خاص - شبكة قدس الإخبارية: مع توسع الاجتياح البري لجيش الاحتلال في رفح، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيطرته على محور فيلادلفيا، بدعوى أهميته الاستراتيجية وضرورة تدمير أنفاق حماس في المنطقة.
مؤخراً وفي جولة المفاوضات الأخيرة بين حماس والاحتلال عبر الوسطاء حول وقف إطلاق النار وإجراء صفقة تبادل، ظهر محور فيلادلفيا كنقطة خلافٍ بارزة، إذ اعتبرت حماس الانسحاب الإسرائيلي من المحور شرطاً أساسياً من شروط إتمام التفاهمات، فيما رفض الاحتلال ذلك كلياً، فكيف أدخل الاحتلال المحور كورقة ضغط في المفاوضات وما أهميته؟
خلفية تاريخية.. منطقة حدودية عازلة
على امتداد 14 كيلومتر يقع محور فيلادلفيا على الأراضي الفلسطينية ليشكل شريطاً حدودياً عازلاً بين فلسطين المحتلة وأراضي سيناء المصرية، ويمثل منطقةٍ حدودية وأمنية تخضع لاتفاقات بين مصر والاحتلال الإسرائيلي.
يمتد المحور من ساحل البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً مُشكلاً نقطة التقاء حدودية بين قطاع غزة ومصر والأراضي المحتلة عام 1948، مع تكوينه لمنطقةٍ عازلة بين قطاع غزة ومصر.
ظهر اسم محور فيلادلفيا بعد توقيع اتفاقية "كامب ديفد" بين مصر والاحتلال عام 1979 والتي كان من بنودها إقامة منطقةٍ عازلة على طول الحدود بين الطرفين، وتخضع المنطقة من الجانب الفلسطيني إلى السيطرة العسكرية الإسرائيلية مع نشرٍ للمدرعات وكتائب المشاة على الحدود، وبقيت هذه السيطرة إلى حين الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وتسليم المحور للسلطة الفلسطينية مع إشراف الاتحاد الأوروبي، مع استمرار سيطرة جيش الاحتلال على المنطقة الحدودية بين الأراضي المحتلة وقطاع غزة ومصر.
سيطرة جديدة.. حصار جديد
بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007 أصبح المحور تحت سيطرتها بشكلٍ مباشر، فرض الاحتلال بعد ذلك حصاراً خانقاً على قطاع غزة، مع تصاعد دعاية إسرائيلية تتدعي وجود مئات الأنفاق التي أنشئتها حركة حماس أسفل محور فيلادلفيا واستخدامها بتهريب السلاح والمواد التموينية من سيناء المصرية.
وخلال الحروب السابقة على قطاع غزة شنت طائرات الاحتلال غاراتٍ مكثفة على المنطقة العازلة بدعوى تدمير أنفاق حماس هناك، إضافة لنقاشات داخل حكومات الاحتلال لإعادة احتلال المحور خلال الحروب السابقة على قطاع غزة، وبقيت هذه المسألة خلافيا دون تنفيذها.
تاريخ من الضربات
ولطالما كانت قوات الاحتلال في محور فيلادلفيا هدفاً للمقاومة أثناء التواجد في قطاع غزة قبل الانسحاب عام 2005، أبرز هذه العمليات تفجير ناقلة جند لجيش الاحتلال بعد استهدافها من قبل سرايا القدس في شهر أيار 2004 وقد أدت العملية إلى مقتل 6 جنود وتمير الناقلة بالكامل، فضلاً عن عشرات عمليات إطلاق قذائف الهاون.
وخلال حرب الإبادة الحالية في قطاع غزة، نفذت كتائب القسام عملية استهداف لناقلة جند من طراز "نمر" بقذيفة مضادة للدروع ما أدى لاحتراقها بالكامل ومقتل 8 من ضباط وجنود الاحتلال بها صباح 15 حزيران الماضي، إضافة لاستهداف آلية عسكرية من نوع "أوفك" بصاروخ "السهم الأحمر الصيني" ما أدى لتدميرها في المنطقة الحدودية قرب المحور.
محور فيلادلفيا والضغط في المفاوضات
أدخل الاحتلال محور فيلادلفيا في المفاوضات كنقطة ضغط إضافية على حماس للقبول بشروط التفاوض، وقد تم ذلك بعد اجتياح جيش الاحتلال لمدينة رفح واحتلال المحور بالكامل.
ترفض حماس أي موافقة على التفاهمات دون تنفيذ الاحتلال لشرطها بالانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم، فيما يرفض الاحتلال ذلك لرغبته بإبقاء جيش الاحتلال في المحوريين الرئيسيين شمال وجنوب قطاع غزة.
وعن فيلادلفيا يُبرر الاحتلال ضرورة إبقاء السيطرة عليه لمنع حماس من بناء قدرتها العسكرية عبر أنفاق التهريب مع مصر، مع وجود لواء عسكري كامل من جيش الاحتلال يسيطر على الموقع يٌطلق عليه اسم "لواء فيلادلفيا" مع بناء جدار أمني تحت الأرض لمحاربة الأنفاق.
الموقف المصري
قُبيل الاجتياح البري لمدينة رفح، صرحت الحكومة المصرية بأن المحاولات الإسرائيلية لمحور فيلادلفيا من الممكن أن تقوض اتفاقات السلام بين مصر والاحتلال، وأن مصر ستمنع أي محاولات لتغير حدودهان وبعد الاجتياح البري واحتلال المحور لم تبدي الحكومة المصرية موقفاً جاداً حول الموضوع.
فيما بعد اقترح الاحتلال إقامة جدار ذكي أسفل المحور لمنع الأنفاق الفلسطينية ومحاربتها ولم تبدي الحكومة المصرية أي اعتراض على ذلك المقترح.
لم يتعارض الموقف المصري مع موقف الاحتلال بضرورة إنشاء جدار مراقبة تحت الأرض لمحاربة الأنفاق إذا ما تحملت الولايات المتحدة الأمريكية تكلفة ذلك.
وتعارض مصر أي تغيير يحدثه الاحتلال في حدودها مع فلسطين المحتلة، دون الممانعة مع تقوية تلك الحدود.