استطاعت أمريكا لعقود طويلة تمرير مسرحية النظام والمعارضة على الشعوب العربية، فتدير الأنظمة وتمتص الشعوب من خلال معارضة ذات أرضية دينية أو اشتراكية وقومية، وهذه المعارضة إما موجهة من نفس إدارة التوجيه للأنظمة أو ضعيفة بلا أفق.
وحتى تكتمل المسرحية أنشأت قنوات إعلامية تتبنى سياسة الأنظمة وأخرى تتبنى رواية المعارضة، وكلها تصب في توجيه يخدم أمريكا.
قواعد اشتباك لعقود طويلة نتيجتها النظام يتعمق والمعارضة لا تتجاوز مسيرة وخطابات، وإن علا السقف بثورة لا يجب أن تستكمل، أو على الأقل يرى الشعب العجب العجاب حتى يُحبط؛ خاصة وأن هذه الأحزاب دائما لا تُحسِن إخراج الثورات عمداً أو ضعفاً في القيادة الصادقة.
معارضة موجهة أمريكياً مصيبة، أو ضعيفة استراتيجيا مصيبة أعظم، وفي كلا الحالتين شعوب تنُهب ثرواتها وتُردع إرادتها وتُنصب الأسيجة والحدود لغضبها، كله ترسمه المعارضة المذكورة وحججها جاهزة مِن تصالحٍ مع النظام إلى انتظار القدر والحسبنة والتواكل.
جاء الطوفان وفضح وكشف معارضة متواطئة وأخرى ضعيفة وعرى أكثر أنظمة العرب، فبات الشارع يستوعب أن الأنظمة خائنة؛ ولكنه يتساءل عن دور المعارضة التي ترى كل هذا الفساد في بلدانهم والإبادة لأشقائهم، أم أن الطوفان فضح ضعفها أو تآمرها الذي بات في كل الأحوال ديكوراً سياسيا للأنظمة مروَضاً مقيتاً ومخدّراً للشعوب.. والجميع سقفه لا يتجاوز "مايسترو" السفارة الأمريكية في عواصمنا.
