شبكة قدس الإخبارية

عقوبات الولايات المتحدة على "عرين الأسود": خلفيات واعتبارات

000_32LY6VC
ياسر مناع

أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية يوم الخميس، 6 يونيو 2024، عن فرض عقوبات على جماعة "عرين الأسود". يأتي هذا القرار في سياق سلسلة من العقوبات التي تستهدف منظمات وأفراد يعتبرون تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة. لكن يثار العديد من التساؤلات حول هذا القرار وما إذا كان يعكس فهمًا دقيقًا لطبيعة "عرين الأسود" لدى الولايات المتحدة وأجهزة استخباراتها، بالإضافة إلى الأسباب والدوافع الحقيقية وراءه.

"عرين الأسود" ليست فصيلًا أو تنظيمًا ذا هيكلية تنظيمية واضحة، بل هي جماعة عفوية تأسست من قبل مجموعة من الشباب عام 2022 في مدينة نابلس، كرد فعل على الأحداث المستمرة في الضفة الغربية، وتقليدًا للحالة المقاومة في مدينة جنين. هذه المجموعة تشكلت بشكل غير رسمي وكانت تفتقر إلى أي قيادة مركزية أو أهداف طويلة الأمد، ما يجعلها تختلف بشكل كبير عن الفصائل التقليدية المعروفة.

تلعب الحاضنة الشعبية دورًا مهمًا في قوة أي حركة أو جماعة، حيث تعتبر الحاضنة الشعبية لـ "عرين الأسود" منبعًا لقوتها وقدرتها على الصمود والتحمل في وجه الظروف الصعبة. فقد تمكّنت هذه المجموعة من تجنب الانتماء لأي جهة سياسية أو فصيل، مما جعلها تحظى بتأييد ودعم واسع من طرف مختلف فئات المجتمع الفلسطيني.

مع مرور الوقت، تعرضت "عرين الأسود" لضغوط شديدة من خلال الاعتقالات والاغتيالات التي نفذتها إسرائيل ضد عناصرها. بالإضافة إلى ذلك، لعبت السلطة الفلسطينية دورًا في تضييق الخناق على هذه المجموعة، مما أدى في نهاية المطاف إلى تلاشي وجودها بشكل كبير. بالتالي، يأتي السؤال حول توقيت وجدوى فرض العقوبات الأمريكية على جماعة شبه متلاشية؟

ثمة عدة تفسيرات ممكنة لدوافع القرار الأمريكي بفرض عقوبات على "عرين الأسود". إرضاء إسرائيل، قد يكون هذا القرار محاولة من الولايات المتحدة لإرضاء إسرائيل، خاصة في ظل العلاقات الوثيقة بين البلدين والضغوط السياسية المستمرة من اللوبي الإسرائيلي في واشنطن.

التوازن في القرارات، من الممكن أن تكون الولايات المتحدة تحاول إظهار نوع من الحياد والتوازن بعد أن فرضت عقوبات على كتيبة "نيتسح يهودا"، إحدى كتائب الجيش الإسرائيلي المعروفة بارتكابها انتهاكات ضد الفلسطينيين. من خلال فرض عقوبات على جماعة فلسطينية، تسعى واشنطن ربما إلى تقديم صورة متوازنة لسياساتها في المنطقة.

العقوبات قد تؤثر على أي محاولات لإعادة تنظيمها. وقد يكون الهدف الأساسي من العقوبات هو توجيه رسائل سياسية، سواء إلى إسرائيل أو إلى المجتمع الدولي، حول التزام الولايات المتحدة بمحاربة جميع أشكال التطرف والإرهاب، بغض النظر عن الجهة التي تمارسه. يعزز القرار التعاون الأمني بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ويظهر الالتزام الأمريكي بدعم إسرائيل في جهودها لمواجهة التهديدات الأمنية.

على أي حال، فإن فرض عقوبات على جماعة مثل "عرين الأسود" قد يحمل دلالات رمزية أكثر من كونه إجراء عملي ذي تأثير مباشر. هذه الخطوة تعزز من مشاعر الموقف الفلسطينيي الذين يرون في العقوبات تحيزًا واضحًا ضدهم.

ختامًا، القرار الأمريكي بفرض عقوبات على "عرين الأسود" يثير العديد من التساؤلات حول التوقيت والدوافع الحقيقية وراءه. بينما يمكن تفسيره كخطوة لإرضاء إسرائيل أو لتحقيق توازن ظاهري في القرارات، يبقى السؤال الأهم هو مدى فهم الولايات المتحدة لطبيعة هذه الجماعة وتأثير هذا القرار على الأرض.

#المقاومة #عرين الأسود