غزة - قدس الإخبارية: قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي تعمد خلال اجتياحه البرّي لحي الزيتون جنوب غزة وجباليا شمال غزة، تدمير مدارس ومنشآت صحية، في إصرار على تدمير شامل لجميع مناحي ومقومات الحياة في قطاع غزة في إطار جريمة الإبادة الجماعية التي تستهدف الفلسطينيين هناك.
وأضاف المرصد في بيان له أن انسحاب القوات الإسرائيلية من حي الزيتون جنوب مدينة غزة صباح اليوم الأربعاء 15 مايو/أيار الجاري، بعد سبعة أيام من الاقتحام البرّي، تكشف معه تدميرها لثلاثة مدارس هي: عين جالوت، وعطا الشوا، وحسن النخالة، التي سبق أن شيدت بتمويل ياباني، إلى جانب تدمير مستوصف الزيتون الطبي الذي كان يخدم نحو 80 ألف نسمة من سكان الحي.
وأبرز الأورومتوسطي أن العملية العسكرية لجيش الاحتلال في حي “الزيتون” التي بدأت فجر الخميس الماضي –وهي الثالثة منذ بدء العدوان على قطاع غزة— تضمنت توغلًا بريًّا بآليات عسكرية وغارات جوية ومدفعية كثيفة، ما أجبر مئات العائلات على النزوح القسري، ورافقها نسف المزيد من المربعات السكنية، لتحول الحي إلى أكوام من الركام.
وأبرز الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إقدام الطائرات الإسرائيلية الحربية الساعة الرابعة والنصف فجر اليوم الأربعاء على قصف مبنى عيادة الصبرة المكون من 4 طوابق، والتي تتوكل للأونروا في حي الصبرة جنوب غزة، والذي كان يؤوي نحو 50 نازحًا منهم نساء وأطفال ومصابين، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد منهم، ونجاة البقية بعد انتشالهم من تحت الأنقاض.
وأشار إلى أن القصف الجوي للعيادة جاء بعد يومين من توغل القوات الإسرائيلية وتدميرها السور الخارجي للعيادة، ومن ثم لم تطلب من الموجودين داخلها بالإخلاء، ما أعطاهم شعورا بالأمان، قبل أن تغدر بهم القوات الإسرائيلية وتقصف العيادة عليهم بالطيران الحربي دون سابق إنذار.
وأفادت السيدة صفية رشدي ارحيم (43 عاما)، لطاقم الأورومتوسطي: إنها كانت نازحة مع زوجها وأبنائها من حي الزيتون في عيادة الصبرة، وفوجئوا فجر اليوم بتحليق طائرات حربية اف 16 عدة مرات قبل أن تطلق 4 صواريخ على الطوابق الأربعة ودمرتها على من فيها. وأضافت أن زوجها تيسير سليمان ارحيم (47 عاما) وكان جريحا، أصيب للمرة الثانية على التوالي، خلال هذه الحرب، هو وابنها سليمان (24 عاما).
وذكرت أنها وباقي النازحين كانوا يشعرون بالأمان النسبي في العيادة خاصة بعد أن توغلت القوات الإسرائيلية في المنطقة ودمرت سورها الخارجي بالجرافات، ولم تطلب منهم مغادرة المكان، بل أوصلت لهم رسائل عبر الهاتف بعد الاقتراب من حي الزيتون، لذلك بقوا في مكانهم حتى جاءت الطائرات ودمرت العيادة عليهم. وأكدت أنها وأفراد أسرتها خرجوا من تحت الأنقاض، فيما هناك قتلى وجرحى من عدة عائلات.
كما أشار الأوروتوسطي إلى أن القوات الإسرائيلية اقتحمت خلال الأيام الماضية 6 مدارس للأونروا في جباليا شمال قطاع غزة، كانت تؤوي آلاف النازحين بعد أن قصفتها وأطلقت النار تجاهها، وهجرت النازحين داخلها مرة أخرى، واعتقلت وقتلت أعدادًا منهم، ولا يعرف على وجه الدقة حتى الآن إن كانت استكملت تدميرها أم اكتفت بالدمار الجزئي الذي لحق بها جراء القصف.
وأشار إلى أن هذه المدارس تضاف إلى مئات التي دمرتها القوات الإسرائيلية كليًّا أو جزئيًّا، منذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي، سواء بالقصف الجوي أو المدفعي أو من خلال نسفها بالمتفجرات، أو تجريفها بالجرافات.
وأبرز المرصد الأرومتوسطي أن الاحتلال دمر 80% من مدارس قطاع غزة بين كلي وجزئي في هجومها العسكري منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، وهو ما وصفه خبراء الأمم المتحدة في بيان مشترك صدر في 18 نيسان/أبريل الماضي، بأنه يمثل إبادة تعليمية ويحرم جيلاً آخر من الفلسطينيين من مستقبلهم.
وأشار إلى أن هذه المعطيات أكدتها دراسة أجرتها صحيفة نيويورك تايمز، وكشفت أن أكثر من 80% من المدارس والجامعات في غزة دُمرت أو تعرضت لأضرار بالغة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر الماضي.وأوضحت الدراسة، أن أكثر من 200 مدرسة في القطاع تعرضت لضربات مباشرة بالصواريخ أو القنابل أو المدفعية.
ولفت الأورومتوسطي إلى أنه حتى المدارس التي تتولى وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إدارتها، والتي تحولت إلى مراكز إيواء لمئات آلاف المدنيين النازحين قسرًا، تعرضت وما تزال لهجمات إسرائيلية مكثفة -بعضها بشكل متكرر وفي فترات متفرقة- بما في ذلك في المناطق التي أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنها مصنفة “آمنة”.
وذكر أن جيش الاحتلال عمل بشكل منهجي على عسكرة الأعيان المدنية، بما في ذلك تحويل مدارس ومرافق تعليمية ومستشفيات إلى قواعد عسكرية، في إطار هجومه العسكري المستمر للشهر الثامن على قطاع غزة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي وقواعد الحرب.
وقال الأورومتوسطي إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يكتف بالاستهداف المنهجي وواسع النطاق للمدارس بالقصف والتدمير الهائل، وارتكاب الجرائم الخطيرة ضد أشخاص محميين بداخلها واستهدافهم على نحو مباشر ومتعمد بالعمليات العسكرية الجوية والبرية وجرائم القتل والإعدامات غير القانونية المباشرة، بل إنه حول عددًا منها إلى قواعد عسكرية وتمركز لقواته وآلياته، ومراكز احتجاز واستجواب وانتهاكات تعذيب، بما يتنافى مع قواعد القانون الدولي الإنساني المقررة لحماية الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية من خطر العمليات العسكرية، وينتهك الالتزامات المفروضة على الاحتلال باعتباره السلطة القائمة بالاحتلال، بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تقضي باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان تعليم الأطفال والأيتام والأطفال المفصولين عن آبائهم بسبب الحرب.
كما أشار إلى تحويل مستشفى الصداقة التركي إلى موقع عسكري إسرائيلي بعد تدمير أجزاء منه بالقصف والتجريف وهو أمر تكرر مع العديد من الأعيان المدنية.
وفي هذا الإطار أعاد الأورومتوسطي التذكير بأن العديد من المدارس في مناطق متفرقة من قطاع غزة حولها جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى قواعد عسكرية ومراكز احتجاز خلال اجتياحه الميداني لأغلب مناطق القطاع، منها مدرسة “صلاح الدين الإعدادية” في مدينة غزة، والتي تم تحويلها إلى مركز اعتقال واستجواب لمئات السكان في شباط/فبراير الماضي.
وأشار إلى أن الاحتلال أقدم في العديد من الحالات على تدمير ونسف الأعيان المدنية بعد تحويلها إلى مقار عسكرية كما فعل قبل أشهر بجامعة الإسراء جنوب مدينة غزة، وكل ذلك يجري دون أي مراعاة لقواعد القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك التمييز والتناسبية والضرورة العسكرية.
ويقدر بأن أكثر من 6500 طالب و756 معلمًا قتلوا وأصيب آلاف أخرون في الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة حتى منتصف نيسان/أبريل الماضي، فيما تزداد الأعداد كل يوم، ويستمر حرمان ما لا يقل عن 625 ألف طالب من حقهم في التعليم على مدار عام دراسي كامل.
وذكّر الأورومتوسطي بـتصريحات رئيس مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة “أجيث سونغاي” التي قال فيها إن النظام التعليمي في غزة “لم يعد له وجود في هذه المرحلة”، في ظل استخدام المدارس كملاجئ أو تدميرها في عمليات القصف الإسرائيلية بحيث لم تعد هناك مساحة لتعلم الأطفال.
وكان المرصد الأورومتوسطي وثق في تقرير له في 13 كانون أول/ديسمبر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي حول مدارس اتخذها عشرات آلاف النازحين ملاجئ إيواء، إلى مراكز عسكرية وإعدامات ميدانية. وفي حينه نشر الأورومتوسطيشهادات عن تنفيذ قوات الجيش عمليات إعدام وقتل عمدية ضد مدنيين فلسطينيين بعد احتجازهم لأيام داخل مدارس لجئوا إليها بعد طردهم من منازلهم ونزوحهم القسري.