شبكة قدس الإخبارية

اقتحامات الأقصى في "ذكرى خراب الهيكل".. كيف مرت وأي رسالة حملت؟

WhatsApp Image 2024-08-13 at 6.25.25 PM
يزن حاج علي

خاص - شبكة قدس الإخبارية: يواجه المسجد الأقصى المبارك خطراً استيطانياً تزداد حدته يوماً بعد يوم، وفق مخططاتٍ إسرائيلية تسعى لتقسيمه زمانياً ومكانياً وفرض السيطرة عليه، وتأتي الاقتحامات الشبه يومية كشكلٍ من أبرز أشكال محاولات السيطرة.

ويُطلق مصطلح "اقتحام" على دخول المستوطنين وعناصر شرطة الاحتلال إلى باحات المسجد الأقصى والتجول بها وإداء الطقوس التلمودية، إضافة لدخول أي فردٍ من أفراد شرطة الاحتلال أو موظفين حكومة الاحتلال كموظفين السياحة والآثار الإسرائيلية، وتأخذ غالبية الاقتحامات شكلاً جماعياً موسعاً من ميليشيات المستوطنين، والحاخامات المتطرفين، يزداد حجمها في الأعياد اليهودية والمناسبات التاريخية الصهيونية ك "ذكرى حراب الهيكل" التي تمر اليوم الثلاثاء 13 آب/أغسطس 2024.

وشهد المسجد الأقصى اليوم الثلاثاء اقتحامات موسعة، وصل عدد المقتحمين بها 2250 مستوطناً من ضمنهم وزراء في حكومة الاحتلال، إضافة لعناصر شرطة الاحتلال الذين كانت مهمتهم تأمين عملية الاقتحام.

وأكدت وزارة الأوقاف الإسلامية أن وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير قد اقتحم المسجد الأقصى اليوم برفقة المستوطنين، إضافة لوزير شؤون النقب والجليل يتسحاق فاسرلاوف من حزب "عظمة يهودية".

 

اقتحامات في ظل الإبعاد

تأتي اقتحامات المسجد الأقصى على وقع سياسة الإبعاد التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضد المرابطين والمرابطات هناك، والذين تطورت عملية إبعادهم لتكون إبعاد عن البلدة القديمة في القدس وليس عن المسجد الأقصى فحسب.

وفي حديث خاص لشبكة قدس قال المرابط المقدسي أبو بكر الشيمي، إن سلطات الاحتلال قد عمدت لإبعاده هو ومجموعة من المرابطين عن البلدة القديمة وتم تعميم صورهم على نقاط تفتيش شرطة الاحتلال المتمركزة على أبواب البلدة القديمة.

وأضاف الشيمي إن الاقتحامات الإسرائيلية الأخيرة في ظل "ذكرى خراب الهيكل" باتت تأخذ شكلاً من استعراض الهيمنة الإسرائيلية على الأقصى، والتعمق بالممارسات التهويدية كرفع الأعلام في باحات المسجد، وترديد الشعارات التلمودية، فضلاً عن زيادة أعداد المقتحمين.

وفيما يتعلق باقتحام وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال بن غفير قال الشيمي إن وزراء حكومة الاحتلال يسعون لاستمالة أكبر عدد ممكن من المستوطنين المتدينين وتوفير مساحة لهم باقتحامات الأقصى لكسب دعمهم للحكومة، فضلاً عن رغبة بن غفير الشخصية، بالسيطرة على الأقصى والسعي لتهويده.

 

بن غفير ونتنياهو.. محاولات فرض واقع جديد

في حديث خاص لشبكة قدس قال الباحث في شؤون القدس زياد بحيص إن الصهيونية الدينية ومعها جزء كبير من اليمين القومي الصهيوني تسعى إلى الإحلال الديني التام في المسجد الأقصى المبارك، وهي تتطلع إلى إزالته من الوجود وتأسيس الهيكل المزعوم في مكانه وعلى كامل المساحة، وقد تبنت في سبيل تحقيق ذلك ثلاثة خطط مرحلية هي التقسيم الزماني والتقسيم المكاني والتأسيس المعنوي للهيكل من خلال فرض الطقوس التوراتية في المسجد الأقصى المبارك.

وأشار بحيص إلى تلك الجماعات أنها تعتمد بشكل أساسي على الأعياد التوراتية الدينية والمناسبات القومية الصهيونية باعتبارها مواسم عدوان ومنصات تمضي فيها بأهدافها قدماً، مستفيدة مما يمكن تشكيله من زخم دعائي ومن حضور بشري في الاقتحام، وتشكل المناسبة التوراتية الحالية المسماة "ذكرى خراب الهيكل" إحدى المناسبات الأربع السنوية الرئيسية التي يجري الارتكاز عليها كمواسم عدوان، وإلى جانبها يأتي الفصح العبري والذكرى العبرية لاحتلال القدس "يوم توحيد القدس" وموسم الأعياد الطويل الذي يبدأ برأس السنة العبرية وينتهي بيوم ختمة التوراة الذي انطلقت منه معركة طوفان الأقصى.

وعند سؤاله عن ما هو جديد في اقتحامات اليوم االثلاثاء، قال بحيص "إن هذا الاقتحام شكل أكبر اقتحامٍ في تاريخ المسجد الأقصى من حيث عدد المقتحمين، إذ وصل عدد المقتحمين في يومٍ واحد إلى 2,960 مقتحماً، في حين كان الرقم الأعلى المسجل من قبل 2,200 مقتحم في سنتي 2022 و2023 على التوالي. في الوقت عينه، شكل قفزة في كثافة حضور المتطرفين اليهود في الأقصى من خلال رفع عدد الأفواج، فعند بداية الاقتحامات كانت فردية ثم أصبحت جماعية في 2006 وبدأ عدد الفوج الواحد من المقتحمين يزداد من 20 مقتحماً في الفوج حتى وصل 120 مقتحماً في 2023، واليوم ها هو يصل إلى 200 مقتحم في الفوج الواحد".

من جهة أخرى أشار زياد بحيص أن سلطات الاحتلال باتت تكرس للمقتحمين الساحة الشرقية للأقصى باعتبارها "كنيساً غير معلن"، وباتوا يؤدون كل طقوسهم فيه بحرية ويمنع المرابطون وحراس المسجد الأقصى من مجرد الاقتراب منهم بمسافة تسمح بالتصوير، وهو ما يكرس التقسيم المكاني ولو مؤقتاً، والجديد اليوم أن هذه الطقوس كلها نقلت إلى الساحة الغربية للمسجد الأقصى مقابل قبة الصخرة لتؤدى هذه الطقوس الجماعية العلنية لأول مرة هناك بهذا الشكل، في محاولة لإضافة مساحة جديدة باعتبارها "كنيساً غير معلن".

 

أبعادٌ جديدة في ظل العدوان على غزة

وفي حديث عن واقع تلك الاقتحامات بالتزامن مع حرب الإبادة على قطاع غزة، قال زياد بحيص "ما أضافته حرب غزة الحالية على الاقتحامات هو تكريس السيطرة على المسجد الأقصى باعتباره مركز عقدة قدرة صهيونية، فبعد هباتٍ متتالية وحربين انطلقت كلها لتواجه المشروع التصفوي الذي يريد حسم هوية المسجد الأقصى وتحويله إلى هيكل كمقدمة لحسم هوية فلسطين بأسرها، فقد بات الأقصى عملياً عنوان العجز عن الحسم، وهذا ما بات يجعل اليمين الصهيوني يصبح أكثر تمسكاً وإصراراً بالحسم فيه في محاولة لعدم التسليم للوقائع".

وأضاف في حديثه لقدس أن معادلة الحسم في الأقصى ما زالت ممكنة ولذلك بات الحرص على العدوان عليه أكبر، ويمكن قراءة ذلك بهذا الإصرار على ترديد شعار "شعب إسرائيل حي" في مسيرات الأعلام واقتحامات الأقصى، فكأن علامة حياته هي قدرته على العدوان على القدس وعلى الأقصى، وهذا ما يجعل الأقصى رغم الجراح ورغم صعوبة الحرب بوابة فرض الهزيمة في الوعي الصهيوني بتكرار المواجهة لحمايته ومنع حسم هويته، وما يؤكد أن معركة الدفاع عن هويته ما تزال مفتوحةً ومتجددة، وهذا ما قرأته المقاومة وطبقته عملياً إذ جدة استهدافها لتل أبيب في اليوم 312 للعدوان بعد هذا الاقتحام بساعات.

#حكومة الاحتلال #بن غفير #المسجد الأقصى المبارك #اقتحامات الأقصى