الضفة الغربية - قُدس الإخبارية: تواجه اليوم قوات الاحتلال خلال اقتحاماتها اليومية لشمال الضفة المحتلة مقاومة عنيفة تزداد قوة مع تطور وسائل المقاومة، في استمرارٍ لحالة نضالية بدأت قبل معركة طوفان الأقصى، وتعتبر الأكثر شراسةً منذ نهاية انتفاضة الأقصى، وشكلت العبوات الناسفة السلاح الأكثر فتكاً في يد المقاومة التي تعمل على سلب الاحتلال حريته بالحركة في الضفة، وهي المعادلة التي حاول ترسيخها بعد عملية "السور الواقي" عام 2002.
حيث أظهرت الاقتحامات الأخيرة حجم الصعوبة التي يواجهها جيش الاحتلال في عملياته العدوانية، مفندة راوية الاحتلال التي تدعي قدرة الجيش العمل في كل مكان بكل حرية وسهولة، حتى بات أي اقتحام لمدن شمال الضفة الغربية يكلف هذا الجيش الخسائر المادية في المعدات العسكرية، والخسائر البشرية في صفوف جنوده، جراء العبوات الناسفة التي تصنعها المجموعات المقاومة هناك.
جرت محاولات تصنيع العبوات الناسفة في الضفة الغربية قبل عدة سنوات، وكان أحد أنجح هذه المحاولات، تفجير عبوة ناسفة في مليشيات المستوطنين قرب "عين بوبين" الواقعة في قرية دير بزيغ غرب رام الله، وقد أدت العملية التي نفذها عناصر الجبهة الشعبية إلى مقتل مستوطنة وإصابة آخرين عام 2019.
سيف القدس..الميلاد الجديد في الضفة
كانت معركة سيف القدس في أيار 2021 إيذاناً بمرحلة جديدة في الضفة الغربية تصدرتها مدينة جنين عندما أسس الشهيد جميل العموري "كتيبة جنين" وشرع بتنفيذ عمليات إطلاق نار تستهدف قوات الاحتلال المقتحمة لمحافظة جنين، وحواجز الاحتلال، وبعد استشهاد العموري
تسلم شبان المخيم زمام المواجهة، حيث بدأ استخدام العبوات محلية الصنع وما يُعرف بالأكواع تُقذف على جنود الاحتلال أثناء الاقتحامات، وسرعان ما تطورت هذه العبوات الصغيرة إلى عبوات أكبر حجماً تُزرع في طريق آليات الاحتلال وتنفجر بها.
وتناقلت مجموعات المقاومة هذه الخبرة في التصنيع لتنتشر في مخيمات بلاطة شرق نابلس ومخيمي طولكرم ونور شمس في محافظة طولكرم، وأصبحت آليات الاحتلال تواجه صعوبةً في اقتحام أزقة هذه المخيمات، حيث يتم إعطاب الجيبات العسكرية بفعل هذه العبوات، فبات تحرك جيش الاحتلال في هذه المناطق أكثر صعوبة وتكلفة مادية.
وقال أحد مقاتلين كتيبة جنين في لقاء صحفي سابق أن العبوات الناسفة باتت السلاح الأكثر جدوى في مواجهة الآليات العسكرية المصفحة التي يقتحم بها جيش الاحتلال المدينة، وأن عملية تحضير العبوات وتوزيعها وزراعتها يأخذ جهداً جماعياً منظماً بين المقاومين الذين يتولون مهمة زرعها ومتابعتها.
تدمير "النمر" يتبعه تدمير الجرافات
في أحد اقتحامات مدينة جنين وتحديداً في 19 حزيران 2023، كانت مصفحة "النمر" العسكرية تسير بجبروتها على أطراف مخيم جنين، وسرعان ما استُهدفت بانفجارٍ ضخم حرفها عن مسارها وتطايرت أجزاء منها جراء مرورها فوق عبوة ناسفة ضخمة زُرعت في باطن الأرض، فأصيب 6 جنود بداخلها ولحق بها أضرار جسيمة، كانت هذه العملية الحدث الذي أظهر ثِقل العبوات الناسفة وجدواها في تدمير أعتى الآليات المصفحة، وعن حجم إمكانيات المجموعات المقاومة في شمال الضفة الغربية، بفرض عوائق لا يستطيع جيش الاحتلال اجتيازها في عملياته العسكرية في الضفة الغربية، إذ أصبح لا يمر اقتحام لمدينة جنين أو طولكرم إلا ويصطحب جيش الاحتلال الجرافات التي تحفر الشوارع وتدمرها لتأمين جيبات الاحتلال من العبوات الناسفة.
واستطاعت عبوات المقاومة التغلب على هذه الجرافات أيضاً بسلاح العبوات الناسفة، حيث وثقت مشاهد مصورة العديد من هذه العمليات التي تُشعل النيران في جرافات الاحتلال وتعطبها على الفور، كان آخر هذه العلميات تفجير جرافة عسكرية في مخيم الفارعة بمحافظة طوباس.
ولم يقف أثر العبوات الناسفة عند إعطاب الآليات العسكرية فقط، بل وصل إلى حد إلحاق الخسائر في صفوف جنود الاحتلال، حيث اعترفت وسائل إعلام عبرية بمقتل مجندة إسرائيلية وإصابة عدة جنود، بعد استهداف جيب عسكري كان يقلهم، بعبوة ناسفة ضخمة أثناء اقتحام مدينة جنين في كانون ثاني 2024، تبعه عدة أخبار عن إصابات في صفوف الجنود أثناء اقتحامات مخيمات نور شمس وطولكرم وبلاطة، ومؤخراً مخيم الفارعة، وآخر هذه العمليات عملية اليوم الخميس في مدينة جنين حيث قتل ضابط في جيش الاحتلال وأصيب 17 جندياً في تفجير عبوتين ناسفتين أثناء اقتحام المدينة.