فلسطين المحتلة - خاض شبكة قُدس: كشف مصدر قيادي في كتيبة طوباس خلال حديث مع "شبكة قدس"، عن تفاصيل الأساليب التي تتخذها الأجهزة الأمنية الفلسطينية في ملاحقتها لأفراد الكتيبة، والي تنوّعت بين التشهير والتشويه، وتفكيك العبوات، والتهديد بالقتل، واعتقال الأهالي والمقرّبين، ومحاولات تأليب الرأي العام ضدّهم.
ومنذ نحو شهرين بعد اعتقال الأجهزة الأمنية للقائد في كتيبة طوباس، بكر العباس، مساء الـ 31 من مايو/أيار الماضي، دخلت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في حالة استنفار، تركّزت على مطاردة أفراد الكتيبة، بحجج وذرائع واهية، عنوانها "مصادرة المركبات غير القانونية، أو تجّار المخدرات، أو المتهمين بقضايا جنائية" إلا أن الكتيبة بريئة من كلّ هذه التهم التي تحاول السلطة اتخاذها ذريعة لاعتقال الشباب المقاوم، وفق ما يقول القيادي في الكتيبة.
وكانت الأجهزة الأمنية قد اعتقلت بكر العباس خلال تواجده في منطقة جبلية خارج مدينة طوباس. وبحسب القيادي في الكتيبة فإنه تبيّن لاحقًا أن العبّاس كان مراقبًا من عناصر الأجهزة الأمنية الذين لاحقوه وأطلقوا النار عليه ثم اعتقلوه، ومنذ ذلك الوقت ما زال رهن الاعتقال بتهمة "حوادث إطلاق نار" علمًا أنه لا يطلق النار إلا على الاحتلال، وعند اعتقاله كان قائمًا يصلّي، وليس في حالة تخالف القانون.
وتابع القيادي: "زادت شهيّة السلطة لملاحقة الكتيبة بعد اعتقال العبّاس، حيث اقتحمت الأجهزة الأمنية بعدها بأيام، منزلًا يأوي أفرادًا من الكتيبة لكن لم يتواجد فيه أحد لحظة الاقتحام، وحينها صادرت الأجهزة الأمنية أسلحة ومعدّات عسكرية تابعة للكتيبة، وما زالت حتى اللحظة ترفض تسليمنا إياها".
ووفق الكتيبة، بعدها بأيام عادت الأجهزة الأمنية لتلاحق القائد البارز في الكتيبة، والمطارد للاحتلال، والمعتقل السابق لدى الأجهزة الأمنية، أحمد أبو العايدة، وطاردت مركبته وأطلقت النار مباشر عليه، لكنها لم تتمكن من اعتقاله، بعد أن سيطرت الأجهزة الأمنية على مركبته وعلى سلاحه الخاص "الناتو"، ومؤخرًا اعتقلت الناشط في الكتيبة، وديع فقهاء، مساء الخميس الماضي.
كما تنشط الأجهزة الأمنية في الآونة الأخيرة بعمليات تفكيك العبوات المتفجرة التي تزرعها الكتيبة، مدعية بذلك الحفاظ على حياة المدنيين كما قال محافظ طوباس أحمد الأسعد في مقابلة سابقة مع "شبكة قدس". غير أن القائد في الكتيبة ردّ قائلًا: "عندما نزرع العبوات، نراعي فيها ظروف الناس، بأن لا تكون بين الأماكن المكتظة، أو قريبة من الممتلكات العامة، أو الخاصة والمحلّات، أو قرب المدارس، ونزرعها بحذر في الطريق الذي تسلكه آليات الاحتلال، ونتعامل بكل مسؤولية ونراعي التدابير اللازمة كي لا يصاب أيّ فلسطيني بضرر منها، ولم يسبق أن حصل ذلك".
وتنشط عمليات تفكيك العبوات المتفجرة تحديدًا في مدينتي نابلس وطوباس، نظرًا لطبيعة عمل الأجهزة الأمنية فيها بشكل أوسع من المخيمات مثل مخيم جنين أو مخيم نور شمس، وكان ثلاثة عناصر من الشرطة الفلسطينية قد أصيبوا خلال محاولتهم تفكيك عبوة متفجرة في نابلس، في الرابع من الشهر الجاري.
وعلمت "شبكة قدس" من مصادر خاصّة أن أحد أفراد الشرطة وصفت إصابته بالحرجة، على إثرها نقل للعلاج في مستشفى "إيخيلوف" في تل أبيب، لكن لم يستكمل علاجه بعد أن أخرجته إدارة المستشفى لإفساح المجال للمرضى الإسرائيليين، والآن يتعالج في المستشفى الاستشاري.
ولم تكن حادثة إصابة أفراد الشرطة، رادعة للتوقف عن تفكيك العبوات، حيث كشف القيادي في الكتيبة أنهم علموا من مصادرهم الخاصّة بأن الأجهزة الأمنية تعمل على وضع العبوات في أماكن قريبة من التجمعات السكنية، ثم تحضر للموقع وتدعي تفكيك العبوة والسيطرة عليها، وتروّج بعدها أن الكتيبة زرعتها بين الناس وقد تلحق ضررًا بالأطفال والمارّة؛ وذلك في محاولة لتشويه صورة الشباب المقاوم، وتأليب الرأي العام، ونزع الحاضنة الشعبية عنهم.
وتتخذ السلطة خطوات أخرى لتشويه العمل المقاوم، أبرزها تفريغ مجموعات شأنها أن تعمل على تشويه كتيبة طوباس، وتأليف روايات مشوّهة عن أفرادها، واتهامهم بأفعال باطلة، وما هو أخطر من ذلك، وفق القيادي في الكتيبة، هو ضلوع أفراد مفرّغين على كادر الأجهزة الأمنية يعملون على إطلاق النار في ساعات الليل بين الحارات والأزقة وفي شوارع طوباس، ويروجون أن هذه الأفعال من أفراد الكتيبة، بالإضافة إلى تخريب الممتلكات العامة واتهام الكتيبة فيها كما جرى عند إطلاق النار على محوّل الكهرباء الرئيسي في طوباس قبل عدّة أيّام، والذي على إثره قطعت شبكة الكهرباء بالكامل عن المدينة، علمًا أن الكتيبة بريئة من كلّ الأفعال المذكورة.
وتتفادى الكتيبة وفق القيادي فيها، أي مواجهة مباشرة بينها وبين الأجهزة الأمنية رغم عمليات الاستهداف المباشر بحقّها، حيث تعمل الكتيبة "مضطّرة أحيانًا للرد على مهاجمتها عبر استهداف مباني الأجهزة الأمنية مع تجنب إطلاق النار المباشر على العناصر لأن رصاصها ليس موجّهًا صوب الفلسطينيين، والهدف من ذلك إيصال رسالة للأجهزة الأمنية بأن أيدي الكتيبة ليست عاجزة، لكنها موجّهة للاحتلال عند الاقتحام".
والمؤسف بحسب تعبير القيادي في الكتيبة؛ هو أن السلطة باتت تنتهج أسلوب الاحتلال في ملاحقة ذوي أفراد الكتيبة واعتقال أهاليهم على قاعدة "تدفيع الثمن"، كما جرى مؤخرًا عند اعتقال حامد المسلماني، وهو شقيق المطارد في الكتيبة عمران المسلماني حيث تعرّض شقيقه للإهانة والشتم والضرب والتهديد، وحمّلوه رسائل بأن يسلّم شقيقه نفسه، قبل أن يفرج عنه بعد الاعتقال بساعات.
ويعتبر كلّ أفراد كتيبة طوباس مطاردين للاحتلال، غير أنهم باتوا مطلوبين للأجهزة الأمنية الفلسطينية أيضًا، وتحديدًا للجنة الأمنية في سجن أريحا، التي أوصلت رسائل عبر المفرج عنهم مؤخرًا من سجونها بأنهم مصممون على إنهاء الحالة المقاومة في طوباس، حتى لو كان ذلك على حساب أرواح أفراد الكتيبة، كما يوضح القيادي فيها.
ويقول: "السلطة أوصلت لنا رسائل بأن علينا تسليم أنفسنا مقابل الحصول على عفوٍ من الاحتلال، لكن ذلك هدفه الأساسي إنهاء حالة المقاومة، والاحتلال أوصل رسائل لنا بأننا لو سلّمنا أنفسنا سنبقى في دائرة الاستهداف، لذا خيارنا النهائي هو استمرار المقاومة".
وتصعّد السلطة من محاربتها للكتيبة حتى طال ذلك من يتعاون معهم في إيصال الطعام لهم، حيث وجّهت تهم لنشطاء بأنهم أفراد في الكتيبة، ولاحقًا تم تحويل ملفاتهم لدى الاحتلال، وباتوا في دائرة المطلوبين، علمًا أنهم لم يحملوا السلاح في المواجهة والتهمة هي إما إيصال مطارد من مكان لآخر، أو مساعدته في أمور حياتية.
وتعاني كتيبة طوباس من صعوبة في المواجهة مع الاحتلال، حيث أن بيئة المدينة مكشوفة جغرافيًا كونها غير جبلية، وليست كما مخيّمات جنين وطولكرم حيث تعمل هناك الكتائب على قدرٍ أعلى في الأمن بعيدًا عن ملاحقة الأجهزة الأمنية داخل المخيم، خلافًا لمدينة طوباس التي تكثر فيها الحواجز الأمنية، بحجة ملاحقة المركبات غير القانونية، علمًا أن السلطة تعلم أن المطارد لا يستطيع التنقل والكرّ والفرّ من الاحتلال إلا بمركبة غير قانونية.
وختم القيادي حديثه قائلًا: "رسالة الكتيبة أننا والحمد لله على درب الشهداء.
وحاولت "شبكة قدس" الحصول على تصريح جديد من محافظ طوباس أحمد الأسعد إلا أنه لم يرد على اتصالاته، وتفتح "شبكة قدس" الباب أمامه للتعليق والرد.
ونفذت المقاومة الفلسطينية في طوباس، منذ مطلع العام الجاري، 142 عملا مقاوما، منها 48 عملية إطلاق نار واشتباكات مسلحة، بالإضافة إلى 34 عملية تفجير عبوات ناسفة، و5 عمليات إعطاب آليات عسكرية، وعملية طعن، بالإضافة إلى 43 مواجهة مع قوات الاحتلال و11 مظاهرة.