خاص - شبكة قدس الإخبارية: منذ بداية عام 2024 واغتيال الشيخ صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية بمدينة بيروت، وتصاعد المواجهة بين حزب الله وجيش الاحتلال على الجبهة الشمالية، تباينت التوقعات حول مستقبل هذه الجبهة بالتزامن مع حرب الإبادة على قطاع غزة.
كانت عمليات المقاومة المسلحة اليمنية في منطقة باب المندب، ارتداداً واضحاً من ارتدادات معركة طوفان الأقصى على المنطقة، وإيذاناً بأن ثمة أحداث قد تقع في خضم الطوفان، حتى جاءت حادثة استهداف السفارة الإسرائيلية في العاصمة السورية دمشق وما تبعها من ردٍ إيراني بعملية قصف للقواعد العسكرية الإسرائيلية في عمق فلسطين المحتلة، بشهر نيسان/إبريل 2024 الماضي.
بعد تلك الأحداث فُرضت عدة تساؤلات مفادها هل الاحتلال الإسرائيلي معني باندلاع حرب واسعة النطاق في المنطقة، فيما توجهت أغلب التحليلات للمشهد بأن الاحتلال لا يريد توسيع الحرب، غير أن القصف الإسرائيلي العنيف لميناء الحُديدة في اليمن قبل أسبوعين، ثم اغتيال القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية، ثم اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران يوم أمس، قد فرض تساؤلاً جديداً وهو: هل فتح الاحتلال الإسرائيلي حرباً واسعة النطاق فعلاً؟ تجيب هذه المادة عن السؤال وفق قراءات متعددة لمحللين ومختصين بالشأن الإسرائيلي.
الحرب الموسعة وإمكانية الحدوث
يقول المختص بالشأن الإسرائيلي محمد علان، إن المستوى السياسي داخل حكومة الاحتلال منذ بداية التصعيد مع حزب الله، صرح بإمكانية التوصل لحل دبلوماسي وتسوية، دون انفجار الأوضاع لصراعٍ شامل، في المقابل يسعى الاحتلال لترسيخ معادلة الردع التي بدأت بالتآكل، وهي ما تنطوي تحت مظلتها عمليات الاغتيال الأخيرة، ما يعني أن الاحتلال معني بالردع لا بالمواجهة الشاملة، ولكن إذا فرضتها المعطيات سيقوم الاحتلال بهذه المواجهة.
وأضاف علان أن الاحتلال قد أوصل رسائل لحزب الله، مفادها مقابلة أي ضربة ضد المستوطنين في الجبهة الشمالية ستُقابل بتوسيع الحرب، ولكن هناك إمكانية لاستيعاب ضربات الحزب ضد جيش الاحتلال وأهدافٍ عسكرية.
وعن التدخل الأمريكي في أي مواجهة قادمة، وضح علان أن النشاط العسكري الأمريكي في المنطقة، هو تهديد لأطراف المقاومة بعدم تنفيذ هجمات واسعة ضد الاحتلال، ولكن إذا ما تدحرجت المجريات إلى قتال عنيف، سيكون هناك تدخل أمريكي مباشر، وفي حالة توجيه ضربة إيرانية ضد دولة الاحتلال ستُقابل بضربات إسرائيلية بمساعدة أمريكية لقلب إيران.
المنطق الإسرائيلي والحاجة لحرب شاملة
وفي حديث خاص لشبكة قدس، يؤكد المحلل السياسي محمد القيق، أن هنالك حاجة إسرائيلية مُلحة لحدوث حرب شاملة وفق رغبة أمريكية، لخلق تشكيلٍ جديد تكون عليه المنطقة، ولترسيخ ما يسمى "بالتحالف الإبراهيمي" الذي تمخض عن عمليات التطبيع العربية – الإسرائيلية.
وأضاف القيق أن تطبيق كل ذلك يتم في حرب مباشرة، لإنهاء بؤر المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن، التي تهدد المخططات الأمريكية والغربية في المنطقة، ويوضح القيق أن الحرب تجري على أرض الواقع وإن كانت بشكل محدود النطاق نسبياً، وسط تبريد إعلامي مفاده أن دولة الاحتلال لا تريد حرب شاملة، ولكنها في الواقع تقوم بها على شكل ضربات خاطفة وستسمر على هذا النحو طالما استمرت المقاومة بالمنطقة.
موقف جيش الاحتلال من الحرب واسعة النطاق
ويؤكد المختص بالشأن الإسرائيلي أنس أبو عرقوب أن قيادة جيش الاحتلال كانت على رغبة كبيرة بشن حربٍ ضد حزب الله في لبنان، غير أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو قد منعهم من ذلك، بخلاف رغبة غانتس، ويضيف أبو عرقوب أن مع تطور مجريات القتال في غزة، وشعور جيش الاحتلال باستعادة قدراته العسكرية الكافية لفتح جبهة قتال على الحدود الشمالية، وهو مسألة وقت ليس أكثر.
وأضاف أبو عرقوب أن دولة الاحتلال لا يمكن أن تتقبل تهجير المستعمرات الشمالية، وفرض حزب الله لقواعد الاشتباك هناك، مع استمرار الغطاء السياسي الذي تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وهو ما سيستغله الاحتلال لتحقيق معادلة ردع ضد حزب الله.
وقال أبو عرقوب إن دولة الاحتلال تُهيء الرأي العام الدولي لشن حرب واسعة ضد لبنان، وتطبيق ما فعله بقطاع غزة وهو إضعاف قدرة حزب الله الصاروخية كما فعل ضد حماس والجهاد الإسلامين يحدث هذا كله في ظل البعد الجغرافي لليمن وإيران التي ستكون محاولاتها لدخول الحرب ورشقاتها الصاروخية ضد الاحتلال، عرضةً لمنظومات الدفاع الجوي في المنطقة العربية.
في الختام، يتم ذلك كله وسط صمت من قبل حزب الله، وتصريحاتٍ إيرانية مقتضبة عن حادثة اغتيال إسماعيل هنية على أراضيها، فيما يتوقع الاحتلال رداً عسكرياً مجهول النطاق والحجم والتوقيت ستشهده المنطقة، بعد عمليات الاغتيال الأخيرة.