عملت المقاومة في عمليات الدفاع وفق تكتيكات مختلفة تخدم أهدافها الميدانية وتتناغم مع أهدافها الاستراتيجية عدا عن أهدافها المتعلقة بميدان التفاوض والتفاهمات، فكانت تركز على استخدام تكتيكات تحقق غايات مباشرة بإيقاع الخسارة في صفوف القوات الغازية على مدار مراحل المعركة الممتدة، سواء بالتركيز على استهداف الآليات بسلاح الياسين حتى كسر الهجوم الكبير والزخم الناري المهول لحق ذلك.
كل أشكال الالتحام المباشر من كمائن مركبة واستخدام مركز للعبوات واستخدام لسلاح الهاون، ذلك كله رافقه ترميم وتطوير للخطوط الدفاعية بالمفاهيم المختلفة وإعادة بشكل أو آخر للتصنيع العسكري، عدا عن رفد الميدان بمقاتلين جدد، كل ذلك بشكل يراعي أمد المعركة ومحدودية المقدرات.
لم تغفل المقاومة بموازة ذلك عن تذكير الاحتلال على الدوام بأن تكلفة البقاء في غزة لا يمكن استيعابها فكانت تركز على محور الشهداء (نتساريم ) ولاحقا معبر رفح بالقنص والهاون، مستثمرة حالة التطور الهائلة لفهم المقاومة التكتيكي والعملياتي ومعرفتها الدقيقة بجيش الاحتلال ونقاط ضعفه واليات عمله التي درستها في معاهدها العسكرية.
لكن الملفت أن المقاومة غيبت سلاح الأسر عن خطط عملها الدفاعية حتى أمس فهل كان ذلك بسب العجز وعدم القدرة أم لسبب سياسي عملياتي، من الواضح أن السبب عملياتي سياسي بحت فالمقاومة ليست منبتة عم الأهداف السياسية وذلك نرصده أن كثيرا من عمليات الالتحام كان لدى المقاومة القدرة على الأسر في مناطق عدة منها جحر الديك والمغراقة والتفاح والشجاعية وخانيونس.
وهنا السؤال لماذا عملية الأسر اليوم ؟؟ الإجابة باختصار بعد أكثر من ٢٣٠ يوم من المعركة وفي ظل الحاجة للضغط على فاعل من فواعل التفاوض وهو ملف الأسرى وبعد تصدير الاحتلال استخراج الجثث على أنه إنجاز كان لابد من تهشيم أحد الأهداف المعلنة للحرب وهو استعادة الأسرى من خلال الضغط العسكري وكسر مفهوم ما لا يأتي بالقوة يأتي بمزيد منها ، بما يرجع هذا الفاعل بقوة لميدان المسيرات والتصريحات وميدان التفاهمات في ذات الوقت ، وبما يبدد أي شك لدى البعض بمقولة المقاومة الدائمة لا إفراج عن الأسرى سوى وفق صفقة تبادل متضمنة بالتفاهمات وفق ما يرضى شعبنا الصامد المحتسب.
أخيرا، لا شك أنما يجري هو في إطار مرحلة عض الأصابع والتي سينتصر فيها صاحب الحق المتشبث به العامل لنصرته ، وهو ورقة إضافية لموقف المقاومة التفاوضي بعدم فتح ورقة التفاهمات الأخيرة التي وافقت عليها المقاومة وهو رسالة للوسطاء أن كل تأخير معناه مزيد من الخسارات للمحتل ورسالة للعدو أنما لا تأخذه في الميدان لن تأخذه في التفاوض ، الله ناصرنا وهم المهزومون ، صير الله شعبنا العظيم وجزاه على ما قدم في الدارين ما يشفي ويثلج صدره ويرمم جرحه وينال به الرضى.