خاص - شبكة قُدس الإخبارية: منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تشرين أول/أكتوبر 2023، شن سلاح جو الاحتلال غاراتٍ مكثفة وقصفاً متواصلاً على منطقة شمال قطاع غزة، في قصفٍ عنيف يستمر لمدة ساعةٍ متواصلة على مدار أيام، مُخلفاً دماراً هائلاً في مساحات متواصلة.
عُرفت هذه الغارات باسم "الأحزمة النارية"، ويعود أصل هذه التسمية إلى المناطق التي تنشط فيها سلسلةً من الزلازل والبراكين، غير أن الأحزمة النارية التي يشهدها قطاع غزة جاءت على شكلٍ حممٍ نارية وارتجاجات استهدفت المناطق السكنية للفلسطينيين في القطاع.
معركة سيف القدس..بداية عهد دمار الأحزمة النارية
خلال معركة سيف القدس في أيار عام 2021 وأثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، نفذ جيش الاحتلال سياسة الأحزمة النارية لأول مرة بتركيز قصفه على مناطق شمال قطاع غزة ومناطق أخرى، وكانت طائرات الاحتلال تقصف هذه المناطق بصواريخ ثقيلة تُحدث حُفرٍ وانهيارات أرضية في منطقة الاستهداف، وهدفت هذه الأحزمة إلى إلحاق الضرر بمنظومة أنفاق المقاومة وتدميرها عبر اللإرتجاجات الناجمة عن الأحزمة.
وبعد انتهاء المعركة كُشف الستار عن أثر هذه الأحزمة بإالحاق الأضرار الجسيمة في المباني القريبة من مناطق الاستهداف، غير أن الأحزمة النارية قد باتت جزءاً شبه يومي من أيام الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ بدء معركة طوفان الأقصى.
أحزمة نارية أعنف..إجرام أضخم ضد البشر والحجر
ما إن بدأت غارات جيش الاحتلال على قطاع غزة في أكتوبر الماضي، حتى نفذ جيش الاحتلال خلالها أحزمة نارية ألحقت دماراً هائلاً في العمارات السكنية شمال القطاع، إضافةً لارتجاجات أرضية لاحظها السكان، وشُنت هذه الأحزمة لساعات متواصلة بواسطة صواريخ وقنابل لم يعهدها قطاع غزة من قبل تؤدي إلى إنهيار الأبراج السكنية والبيوت بشكلٍ كامل.
واستمرت الأحزمة النارية بشكلها المكثف في إطارِ تمهيدي قُبيل الاجتياح البري الذي بدأ به جيش الاحتلال بعد قرابة أسبوعين على بداية طوفان الأقصى، وادعى جيش الاحتلال في حينها أنه استخدم الأحزمة النارية لتدمير منظومة أنفاق حماس وتأمين دخول قواته البرية لاحتلال غزة.
وفي تلك الفترة أعلنت دولة الاحتلال عن امتلاكها صواريخ ذات قدرة تدميرية عالية تتمكن من تدمير الأنفاق قبل دخول جيش الاحتلال برياً، ولكن في الواقع نُفذت هذه الأحزمة النارية والغارات على مناطق اكتظاظ السكان في مدينة غزة وضواحيها ومخيم جباليا وبلدات بيت حانون وبيت لاهيا وألحقت فيها دماراً شاملاً.
ولعل أبرز المناطق التي دُمرت بفعل الأحزمة النارية العنيفة حي الرمال في مدينة غزة والذي يقع بمحاذاة الخط الساحلي ويتقاطع مع شارع عمر المختار، إذ لحق بالحي دماراً هائلاً دمر الأبراج السكنية والشوارع فيه حتى بات منطقةً منكوبة بالكامل بفعل هذه الأحزمة.
وبعد تقدم جيش الاحتلال في اجتياحه البري تبين سبب سياسية الاحتلال في شن الأحزمة النارية، وهو تدمير أكبر قدرٍ ممكن من المنازل الفلسطينية لتسهيل عملية تقدم جيش الاحتلال في محورٍ يفصل شمال القطاع عن باقي المناطق وهو بات ما يُعرف بممر نتساريم، وإنشاء منطقةٍ عازلة على امتداد الشريط الحدودي مع قطاع غزة بعد تدمير المنازل الفلسطينية هناك.
وتُعد الأحزمة النارية أحد أدوات الإجرام الإسرائيلية التي مورست ضد البشر والشجر والحجر في قطاع غزة، والتي حولت عدة مناطق في القطاع إلى أثرٍ بعد عين وهدمت المنازل على ساكنيها الآمنين من الأطفال والنساء وكبار السن.
ويستطيع جيش الاحتلال تنفيذ الأحزمة النارية أيضاً باستخدام سلاح المدفعية، إذ تقوم دبابات الاحتلال بقصف مكثف تستخدم فيه القذائف الثقيلة ونفذت مثل هذه الأحزمة في عدة مناطق في قطاع غزة بغرض تدمير أكبر عددٍ من المنازل.
عودة بعد غياب لشهور
بعد التوغل البري الإسرائيلي في كافة مناطق قطاع غزة قلص سلاح الجو الاحتلال من سياسة الأحزمة النارية خلال الشهور الماضية واقتصر على غاراتٍ محددة.
لم ينسى الفلسطينيين أصوات الانفجارات الناجمة عن الأحزمة النارية خلال الشهور الأولى من العدوان، حتى عاد كابوسها ليلة أمس، إذ شرعت طائرات الاحتلال بشن أحزمة نارية على مدينة غزة وضواحيها وعدة مناطق في شمال غزة المُحاصر أصلاً منذ شهور.
ومن الملاحظ أن الأحزمة النارية ليلة أمس أخذت شكلاً من العنف الغير مسبوق طوال الحرب هزت مدينة غزة حسب شهود عيان، خلفت عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين النازحين.
وينفذ سلاح المدفعية في جيش الاحتلال سياسة الأحزمة النارية في جنوب لبنان منذ بداية التصعيد بين حزب الله والاحتلال الإسرائيلي، إذ تستهدف دبابات الاحتلال وطائراته المناطق الجبلية ذات الأشجار الكثيفة في الجنوب لُبناني وفق إدعاءات جيش الاحتلال باستهداف مرابض صواريخ ونقاط مراقبة لحزب الله في هذه الجبال.