شبكة قدس الإخبارية

تقريرالمجازر الإسرائيلية.. قراءة في تاريخ عقيدة الإبادة

WhatsApp Image 2024-07-13 at 3.50.56 PM
يزن حاج علي

خاص - شبكة قدس الإخبارية: يحمل تاريخ القضية الفلسطينية في جانبٍ منه على فصلٍ من المجازر الممتدة منذ نشأة القضية، وقعت هذه المجازر كتطبيق للسياسة الإستعمارية الإسرائيلية في حرب الإبادة الجماعية المتواصلة منذ حرب النكبة عام 1948 واتسعت على امتداد العقود.

وقد كُتب للأجيال الفلسطينية الجديدة أن تشاهد بل وتعيش نسخاً جديدة من المجازر، فاقت كل ما ارتكبه الاحتلال خلال سنوات الصراع، وبعد مجازر الإبادة التي ارتكبها جيش الاحتلال في عدوانه الحالي على قطاع غزة، فأي خلفية عقائدية تدفع جيش الاحتلال لارتكاب هذه المجازر نحاول الإضاءة عليها في هذه المادة.

تأسس جيش الاحتلال في أعقاب النكبة عام 1948 من العصابات الصهيونية التي قامت بعمليات تطهير عرقي في القرى والمدن الفلسطينية، حيثُ دُمجت هذه العصابات وأُعيد تشكيلها تحت ما يُسمى بجيش نظامي، ولكن الواقع يقول إن جيش الاحتلال  وبعد تطور بنيته التنظيمية إلا أن عقلية الميليشيات الإرهابية بقيت ملاصقة له عبر الزمن.

 

كيان الإبادة.. بداية فصل المجازر
بدأ فصل المجازر بعد صدور قرار تقسيم فلسطين عام 1947 الذي منح مساحات واسعة من أراضي فلسطين لتُقام عليها دولة الاحتلال، وعلى إثر القرار أطلقت العصابات الصهيونية جنودها للسيطرة على أكبر قدرٍ ممكن من الأرض من خلال مهاجمة القرى والأحياء الفلسطينية وتدميرها، مع ارتكاب مجازر مروعةٍ بها أودت بحياة الآلاف من الفلسطينيين.

أبرز هذه المجازر مجزرتي دير ياسين والنطنطورة، ومجزرة قرية يازور في يافا عام 1948 إضافة إلى عشرات المجازر التي لم توثق ولم تُكشف إلى حد الآن، تلك التي وقع بها تدمير قرى  على من فيها ودفن الشهداء في مقابر جماعية على غرار ما يحدث في قطاع غزة اليوم، وتنطوي هذه المجازر تحت مظلة سياسة التطهير العرقي الذي يشمل قتل كل من بالقرية وتدميرها لتصبح أثراً بعد عين.

يستمد جيش الاحتلال عقيدته الدموية هذه من أسفار التوراة المُحرفة والتلمود الديني، والتي تبيح لليهود قتل العرب لمنع أي تهديدٍ ديموغرافي على "مملكة إسرائيل الكبرى"، وفي الواقع تُمارس هذه المجازر كسياسة تطهيرٍ عرقي ذات جذور استعمارية، تُنهي وجود الفلسطينيين بالقتل والتشريد، لإحلال وفود اليهود القادمين من كل دول العالم في فلسطين مكان السكان الإصليين.

وبحسب أحد أسفار التوراة، يتم مخاطبة اليهود بالنص الصريح أن عند ذهابهم إلى الأرض التي وعدهم الله بها، يتوجب عليهم قتل سكانها وطرهم وعدم الشفقة عليهم، ومن العقائد التوراتية التي تدعو لذلك عقيدة "يوشع بن نون" وهي العقيدة التي ذكرها أحد قادة الاحتلال القدامى "ديفد بن غوريون" ودعى إلى وجوب استمرارها في أوساط جنود الاحتلال لتستمر "دولة إسرائيل" على حد قولهم.

ومن الأقوال التوراتية الشهيرة: "ومن يسفك دم غير يهودي فإنما يقدم قرباناً للرب" ويروج هذه المقولة الحاخامات ويسعون لبثها بين قطعان المستوطنين لتشجيعهم على ارتكاب جرائم القتل والحرق ضد القرى الفلسطينية في الضفة الغربية.

ومنذ قيامها اتخذت الحركة الصهيونية نهجاً لتثبيت جذورها في فلسطين، يقوم هذا النهج على فكرة تهجير الفلسطينيين وقتل من بقي منهم، وهناك نهجاً آخر اقتضى بضرورة ارتكاب مجازر بغرض ترهيب الفلسطينيين وهذا ما وقع في النكبة.

بعد وقوع النكبة وتشكيل منظمة التحرير الفلسطينية في الدول العربية، سعى جيش الاحتلال إلى استهداف فصائل المقاومة بعدة عمليات عسكرية في لبنان في ثمانينات القرن الماضي، وقد نفذ جيش الاحتلال العديد من المجازر استهدفت الفلسطينيين واللبنانيين في لبنان تحت ذريعة محاربة خطر منظمة التحرير.

 

مجازر برغبة القتل ودعاية محاربة المقاومة
مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 عاد جيش الاحتلال إلى وجهه الحقيقي وجذوره الإجرامية بتنفيذه مجازر مروعة بذريعة قمع الانتفاضة، وتصفية قادتها، حينها وجد الاحتلال الإسرائيلي فرصته الأكبر بالتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكة والاشتراك بدعاية الحرب ضد الإرهاب، تلك الدعاية كانت من مبررات رئيس وزراء جيش الاحتلال ارائيل شارون بعد كل مجزرة يرتكبها جيشه، أبرز تلك المجازر قصف طائرات "الإف 16" لعمارة سكنية بحي الدرج في مدينة غزة في تموز عام 2002 ارتقى على إثرها نحور 20 فلسطينياً من النساء والأطفال من بينهم قائد كتائب القسام صلاح شحادة وزوجته وطفلته، وقد برر شارون مجزرته باغتيال أبرز "المطلوبين" في الانتفاضة.

كانت انتفاضة الأقصى إيذاناً بعودة المجازر الأسرائيلية بعد مرور عقود على النكبة، استباح بها جيش الاحتلال المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية في الضفة والقطاع وعاث بها الفساد، ولطالما كانت مجزرة مخيم جنين عام 2002 أبرز هذه المجازر التي تحنتفظ بها الذاكرة، إذ عمد جيش الاحتلال على اجتياح المخيم بالدبابات ثم قصفه بطائرات الإباتشي، وبعد مرور أسبوعٍ على بدء الاجتياح انقشع الغبار عن مجزرة مرعة قضى بها أكثر من 50 فلسطينياً نحبهم مع هدم المخيم وتسويته بالأرض، وكانت ذريعة الاحتلال لتنفيذ المجزرة، تفكيك مجموعات المقاومة في المخيم.

 

فشل عسكري يُفرغ بالمجازر
في منتصف عام 2006 وبعد خطف المقاومة للجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" نفذ جيش الاحتلال عدواناً عسكرياً على قطاع غزة ارتُكبت به عدة مجازر ارتقى على إثرها أكثر من 400 فلسطيني، ومع مرور كل يوم من ذلك العدوان وفشل جيش الاحتلال باستعادة جنديه المخطوف، كانت ترتفع حدة المجازر في قطاع غزة.

استمرت هذه الاستراتيجية الإسرائيلية إلى يومنا هذا، يحصد الاحتلال الفشل تلو الفشل في حربه على الشعب الفلسطيني، يُقابل ذلك بإمعانه في القتل والتطهير العرقي تجلى ذلك واضحاً في العدوان على قطاع غزة عام 2008-2009، ثم مجازر عدوان 2014 ويُذكر منها مجزرة حي الشجاعية، وصولاً إلى المجازر التي عقبت طوفان الأقصى.

 

الضفة الغربية.. موعد جديد مع المجازر
خلال الاقتحامات الأخيرة للضفة الغربية نفذ جيش الاحتلال العشرات من حالات الإعدام الميداني ضد الفلسطينيين، برز ذلك في أحد اقتحامات مدينة نابلس خلال شهر شباط 2023 وارتقى في ذلك العدوان 11 شهدياً إضافة إلى اجتياحات مخيم جنين ونور شمس التي تخلف أعداد من الشهداء في كل مرة.

تعكس تصرفات جيش الاحتلال مقاصده وأهدافه بقتل أكبر عددٍ ممكن من الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، كجزء من عقيدة الإبادة التي تتبناها دولة الاحتلال، وتطبيقاً لسياسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين.

أما في قطاع غزة ومنذ السابع من أكتوبر 2023 ارتكب جيش الاحتلال المئات من المجازر التي راح ضحيتها أكثر من 39 ألف شهيد على مدار عشر شهور، كان أبرزها وأشدها دموية مجزرة المشفى المعمداني التي استشهد على إثرها 500 شهيد فلسطيني، ومجزرة الخيام في مدينة رفح عندما أُحرقت خيام النازحين بما فيها.

#قطاع غزة #الضفة الغربية #مخيم جنين #النكبة #الانتفاضة #الطنطورة #دير ياسين #الإبادة