تقارير خاصة - قدس الإخبارية: للمرة الأولى منذ معركة طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تعلن كتائب القسام أسر جنود إسرائيليين في غزة خلال المعارك.
وقال الناطق العسكري باسم كتائب عز الدين القسام، أبو عبيدة، إن مقاتلي "كتائب القسام"، أوقعوا أفراد قوة إسرائيلية بعد استدراجهم في كمين داخل النفق في جباليا وعلى مدخله وتمكنوا من الاشتباك مع هذه القوة من مسافة صفر، موضحًا أن مقاتلي القسام هاجموا بالعبوات قوة الإسناد التي هرعت للمكان وأصابوها بشكل مباشر ومن ثم انسحبوا بعد تفجير النفق المستخدم في العملية.
وأكد أبو عبيدة أن مقاتلي القسام أوقعوا جميع أفراد القوة الإسرائيلية بين قتيل وجريح وأسير واستولوا على العتاد العسكري، وبينما ينفي الاحتلال هذا الحدث، ويكرر سيناريو شاؤول أرون عام 2014 بنفي الأسر في الدقيقة الأولى لإعلان المقاومة، ثم الاعتراف لاحقًا بعد يومين، تطفو أسئلة حول حدث الأسر، وهو الذي وقع في اليوم الـ 232 من طوفان الأقصى، ومن منطقة دخلها الاحتلال وجرفها بريًا ودمّرها تحت الأحزمة النارية.
المقطع المصور: الجندي المسحول
في أعقاب كلمة أبو عبيدة، بثت كتائب القسام مقطع فيديو يُظهر ما يبدو أنه جندي إسرائيلي ملقى على الأرض وعليه آثار دماء ويقوم أحد مقاتلي القسام بسحبه داخل نفق وذلك بعد إيقاع قوة إسرائيلية بكمين محكم.
حول ذلك، يعلق الكاتب والمحلل السياسي سعيد زياد على المقطع أن بنطال الجندي المسحول ليس بنطالًا عسكري، وإنما بنطال شبه مدني، وأن الحذاء كذلك ليس حذاء لواء المظليين (البني ذو الرقبة الطويلة)، وليس حذاء يتبع لمقاتلين من لواء آخر.
ويؤكد عدم وجود وحدة عسكرية تضع كواتم صوت على أسلحة مقاتليها في قلب ميدان القتال، وأن سلاح القوة ليس سلاح ليس من طرازي تافور أو M4، وإنما سلاح خاص بالوحدات الخاصة مثل اليمام ووحدات الشاباك، وشيطط 13، وسيرت ميتكال، وغيرها.
وتوضح صورة الأسلحة التي سيطرت عليها القسام إلى ثلاث قطع أسلحة وجعبتي ذخيرة، ما يعني أن تعداد الأسرى لا يقل عن اثنين أو ثلاثة أسرى - دون تأكيد على حالتهم أحياء أو أموات -.
كل هذه الملاحظات، وفق زياد، تتزامن مع نفي المتحدث باسم جيش الاحتلال أن يكون أيّ من جنودهم مختطفين، ما يرجح أن الوحدة لا تتبع للجيش، وإنما وحدة تتبع للشاباك ربما، أو وحدة خاصة أخرى.
رصاصة الرحمة
يضيف زياد أن العملية جاءت في توقيت حساس جدا، في شهر ملتهب وأسبوع حافل بالأحداث، وأن الجنود الذين خرجوا لاستعادة رفاقهم وهزيمة حماس، سُحلوا في أنفاق غزة، وفشلوا في تحقيق شيء بعد 232 يوم من القتال.
ويقول إن هذه العملية أطلق معسكر جباليا الرصاصة الأخيرة على رأس العملية العسكرية برمّتها، وليست حرب استنزاف فحسب، بل محرقة لجيش الاحتلال، وتهشيم لصورة جيش تدعمه كل قوى الأرض.
وفي ذات السياق، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن إعلان كتائب القسام تنفيذ عملية أسر في جباليا بقطاع غزة ستكون له آثار على المؤسسة العسكرية وعلى النقاش داخل حكومة الاحتلال وعلى صانع القرار.
ويستدرك عرابي قوله في حديث لـ ”شبكة قدس“: ”ولكن أعتقد أن المفاعيل الكبرى لإعلان القسام حينما تؤكد الكتائب إعلانها هذا لا سيما وأن الاحتلال نفى أسر جنود له في قطاع غزة، ومن ثمة يمكن أن تردف القسام إعلانها هذا بإعلان آخر لتؤكد روايتها في ذلك الوقت حينما تثبت كذب اعلان جيش الاحتلال الاسرائيلي.“
وبحسب عرابي، فيسكون لهذا الإعلام تأثير أكبر على المستوى الداخلي الإسرائيلي، لا سيما وأنه دخل القطاع لاستعادة الأسرى الإسرائيليين ثم فقد جنودًا جدد أسرى فستكون ضربة للجيش وللرواية الإسرائيلية وستعطي أفاقًا لوقف الحرب.
واختتم حديثه بالقول، إن الجميع بانتظار بيانات أخرى بخصوص هذا الأمر، والإعلان سيكون له تداعيات أكبر لا سيما مع مسارعة الاحتلال لنفي هذا الأمر.
كوابح إسرائيلية
إسرائيليًا، يرى للمختص في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة أن بيانات القسام وإعلاناتها تحدث فرقًا في الداخل الإسرائيلي، لكنه تأثير طفيف على حكومة الاحتلال وسط الحرب، في ظل مجموعة من الكوابح الإسرائيلية التي تمنع ظهور أصوات مخالفة.
ويوضح هلسة في حديثه لـ ”شبكة قدس“، أن سردية اليمين لا زالت هي الطاغية التي تمتلك الكوابح لظهور رأي يؤثر على سيرورة الحرب، فهذه المرة ظهرت صورة جندي ملثم يعلن التمرد تشكل تحول نوعي في إطار حرب اليميين في حربها ضد الأصوات الرافضة لاستمرار الحرب، وهناك اصوات مساندة لنتنياهو وستبدد كل الاصوات الرافضة وهناك تفزيع في الداخل الاسرائيلي.
”صحيح أن ذلك يهز الداخل الاسرائيلي، وأن نتنياهو يستخدم أداة عودة حماس للسلطة لتفزيع الخصوم، وهناك جبن القيادات السياسية ولا أحد يريد أن يخرجوا من سردية القطيع فغانتس وأيزنكوت صدعوا رؤوسنا بالتهديد بالخروج من الحكومة دون فعلٍ حقيقي“، يقول هلسة.