شبكة قدس الإخبارية

٢١٣

 

الضفة المحتلة: تاريخ طويل من محاولات تطوير الصواريخ والقذائف

photo_2024-06-27_13-49-45
هيئة التحرير

الضفة المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: تمثل المقاومة في الضفة المحتلة مراحل متراكمة من محاولات تطوير الأدوات العسكرية، في سبيل منح حرب الاستنزاف المستمرة مع جيش الاحتلال نوعية أكثر على مستوى عمق العمل العسكري أو الخسائر التي يحققها، في صفوف القوة العسكرية الإسرائيلية أو ميلشيات المستوطنين.

ورغم الحرب الاستخباراتية - الأمنية - العسكرية متعددة الأبعاد والأدوات التي تنفذها دولة الاحتلال، في الضفة، منذ عقود وكثفتها مؤخراً بعد معركة "طوفان الأقصى" لمنع تحول المنطقة إلى تهديد أكثر خطورة على الوجود الاستيطاني والعسكري الاحتلالي، في ظل التعامل الاستراتيجي من قبل الأجهزة الإسرائيلية مع هذه المناطق بسبب قربها الجغرافي وسيطرتها طبوغرافيا على عمق دولة الاحتلال، نجحت مجموعات المقاومة في امتلاك بعض الأدوات مثل الصواريخ التي ما زالت لم تصل إلى مرحلة تشبه مناطق أخرى مثل غزة.

يوم أمس نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن "مسؤولين في الأجهزة الأمنية الفلسطينية" قولهم إن "حماس والجهاد قد تتمكن من الحصول على صواريخ" خلال الشهور المقبلة في ظل "عمليات التهريب المستمرة للسلاح" نحو الضفة المحتلة، خاصة مع محاولات خلايا للمقاومة خلال الأعوام الماضية لتطوير صواريخ، كما في حالة خلايا القسام في جنين التي أطلقت صواريخ نحو مستوطنات في محيط المدينة.

منذ بدايات الصراع مع الحركة الصهيونية باشر الفلسطيني محاولات تصنيع أدوات عسكرية، من عمليات التفجير التي نفذتها المقاومة العربية - الفلسطينية، خلال حرب النكبة، وتطوير أسلحة مختلفة، إلى "مدفع يافا" الذي صنعه الشقيقان علي ومحمد جبر، من حامية المدينة، وبالتعاون مع "فرقة التدمير العربية" التي نفذت عمليات قاسية ضد أهداف الاحتلال، عام 1948، إلى البدايات العسكرية الأولى للثورة الفلسطينية التي صنعت أنواعاً من الصواريخ، ونفذت بها عمليات قصف من الأردن ولبنان وسوريا.

من الأمثلة التاريخية في الضفة المحتلة على هذه المحاولات: بعد إحراق المسجد الأقصى المبارك، عام 1969، قررت خلية للمقاومة الفلسطينية في قرى بيت لحم، بينها دار صلاح والعبيدية، الرد على الجريمة. نجح المناضل محمد أبو ذهبية مع أفراد خليته من المنطقة، بينهم يونس العصا واسماعيل جدوع العصا وأحمد حسين العصا، من تهريب صواريخ من الأردن، عن طريق قارب مطاطي أبحر في البحر الميت.

نقلت الخلية الصواريخ على الدواب إلى بيت فجار ثم إلى صور باهر، جنوب  القدس المحتلة، ومن هناك أطلقوها تجاه مبنى "الكنيست"، وبعد العملية فرضت قوات الاحتلال حصاراً مشدداً على قرى دار صلاح والعبيدية والشواورة وغيرها، أشرف عليه وزير جيش الاحتلال السابق موشيه دايان بنفسه.

اعتقل أبو ذهبية مع أفراد من الخلية، وتعرض لتحقيق قاس وطويل من قبل مخابرات الاحتلال، خرج منه بجسد عليل بالأمراض ولا يزيد وزنه عن 27 كيلو غرام، ورحل عن الدنيا في عام 1992.

في هذه السنوات وما بعدها، حاولت المقاومة الفلسطينية إدخال الصواريخ إلى الضفة المحتلة، عبر الحدود من الأردن أو لبنان، أو من خلال البحر الميت، وسجلت عدة محاولات لإطلاقها من مناطق بيت لحم و القدس والشمال، نحو مواقع حساسة في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.

وفي شمال الضفة المحتلة، نفذت خلايا تابعة لحركة فتح بينها خلية من عصيرة الشمالية بقيادة المناضل، عطية جوابرة، وأخرى في نابلس بقيادة عبد الفتاح حمايل، عمليات قصف لمعسكرات تابعة لجيش الاحتلال.

يروي حمايل أن مجموعته التي قادها بعد انضمامه لحركة فتح، والانطلاق من قواعدها في الأردن، نفذت عملية قصف باستخدام صواريخ "107" لمعسكر لجيش الاحتلال، في قرية دير شرف القريبة من نابلس.

في سنوات التسعينات، حصلت خلية "وحدة الأهوال" التابعة لكتائب القسام، وعملت في منطقة الخليل، بقيادة الشهيد جهاد أبو غلمة، على صاروخ وقذائف هاون ضربت فيها معسكراً لجيش الاحتلال ومستوطنة "كريات أربع".

مثلت مرحلة انتفاضة الأقصى فرصة استراتيجية لفصائل المقاومة، في سبيل تطوير مقذوفات صاروخية وأدوات أخرى تعينها في تدفيع الاحتلال ثمن جرائمه، في قطاع غزة كانت الصناعات العسكرية الفلسطينية يشتد عودها رغم الإمكانيات البسيطة التي كانت بين يدي المقاومة، في البدايات، حتى راكمت خبرات واسعة وصلت بها إلى المرحلة الحالية.

كانت جبهة الضفة تعيش حراكاً ساخناً في مسار تطوير القدرات العسكرية، وعلى جانب تطوير مقذوفات صاروخية لم تتوقف المحاولات، منذ بدايات الانتفاضة، وسجلت المصادر محاولات للتصنيع وأخرى للإطلاق، ولم تنقطع هذه المساعي حتى في أوج الحملة العسكرية والأمنية على المقاومة، بعد نهاية انتفاضة الأقصى.

من بيت لحم وجهت المقاومة عدة ضربات لمستوطنات الاحتلال، في محيط المحافظة، خاصة مستوطنة "جيلو" التي تلقت وجبات دسمة من عمليات إطلاق النار والقصف بمدافع الهاون، في السنوات الأولى لانتفاضة الأقصى، وكانت خاصرة رخوة أمام المقاومين للضغط عليها، خلال حرب الاستنزاف المفتوحة مع الاحتلال.

وفي جنين انشغلت المقاومة من بين المهام التي عملت عليها، في تصنيع قذائف "الهاون"، لاستخدامها في ضرب المستوطنات وأرتال الاحتلال، في الاجتياجات التي تكاثرت بعد الضربات النوعية التي تلقتها المدن المحتلة، خلال الانتفاضة. اشتهر في تلك المرحلة الحاج علي الصفوري أحد قادة سرايا  القدس، الذي عرف بين الناس باسم "الحاج هاون"، في عمليات صناعة هذه المقذوفات.

بالتوازي مع صناعة وتطوير صواريخ "القسام"، في قطاع غزة، تولى عدد من كوادر وقيادات كتائب القسام في الضفة المحتلة، خاصة في شمالها، عمليات التعلم ثم الصناعة ثم نقل الخبرة وادخال الصواريخ إلى الميدان، كان أبرز هؤلاء الشهيد سائد عواد رفقة القائد الشهيد قيس عدوان.

تقول كتائب القسام إن الشهيد سائد عواد طوَر تصاميم عن صواريخ "قسام 2"، ونقل التجربة إلى خلايا في مخيم بلاطة وطوباس وطولكرم وجنين. قيادة القسام ممثلة بقائدها العام صلاح شحادة كانت على تواصل، في تلك المرحلة، مع القادة والكوادر في الضفة المحتلة، على رأسهم نصر جرار وجمال أبو الهيجا، وكان الشعار هو تطوير وحدة صاروخية في المنطقة الشمالية.

في هذه المرحلة، توجه قيس عدوان مع الشهيد مجدي بلاسمة من مخيم بلاطة، إلى جنين، وتظافرت الجهود مع المهندس سائد عواد، والقائد نزيه أبو سباع، لتطوير صواريخ وإطلاقها من المناطق الشمالية نحو عمق الضفة المحتلة.

وصلت تجارب مهندسي القسام إلى صناعة صاروخ بمدى 6 كيلو متر، وهو ما يعني تهديد حزام من المستوطنات، وفي آذار/ مارس 2002 أطلق صاروخ تجريبي منها، بإشراف القائد نصر جرار، ثم نجحت الكتائب في إطلاق صواريخ نحو عمق دولة الاحتلال، ووصل إحداها إلى مدينة "نتانيا" المحتلة، قبل أن تغتال مخابرات الاحتلال أعضاء وقادة هذه الخلايا، واعترافاً بخطر هذا المشروع أعلن رئيس حكومة الاحتلال حينها، أرئيل شارون، بنفسه عن اغتيال نزيه أبو سباع أستاذ الفيزياء في جنين الذي وصفه بأنه "خطر استراتيجي على إسرائيل".

وفي المنطقة الوسطى من الضفة المحتلة، اعتقل الاحتلال خلية تابعة لكتائب القسام ضمت عدداً من الكوادر، بينهم عماد أبو عواد نجحت في صناعة صواريخ، واخفائها في أحد المساجد بمدينة البيرة، قبل أن تعتقل قوات الاحتلال الخلية بعد حدث خلال التصنيع، أدى لكشفها.

وفي العام 2004 اعتقل الاحتلال أحد نشطاء الجهاد الإسلامي بجنين، ضمن خلية تعمل على صناعة الصواريخ وإطلاقها، وبعد شهور اعتقل خلية لألوية الناصر صلاح الدين عملت في ذات المسار، وفي العام 2006 أطلقت سرايا  القدس صاروخاً إلى أحد معسكرات جيش الاحتلال قرب جنين.

وبعد نهاية انتفاضة الأقصى، لم تتوقف محاولات المقاومة الفلسطينية عن ادخال الصواريخ أو صناعتها، وزعم الاحتلال اعتقال عدد من الخلايا في الضفة و القدس المحتلتين خططت لتنفيذ عمليات، في هذا المجال، بينها خلية في منطقة رام الله نجحت في صناعة صاروخ، ومجموعة من القسام في القدس قال الاحتلال إنها خططت لاستهداف ملعب إسرائيلي بالصواريخ، وفي عام 2014 أعلن عن اعتقال خلية من محافظة بيت لحم خططت لاستهداف موكب وزير جيش الاحتلال السابق، أفيغدور ليبرمان، بمقذوفات صاروخية.

بعد انطلاق مجموعات المقاومة في جنين، في المرحلة انطلاقاً من 2021، عملت خلايا على تطوير وإطلاق صواريخ، كما في عمليات كتيبة العياش التابعة لكتائب القسام، التي أطلقت مقذوفات صاروخية تجاه عدة مستوطنات على الحدود مع الداخل المحتل خاصة نحو مستوطنتي "شاكيد" و"رام أون"

#الاحتلال #صواريخ_الضفة