تحاول عواصم عربية منع تطبيق اتفاق المصالحة الفلسطينية في العاصمة الصينية تماشيا مع عدة ملفات ترغب بها أمريكا في المنطقة لتبديد تخوفاتهم وتجهيز مخططاتهم المختلفة:
- منع الصين وروسيا وأي دولة غير عربية من التدخل في القضية الفلسطينية، هذا التدخل الذي من شأنه أن يسرّع في إعادة الحقوق والامتثال للقوانين الدولية.
- الانقسام الفلسطيني مصلحة أمريكية، كذلك مصلحة لعواصم عربية ما زالت تحتكر الوساطة الضعيفة لتفريغ طوفان الأقصى من مضمونه السياسي وتحويله لمساعدات وإخراج رهائن، وتعمل هذه العواصم بإعلامها وقوتها الأمنية وخططها على تعزيز الانقسام وتأجيج الأمور بين الفلسطينيين لدفن اتفاق بكين أو على الأقل تجميده لصالح الرغبة الأمريكية وفكرة تشتيت الجهود واللعب على وتر عدم التوافق الفلسطيني؛ لتسهيل تمرير مخططات ابتزاز أمنية استغلالا للتنافر وعدم الوفاق.
- وجود الوحدة الفلسطينية يعني شرعنة الفصائل الفلسطينية دوليا، وتمثيلا موحدا، وتفعيلا لجهود تشكيل الدولة الفلسطينية المستقلة، وهذا بحد ذاته انتصار مباشر لطوفان الأقصى وتطبيق للقانون الدولي الذي منح الفلسطينيين حق إقامة الدولة، وبالتالي فإن وحدة الفلسطينيين تعتبر اغتيالا لأخطر مشروع تصفية لقضيتهم وهو اتفاق اوسلو الذي صاغته أمريكا بمقاسات تمنع قيام دولة فلسطين وتبقي "إسرائيل" دولة وقوة وردعا، ما يعني أن هناك تسللا دوليا خطيرا إلى ملعب أمريكا في الشرق الأوسط يرونه صفعة لأحادية القطبية.
- من اليوم الأول للحرب على غزة تمنع أمريكا وساطة دولية وتبقيها فقط عربية من باب إبقاء السيطرة وتنفيذ أوامراها، ولا يقوم بذلك إلا وسيط عربي ضعيف، كذلك ترويض المجتمع الدولي أن "إسرائيل" جزء من المنطقة وأن حل مشاكلها مع الإرهاب الفلسطيني يساهم فيه العرب الجيران، وهذا تطبيع كون العرب وسيطا وليسوا عدوا لها، وبالتالي منع المصالحة الفلسطينية برعاية دولية حتى لا تفلت الأمور إلى ما بعد المصالحة.
- اتفاق بكين إحراج للرواية الأمريكية التي تقول إن المقاومة الفلسطينية إرهاب، وكذلك هي صفعة للأنظمة العربية التي تحارب حماس وتحظرها، وهو سحب للبساط من تحت مخطط اليوم التالي للحرب برعاية قوة عربية، حيث الوحدة تبدد مبررات هذه القوة، وبالتالي تصبح عواصم العرب عائقا للتحرير في حال عدم تعاطيها مع حكومة وحدة فلسطينية.
ختاما… ستعمل عواصم عربية بكل ثقلها سواء بإعلامها المؤجج للانقسام أو بدعم خطط أمنية أو بتداول أسماء في داخل حركة فتح على ندية مع عباس لابتزازها ومنعها من التحالف مع حماس في حكومة ستقصر مسافات الوصول للدولة المستقلة ومنع الإبادة المستمرة.
الجهد هذا سيكون ملحوظا، وسينشرون روايات وأخباراً تعزز الانقسام وتوسع الفجوات، فالذي على مدار 10 أشهر لم يمنع قتل الأطفال ويتبجح أنه وسيط حتما ستراه يحبط أي اتفاق وحدة حتى لا تتضرر مصالح الأنظمة ومن خلفها داعمها الأمريكي.
"الأشقاء الفلسطينيون" هي كلمة السم التي تزين أنظمة العرب خطاباتهم بها لتخدير شعوبهم وتمرير مخططات أمريكا، وما رأى الفلسطيني من هذه الجملة إلا الشقاء، فلا دولة ولا إسناد ولا هيبة ولا حتى عدم تدخل ومنع إثارة فتنة داخلية.
الأشقاء الذين تزينون خبثكم بذكرهم طعنتم أمنهم القومي يوم أن اعترفتم بسارق أرضهم أنه جار ودولة واتفاقيات وزورتم الخريطة وشطبتم أرض الأشقاء وكتبتم "إسرائيل"، وتقزم دوركم إلى متفرج ووسيط.