خاص - شبكة قُدس الإخبارية: مع تصاعد قوة المجموعات المقاومة في الضفة الغربية، سعى الاحتلال إلى إعادة استخدام تقنيات عسكرية أخرى تمنكنه من اغتيال قادة هذه المجموعات والمقاتلين البارزين الذين فشل جيش الاحتلال في مواجهتهم، أحد هذه التقنيات القصف.
وليست الاغتيالات الجوية بالوسيلة الجديدة لجيش الاحتلال في حربه ضد الفلسطينيين؛ فقد استخدمها الاحتلال الإسرائيلي خلال انتفاضة الأقصى في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل واسع، واستهداف من خلالها قادة الفصائل ورموز الانتفاضة، واختفت هذه الطريقة مع انتهاء الانتفاضة، فيما انحسرت الاغتيالات الجوية في قطاع غزة عبر عمليات اغتيالٍ مباشرة كاغتيال الشهيد أحمد الجعبري والشهيد بهاء أبو العطا، أو في الحروب كحرب عام 2014.
"الأباتشي" تصب نيرانها في الضفة لأول مرة منذ انتفاضة الأقصى
في صباح 19 من حزيران عام 2023 كانت مدينة جنين على موعد مع معركة جديدة يسطرها مقاوميها ضد جيش الاحتلال، وفي هذه المعركة تعرض جيش الاحتلال لكمين محكم أوقع آلياته في حقل عبوات ناسفة قرب حي الجابريات في المدينة، نتج عن الكمين تحطيم مدرعة "نمر" الإسرائيلية وإعطاب عدة جيبات، ثم قام المقاومون باستهداف الجنود والآليات بوابلٍ كثيف من الرصاص، ولم يجد جيش الاحتلال طريقاً لسحب جنوده من نيران الكمين الذي استمر لأكثر من نصف ساعة، إلا باستدعاء طائرة مروحية من طراز "أباتشي" والتي حلقت في موقع العملية وقصفت المكان بغارة ثم شرعت بتمشيط محيط الكمين برصاص رشاشاتها الثقيلة.
خلف هذا القصف 5 شهداء من مدينة جنين ومخيمها، وكانت هذه المرة الأولى التي تنفذ طائرات الأباتشي غارات في الضفة الغربية منذ عام 2006 مُعلنةً بداية عهد الاستهدافات الجوية للمقاومين في الضفة الغربية.
وبعدها بيومين قامت مسيرة تتبع لجيش الاحتلال بقصف سيارة يستقلها الشهداء: صهيب الغول ومحمد عويس وأشرف السعدي من مخيم جنين ، فاستُشهدوا على الفور، وكان الغول أحد المطاردين وقادة كتيبة جنين، كذلك محمد عويس أحد مقاتلين كتائب شهداء الأقصى ومن منفذين كمين حي الجابريات الذي استهداف آليات جيش الاحتلال.
الاجتياح الكبير..افتتاح باغتيال من الجو
لم تمضي أيام على غارة "الأباتشي" في جنين حتى قامت طائراتٍ مسيرة باستهداف نقطة حراسة يستخدمها المقاومون على اطراف مخيم جنين واستشهد المقاوم سميح أبو الوفا على الفور جراء الغارة وأُصيب معه مقاومين آخرين، كانت هذه الغارة افتتاح الاجتياح الكبير لمخيم جنين والذي تمر ذكراه السنوية الأولى هذه الأيام، وأثناء الاجتياح نفذت مسيرات الاحتلال العديد من الغارات التي استهدفت المخيم.
وبعد الاجتياح أصبحت المسيرات ترافق جيش الاحتلال في كل اقتحام لمدينة جنين ولمخيمات طولكرم، ونفذت مسيرات الاحتلال عدة غاراتٍ مشابهة في مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس.
الطوفان وتصاعد الاغتيالات الجوية في الضفة
بعد اندلاع معركة طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول 2023 ازدادت حدة اقتحامات جيش الاحتلال لمخيمات شمال الضفة واعتمد في اقتحاماته بشكلٍ رئيسي على الاستهدافات الجوية من المسيرات وتدمير البنى التحتية في المخيمات، تجلى ذلك بشكلٍ واضح على وجه التحديد في مخيم نور شمس ومخيم بلاطة.
شهد مخيم بلاطة استهدافات جوية متكررة في محاولات اغتيال مباشرة، إحدى هذه العمليات عندما انفجرت طائرة انتحارية في أحد أزقة المخيم ونجى الشبان منها بأعجوبة، إضافة لقصف سيارة تقل مطاردين في شارع عمان قرب المخيم وتمكنوا من القفز خارج السيارة بسرعة فائقة قبل استهدافاها من قبل الطائرة.
أما القصف الأعنف الذي تعرض له مخيم بلاطة فكان غارة جوية بصاروخ على مقر حركة فتح في قلب المخيم، مخلفاً 5 شهداء ودمارٍ واسع في المكان، إضافة إلى اغتيال آخر بقصف طائرات الاحتلال لسيارة أحد المطاردين في شارع القدس فوق المخيم، فارتقى 5 مطاردين على الفور وتطايرت أشلاء أحدهم على بعد أمتار.
الاغتيالات الجوية بعد العجز عن المواجهة
تركزت عمليات الاغتيال عبر سلاح الجو ضد المطاردين البارزين والذين مر على مطاردتهم فترة طويلة، مع فشل جيش الاحتلال بالوصول، أبرز هؤلاء الشهداء الشهيد إسلام خمايسة أبرز قادة كتيبة جنين الذي ارتقى بعد قصف المنزل الذي كان فيه بصاروخٍ من طائرة إسرائيلية.
سبقه بذلك اغتيال مجموعة من المطاردين في 20 آذار الماضي، بعد قصف طائرات الاحتلال مركبتهم على موعد ساعة الإقطار في شهر رمضان المبارك في مخيم جنين.
وآخر هذه الاغتيالات اغتيال الشهيد القائد في كتيبة طولكرم سعيد الجابر في مخيم نور شمس بعد قصف جوي استهدف منزلاً كان فيه، إضافة إلى اغتيال المطاردين الأربعة يوم أمس 2 تموز 2024.
استدعاء القوة من الجو في ظل الفشل على الأرض
لم يستدعي جيش الاحتلال سلاح الجو لتنفيذ ضربات واغتيالات في الضفة الغربية إلى بعد اتساع رقعة المقاومة فيها أولاً، والكثافة النارية التي يتعرض لها جنود الاحتلال عند كل اقتحام، أم السبب الأبرز فشل القوة البرية من الجنود والآليات في تنفيذ الاقتحامات بسهولة، يعود ذلك إلى تطور سلاح العبوات الناسفة في الضفة الغربية ونجاحها في تعطيل حركة الآليات المُقتحمة وإيقاع الخسائر في صفوف جنود الاحتلال.
وباتت الاقتحامات تلحق في جيش الاحتلال تكلفة عالية في المعدات والجنود خاصة في جنين وطولكرم مع فشل الجيش في تحييد المقاومين، فاستدعى سلاح الجو ليقوم بعمليات الاغتيال التي عجز عنها جيش الاحتلال، ويحارب المقاومة المتصاعدة في الضفة الغربية.