شبكة قدس الإخبارية

رسائل مهمة.. قراءة في خطاب أبو عبيدة الأخير

photo_2024-07-07_21-05-45

فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: مع دخول معركة طوفان الأقصى شهرها العاشر، ظهرَ اليوم الناطق العسكري باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" في كلمةٍ مصورةٍ له أجمل فيها العديد من النقاط، نُقدم في هذه المادة قراءة في كلمة الناطق العسكري.

افتتح الملثم كلمته بالتحية لكافة المقاومين والمقاتلين في قطاع غزة والضفة الغربية وباقي الجبهات المساندة في اليمن ولبنان، وهو ما يعكس أثر العمل المقاوم في هذه الجبهات على سير معركة طوفان الأقصى، وعن حجم الأثر المعنوي لهذا الفعل على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، مع توضيحه عن أحقية الشعب الفلسطيني في المقاومة بل واعتبارها واجبا يقع على عاتق الشعب الفلسطيني، وثمة ما يوصله الملثم في هذه الرسالة أن لا بديل عن المقاومة ولا سبيل في تحقيق الاستقرار إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن فلسطين.

قتال رغم شدة الحصار

يُظهر أبو عبيدة في كلمته شدة الحصار الخانق الذي يتعرض له قطاع غزة منذ قرابة عقدين من الزمن، واشتداده في ظل حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال في القطاع، ورغم هذا الحصار يؤكد الخطاب على استمرارية المقاومة في قتالها ضد جيش الاحتلال بكل جبروته، وإصرارها على ذلك رغم ثقل الحرب وطول مدتها.

ويؤكد أبو عبيدة على أن قدرات المقاومة لا زالت بخير، مع العمل الدؤوب على إعادة تعويض قدراتها العسكرية وتجنيدها لعناصر جديدة تقوم بمهامها، مع السعي المتواصل لتصنيع السلاح اللازم لميدان المواجهة.

وأشار إلى استمرار قتال المقاومة رغم الحصار المشدد المفروض، والدعم الأمريكي والبريطاني الكامل لجيش الاحتلال في حرب الإبادة التي يقوم بها في قطاع غزة.

الإبادة في كل فلسطين

يوضح الخطاب أبعاد المخططات الإسرائيلية التي تسعى لإنهاء الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، ويصف ذلك بقوله إن الإبادة الإسرائيلية قد بلغت ذروتها، في إشارة منه إلى أن الاحتلال لا يفرق بين منطقة وأخرى في فلسطين بل يسعى لسرقة كامل الأرض وتنفيذ عملية تطهيرٍ عرقيٍ بها، لا يمكن ردعها إلا بالمقاومة والقوة.

وشدد على ذلك بحديثه عن التحاق الفلسطينيين في الداخل والقدس وكافة الضفة المحتلة بركب مواجهة الاحتلال مُتيقناً أنم هذا ما سيحدث فعلاً.

رسائل إلى الاحتلال

يُشير خطاب أبو عبيدة إلى التضليل الاستخباراتي الذي مارسته المقاومة ضد أجهزة مخابرات الاحتلال، والهزائم المتلاحقة التي ألحقتها المقاومة في جيش الاحتلال خلال طوفان الأقصى وهذا ما يعني تحطيم أسطورة الجيش والنظرة "العظيمة" التي ينظر بها مجتمع الاحتلال إلى الجيش وأجهزة الاستخبارات العسكرية.

وهذه الجزئية تعمق الصدع الذي وقع بين جيش الاحتلال وجمهوره منذ بدء الطوفان، وتُفشل أي ثقةٍ جديدة يمكن أن يكتسبها جيش الاحتلال من مستوطنيه، وفقدان الثقة بالمؤسسة العسكرية والأمنية تعني فقدان الثقة بأحد أهم أركان كيان الاحتلال وقواعد بقائه.

ويضيف الناطق العسكري برسالته لجيش الاحتلال أن إطالة أمد الحرب على قطاع غزة يعني المزيد من الاستنزاف الذي يتعرض له جيش الاحتلال، وما سيتعرض إليه مع استمرار العدوان، مؤكداً أن حرب الاستنزاف أمست أمراً واقعاً على جيش الاحتلال.

حرب غير عقلانية.. انقلاب السحر على الساحر

ويوضح الخطاب أثر الإبادة المجنونة التي استهدفت البشر والحجر والشجر، على خلق رغبة إضافية لدى الناس بالالتحاق بالمقاومة وقتال الاحتلال، بعد ما مورس عليهم من جرائم.

أما الأثر الثاني والذي خلق مورداً عسكرياً المقاومة، هو كمية الذخائر التي ألقاها جيش الاحتلال على قطاع غزة ولم تنفجر، وهذه أحد أهم مصادر التسليح للمقاومة، والتي تستخدمها المقاومة منذ زمن في إعادة تدوير هذه الذخائر والقنابل لتصبح سلاحاً بيد المقاومة، تقاتل به جيش الاحتلال.

بهذا يعكس الملثم أحد النتائج العكسية للحرب الهمجية التي شنها جيش الاحتلال، والتي انقلبت عليه كانقلاب السحر على الساحر.

أما عن تنبؤ الملثم باشتعال الضفة المحتلة والقدس في مواجهة ضد الاحتلال، فهو نابع من متابعة مستمرة لكافة مجريات الأحداث والتصريحات الإسرائيلية تقوم بها المقاومة أثناء الحرب، وآخرها قرارات الاحتلال بضم الضفة الغربية والتوغل الاستيطاني وهذا ما يُعجل بالمواجهة في الضفة الغربية وهي الجبهة الأخطر كما وصفها إعلام الاحتلال قبل أيام، إضافةً إلى خصوصية مُحافظات شمال الضفة بالعمل المقاوم وتقدمها به ولا سيما طولكرم ونابلس.

في الختام يُقدم اليوم أبو عبيدة خطاب المقاومة في غزة من وسط المواجهة التي تدور رحاها هناك، وتُحرك بأثرها رياح جبهاتٍ أُخرى تُفتح ضد الاحتلال الإسرائيلي والهيمنة الغربية في المنطقة، موضحاً تجاوز أثر معركة طوفان الأقصى حدود الزمان والمكان، والتي غيرت وستغير مسار الأحداث في المنطقة.

ويقول الخبير في الشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس، إن الخطاب يدل على القدرات والإمكانيات التي تمتلكها المقاومة، وأبو عبيدة في خطابه تحدث عن مسألة خداع الشاباك وما ستفرج عنه المقاومة، وهذا الخطاب بتقدير أبو العدس مستهدف منه الشارع الإسرائيلي الذي هو على مدار تاريخه كان يؤله الجيش وينظر للقوى الأمنية على أنها آلهة لا يأتيها الباطل، ولكن جاء طوفان الأقصى ليجعل هذه الآلهة جذاذا.

وأضاف أبو العدس في تصريح لـ "شبكة قُدس"، أن الاستهانة بالخصم كانت سيد الفشل، مؤكدا أن ما ستكشف عنه المقاومة وفق أبو عبيدة سيهز الشارع الإسرائيلي ويوجه رسالة لهم بأن لا تثقوا بعد اليوم في جيشكم ولا بحكومتكم ولا بأجهزتكم الأمنية.

من الواضح، وفق أبو العدس، أن المقاومة واعية تماما بما يدور داخليا لدى الاحتلال وغير معزولة عن المجريات الإعلامية، خاصة ما يتعلق بنتنياهو، بما يدل على أن المقاومة تتابع ما يجري على مدار الساعة بما يعطي انطباعا أن المقاومة تدرس وتحلل وتخرج بوجهات النظر.

 وبما يتعلق بموضوع الإحصائيات، بأن الشارع الفلسطيني بأغلبيته مع المقاومة؛ فإنه يدل على أن المقاومة ليست في معزل عن ما يجري كما يحاول الاحتلال أن يصورها.

ووجه أبو عبيدة رسالة لجيش الاحتلال بأن ما يخافه الجيش وما يرتعد منه هي حرب الاستنزاف الطويلة وهذه الحرب أمر واقع والاستنزاف الطويل هو سيد الموقف وأبو عبيدة يريد القول إنه لطالما بقيتم في غزة فإن المقاومة ستبقى تقاتل، وتاريخيا، دائما ما كان الاستنزاف وحرب العصابات هي نقطة ضعف الجيوش النظامية الكبرى، وفق أبو العدس.

وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي، إن أبو عبيدة أكد أن المعارك وقودها كرام الرجال، وبالتالي فإن مسألة الخسائر البشرية في صفوف المقاومين والقيادات صحيح أنها أمر واقع لكنها لم تعق المقاومة وأبو عبيدة أكد ما تناقله الإعلام العبري وسائل الإعلام حول أن المقاومة تمكنت من أن تعوض النقص البشري من خلال مقاومين جدد وهذا ما يعني أن القتال سيكون طويلا جدا بالنسبة للاحتلال.

وأضاف، أن الاحتلال عندما استهدفت المدنيين بشكل عشوائي وكل بيت حرفيا في كل غزة؛ جعل في كل بيت ضغينة ودوافع الناس للقتال أصبحت أشد وأقوى فلو كانت الحرب على غزة حربا عقلانية استهدفت المقاومة وحدها لنأى عموم الناس عن الأمر وربما كان الكثير ينأى بنفسه عن الصراع وهذا طبع المدنيين ولكن عندما قام الاحتلال بالانتقام الوحشي والشامل من الفلسطينيين وكل شيء في غزة لم يعد للناس ما يخسرونه، والكل يريد أن يدرك ثأره الآن، وهذه قضية مهمة تعوض النقص لدى المقاومة.

وبما يتعلق بالتسليح، قال: "إسرائيل عندما ألقت بهذه الكميات المهولة من المتفجرات في قطاع غزة بحسب الاعلام العبري، هناك 5 % على الأقل من هذه المتفجرات لم تنفجر، ونحن نتحدث عن جبال من المتفجرات تعيد المقاومة تأهيلها وهذه ليست بجديدة على المقاومة وجزء كبير من سلاح المقاومة هو الصواريخ والذخائر غير المنفجرة، والمقاومة طورت أساليب كبيرة وقوية وفاعلة في التعامل مع هذه الذخائر وبالتالي سيكون عنوان المرحلة هذه بضاعتكم ردت إليكم.

وبما يتعلق بالمفاوضات بين الاحتلال وحماس، غير المباشرة، رأى أبو العدس أن مسار الحرب بالنسبة للاحتلال واضح إلى الأمام فقط، بمعنى المزيد من التصعيد على كل الجبهات، وأكد أبو عبيدة أن هذه المواجهة ستتسع وستتصاعد، وبالتالي من الواضح أن القراءة لدى حماس أنه على الأغلب أن نتنياهو سيرفض الصفقة ويحاول أن يعطلها وسيقوم بالمماطلة حتى يصل إلى خطابه في الكونغرس في ظلال مفاوضات، يعود بعدها لمحاولة استمرار عملية بقائه السياسي. وقال: "أبو عبيدة لم يتحدث عن الصفقة، لأن قيادة حماس ربما تدرك أن كل هذا الكلام عبثي لأن الاحتلال لا يريد هذه الصفقة إنما قدمت الحركة هذه المبادرات لإلقاء الكرة في ملعب نتنياهو وإحراج الاحتلال أكثر وأكثر. 

وعن مساندة الجبهات، يرى أن جبهة الضفة الغربية هي من أكثر الجبهات ضعفا، والاحتلال يفقد السيطرة على الضفة الغربية، والظواهر المسلحة فيها أصبحت في كل تجمع سكني تقريبا، والوضع هناك يتطور باتجاهين بالنسبة للمقاومة التي تزداد أفقيا ورأسيا، انتشارا في المساحة الجغرافية وفي طرق العمل في ظروف مستحيلة لم تمر بها حركات المقاومة على مر التاريخ، بالإضافة إلى مسألة الصدام مع المستوطنين الذين يحاولون خنق الفلسطينيين بكل ما أوتوا من قوة والمعادلة أن الضفة ذاهبة إلى صدام شرس مع المستوطنين، سيشكل عبئا أمنيا على الاحتلال لن يستطيع أن يتحمله، وكذلك الأمر بالنسبة لجبهة لبنان، والعقيدة الأمنية الإسرائيلية لن تسمح بوجود قوة على حدودها كحزب الله قد تقدم على عمل يشبه السابع من أكتوبر.