خاص - شبكة قدس الإخبارية: عُقدت العديد من جولات التفاوض للتوصل إلى اتفاق إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال من خلال وساطات عربية وإقليمية، وفي كل مرة تُنسف هذه المحاولات بعد تعنت الاحتلال تارة، ومحاولة التلاعب بالبنود تارةً أخرى، غير أن مُجمل مجريات جولات التفاوض تؤكد أن رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو هو من يُعطل هذه الجولات في كل مرة.
أما جولة المفاوضات الأخيرة التي دارت خلال شهر تموز الحالي في العاصمة القطرية الدوحة، فقد فشلت كلياً بعد محاولات الاحتلال المتواصلة للإلتفاف على بنود الصفقة والتلاعب بها، إضافةً إلى ارتكاب المجزرة المروعة في مواصي خانيونس، والتي كانت المسمار الأخير في نعش جولة التفاوض، مع اتهامات "نتنياهو بعرقلتها.
وعقب المجزرة توقفت المفاوضات بتصريحٍ صحفي من الناطق باسم الحركة جهاد طه لشبكة قدس، وقال فيه: المفاوضات هي بالأصل توقفت منذ أيام نتيجة التعنت الإسرائيلي والإصرار على وضع شروط جديد خارج المقترح الذي تم التوافق عليه، والرواية الإعلامية الاسرائيلية حول استهداف الضيف عارية عن الصحة وهدفها التبرير والتغطية على المجزرة التي ارتكبت في منطقة المواصي " خان يونس."
تصاعد احتجاجات وهروب من المسؤولية
عقب فشل جولة المفاوضات الأخيرة ازدادت حدة المظاهرات الغاضبة من فشل المفاوضات ضمن حراك يقوده ذوي أسرى الاحتلال منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وحمل الأهالي حكومة الاحتلال وعلى رأسها نتنياهو مسؤولية مواصلة احتجاز أسراهم في قطاع غزة، غير أن "نتنياهو" كان قد أسقط كافة هذه الاعتبارات منذ اليوم الأول للحرب، لتحقيق مكاسب سياسية خاصة به.
وحول ذلك يقول الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات إن الكل الإسرائيلي داخل مجتمع الاحتلال يعلم أن من يُعطل المسار التفاوضي هو "بنيامين نتنياهو" وهذا ينعكس على اتساع حدة المعارضة الجماهيرية له.
ويوضح بشارات أسباب إفشال "نتنياهو" للمفاوضات نظراً للمسؤولية الواقعة عليه في حال انتهاء الحرب؛لأن انتهاء الحرب يعني أن "نتنياهو" سيتحمل المسؤولية الكاملة عن الإخفاقات منذ السابع من أكتوبر حتى اليوم، إضافةً إلى ذلك يُحقق "نتنياهو" تعزيزاً لشخصيته السياسية على صعيدٍ عالمي، وقطع الطريق على الإحزاب المُعارضة التي تحاول إزاحته عن سدة الحكم.
أما عن وسائل "نتنياهو" في إفشال مفاوضات الصفقة فيقول بشارات: "نتنياهو يقوم بعرقلة المفاوضات عبر ارتكاب المجازر في قطاع غزة وآخر هذه المجازر كانت في مواصي خانيونس، نتج عنها إعلان حركة حماس عن وقف المفاوضات، وبهذا نجح نتنياهو بدفع الكرة إلى ملعب حركة حماس ثم اتهامها بإفشال التفاوض."
وبعد هذه الجولات يرى بشارات أن "نتنياهو" يُريد وقف القتال في قطاع غزة ولا يريد وقف الحرب، ويتحقق ذلك من خلال إبقاء محورين "نتساريم" و "فلاديلفيا" تحت سيطرة جيش الاحتلال ما يمكنه من تنفيذ عملياتٍ عسكرية في قطاع غزة متى أراد وتقسيم القطاع، إضافة إلى رغبته بإطالة فترة رئاسته للحكومة قدر الإمكان.
واقع يتفاقم داخل دولة الاحتلال
وعن تركيبة حكومة الاحتلال وتعاطيها مع صفقة التبادل يرى المختص في الشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس أنه لا يوجد رغبة لأي سياسي في حكومة الاحتلال بالقبول في صفقة تبادل مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، لأن قبول ذلك سيضع دولة الاحتلال أمام واقع كارثي مع طرح أسئلةٍ وجودية عن واقع دولة الاحتلال ومستقبلها، وإمكانية تعاملها مع الفلسطينيين بعد أن هُزمت بأول مواجهةٍ فعلية مع المقاومة الفلسطينية، إضافةً إلى وضع الاحتلال أمام مشكلةٍ مع أنظمة التطبيع العربية، والتي سوق لها الاحتلال نفسه بأنه الأقوى في المنطقة والأقدر على إلحاق الهزيمة بإيران.
ويرى أبو العدس استحالة قبول "نتنياهو بصفقة تبادل دون انتزاعه لصورة نصرٍ في قطاع غزة عبر إضعاف حركة حماس قدر الممكن ومحاولة تحصيل ضمانات بعدم شن حماس لهجوم مشابه ليوم السابع من أكتوبر، وهذا ما يريده "نتنياهو".
ويؤكد عزام أبو العدس أن "نتنياهو" ماضٍ في خيار الحرب في قطاع غزة رغم استنزاف جيش الاحتلال هناك، أو التوجه لحربٍ واسعة ضد حزب الله في لبنان ، لأن العقيدة الأمنية الإسرائيلية لا تقبل وجود خطرٍ عسكري قريب بحجم حزب الله، مع إصرار المستوطنين على عدم العودة إلى المستوطنات الشمالية حتى إزالة خطر حزب الله، وهذا يعني أن "نيتنياهو" قد أدخل دولة الاحتلال في دوامة من المواجهة والمخاطر الأمنية في عدة جبهات.
تدور المعركة في شهرها العاشر مع فشل إسرائيلي يعقب الآخر في قطاع غزة يحاول جيش الاحتلال تغطيته عبر المجازر المروعة، إضافة إلى تصاعد عسكري غير مسبوق ضد حزب الله على الجبهة الشمالية، فضلاً عن الشلل الاقتصادي الذي ضرب ميناء إيلات جراء هجمات "الحوثيين" على السفن الأمريكية والبريطانية المتجهة إلى فلسطين المحتلة عبر ميناء إيلات، وفي تخبطٍ إسرائيلي واسع على كافة المستويات وغياب أُفقٍ حقيقي للحل.