شكل مخيمات صيفية لليافعين ومرحلة تعبئة وطنية ودينية مُقاومة، إضافة لتدريبات بدنية تؤهل شخصيات الفتية لتحمل المصاعب.

 

الأشبال في رحلة المطاردة من جديد

فرضت معركة سيف القدس عام 2021 واقعاً جديداً في الضفة المحتلة، تمثل بانتشار مجموعات المقاومة، وخاصة في شمال الضفة، مجدداً كانت هذه المجموعات حاضنة عميقة للفتية الذين آثروا المقاومة كنهج حياة، في مخيم جنين انضم الفتى أمجد الفايد إلى كتيبة جنين وكان يببلغ من العمر 16 عاماً، ونشط في دوريات المراقبة والحراسة للمخيم حتى بات يُعرف بلقب "حارس المخيم" ثم كان من رُماة القنابل محلية الصنع والزجاجات الحارقة على دوريات الاحتلال، وقد استطاع النجاة عدة محاولات اعتقال وتصفية بسبب سرعة حركته وصغر حجم جسده، حتى استشهد بعد أن استهدفته برصاص قناص من جيش الاحتلال في أيار/مايو 2022.

وفي البلدة القديمة بمدينة نابلس، نشط الفتى محمد الدبيك في مجموعة عرين الأسود، وانضم إلى صفوفها بشكلٍ فعلي، وساهم بشكل أساسي في حراسة مداخل البلدة القديمة، واكتشاف القوات الخاصة عند كل عملية اقتحام، حتى أصبح مطارداً بشكلٍ فعلي من قبل جيش الاحتلال.

خلال رحلة مطاردته اعتقلته الأجهزة الأمنية الفلسطينية لعدة أسابيع وصادرت سلاحه، وفور خروجه من سجون السلطة استأنف نشاطه المقاوم حتى استشهد بعد تنفيذه عملية إطلاق نارٍ قرب حاجز صرة العسكري، قرب نابلس عام 2023 الماضي.

وتأتي حكاية هؤلاء الأشبال إلى جانب سيرة الشهيد طارق داود، ضمن تجربة شاملة من مسيرة المقاومة الفلسطينية، لازال أثرها ينعكس حتى يومنا هذا ويتجلى في مخيمات الضفة المحتلة التي أصبحت تشكل طليعة العمل المقاوم والذي ضم عشرات الأشبال في مسيرة مواجهة الاحتلال.

 

#منظمة التحرير #مخيم بلاطة #المقاومة الفلسطينية #انتفاضة الأقصى #الأشبال #طارق داود