فلسطين المحتلة - شبكة قُدس: ضمن حربه على الفلسطينيين؛ يواصل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه التحريض ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، بوتيرة مرتفعة عن السابق منذ بدء الحرب على قطاع غزة تحت مزاعم وادعاءات واهية لم يتم إثباتها، ولكن يروج لها الاحتلال في محاولة لوقف عمل الوكالة الدولية في فلسطين وعلى وجه التحديد في قطاع غزة.
فجر اليوم الثلاثاء؛ ألقى مستوطنون مواد مشتعلة على مقر وكالة الأونروا في حيّ الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، للمرة الثالثة خلال أسبوع فقط.
وأدى إلقاء المواد المشتعلة إلى إضرام النيران في أجزاء من الساحة الخارجية، بالتزامن مع إلقاء الحجارة تجاه المقر المغلق منذ أيام على خلفية هجمات المستوطنين عليه.
وفي التاسع من الشهر الحالي أعلن المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني إغلاق المقر في القدس، لحين اتخاذ إجراءات الأمن المناسبة، بسبب محاولة إحراقه أكثر من مرة خلال أسبوع.
وأكدت الأونروا، أنه من مسؤولية الاحتلال الإسرائيلي أن يضمن حماية الموظفين والمرافق التابعة للأمم المتحدة في جميع الأوقات، وفقا للقانون الدولي.
يشار إلى أن هذا هو الاعتداء الثالث الذي يتعرض له مقر الأونروا بالقدس المحتلة خلال أسبوع، حيث هاجم عدد من المستوطنين بحماية قوات الاحتلال المقر يومي الأربعاء والخميس الماضيين، وحاولوا اقتحامه، وإضرام النيران في محيطه.
وفي السياق، طالب الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في وقت سابق، بمحاسبة المسؤولين عن الهجوم، وقال في منشور على منصة إكس إن الاتحاد الأوروبي يطالب بمحاسبة الجناة المسؤولين عن الهجوم على مباني الأونروا في القدس المحتلة.
وأضاف بوريل، أن الاتحاد الأوروبي يدين بشدة إضرام مستوطنين متطرفين النار في مقر الوكالة الدولية.
كما وأدانت عدة دول ووزراء خارجية، تصاعد الاحتجاجات العنيفة ضد الأونروا، داعية إلى حمايتها وحماية موظفيها.
حيث اعتبرت دول عدة، أن الاعتداء على مقر الأونروا في القدس تحدياً سافراً للقانون الدولي وترهيباً مفضوحاً تحت عباءة حرية التعبير.
وعلى مدى الشهرين الماضيين، نظم مستوطنون احتجاجات عنيفة أمام مقر الأونروا في القدس المحتلة، تضمنت رشق حجارة على الموظفين والمباني ومحاولة إغلاقه.
وبالتوازي مع حربها على قطاع غزة التي دخلت شهرها الثامن، شن الاحتلال الإسرائيلي حملة على الأونروا عرقلت بشكل كبير عملها في القطاع بزعم عدم حياديتها ومشاركة موظفيها في أحداث السابع من أكتوبر.
وفي وقت سابق، حذرت حركة المقاومة الإسلامية حماس من أي جسم دولي يشرف على عمل الأونروا بديلًا عن الأمم المتحدة.
وقالت في بيانٍ صحفي، إنها تابعت باهتمام وقلق التقرير الذي صدر عن اللجنة التي كلفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس برئاسة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا، لمراجعة حياد الأونروا، والتي فنّدت فيه مزاعم الاحتلال التي حاول عبرها تشويه عمل الوكالة الدولية، والمكون من 54 صفحة.
وأشارت إلى مجموعة من المحاذير والمخاطر تضمنها التقرير، التي تستهدف العمل على تفريغ عمل الأونروا وتشكيل أجسام دولية بديلة عن الأمم المتحدة في متابعتها، والإشراف عليها، في محاولة لاستهداف بعدها السياسي، وفي سياق المخططات الخبيثة التي تستهدف إنهاء عملها كشاهد سياسي على النكبة الفلسطينية.
وأوضحت حماس: جاء في سياق التقرير دعوة لإنشاء جسم دولي يشرف على عمل الأونروا من خارجها، وهو ما يشكل بحد ذاته استهدافا سياسيا بامتياز، يمهّد لانتزاع مسؤولية الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما أنه يحل محل اللجنة الاستشارية للأونروا المشكلة من 28 دولة و3 أعضاء مراقبين.
ولفتت إلى أن التقرير ينادي بنزع مسؤولية اتحادات الموظفين العاملة في نطاق عمليات الأونروا بالمناطق الخمسة، بزعم أنها مسيسّة، وهو اتهام خطير يترتب عليه مخاطر جمّة على صعيد محاولة ضرب العلاقة بين الموظفين والإدارة، وتعميق الخلافات بينهما، وتدخل صارخ في عمل المؤسسة الدولية التي يفترض أن التقرير ينادي بحياديتها وعدم التدخل في شؤون عملها.
وأكدت أن دعوة التقرير بالشراكة مع مؤسسات أخرى مع الأونروا محاولة أخرى لتفريغ وتبهيت عملها، خاصة مع استبدال خدماتها الإغاثية بشكل عملي في القطاع، دون تعزيز دور الأونروا، الأمر الذي أدّى لإضعاف خدماتها المقدّمة.
وتابعت: "نسجل استغرابنا لتطرق الوزيرة الفرنسية السابقة للمناهج التعليمية التي تدرسها الأونروا، ودعوتها لمراجعة ما تسميه قضايا داخل المناهج لا تلتزم بالحيادية، رغم العمل ومن خلال لجان مختلفة لدراسة 157 كتابا دراسيا يدرسّ في مدارسها جرى تعديل بعض ما جاء فيها، والآن ترى الوزيرة السابقة بأن وصف مدينة القدس عاصمة لشعبنا الفلسطيني وصف يعزز الكراهية، رغم أن ذلك يتقاطع مع قرارات الأمم المتحدة التي تعترف بحق شعبنا في إقامة دولته وعاصمته القدس، ولا تزال عديد الدول الغربية ترفض نقل سفارتها إلى هناك بعد اعتراف واشنطن بها عاصمة مزعومة للكيان."
وقالت حماس إنها تستعرف أمام ازدواجية معايير العالم المقيتة، التي ترى حقًا أصيلا ونبلا عظيما للموظف الأوكراني العامل في الأمم المتحدة في التعبير عن رأيه تجاه الحرب في بلاده، بينما تراه غير حيادي تجاه الموظف الفلسطيني الذي يعبر عن حقه، خاصة وأن الأونروا أساسا شكّلت في سياق تداعيات العدوان التاريخي الذي استهدف إبادته وطرده من أرضه، ونرى أن هذه الازدواجية هي وجه آخر من وجوه النفاق الذي تستخدمه بعض الأطراف الدولية في حرب الإبادة التي يتعرض لها قطاع غزة، وتورط بعضها بكل أسف في دعم هذه الحرب ومشاركته فيها، خاصة الموقف المتجسدّ من واشنطن وبعض حلفائها.
وجددت دعوتها لكل الأطراف الدولية التي امتنعت عن دعم الأونروا؛ للوقوف أمام مسؤولياتها تجاه ما يتعرض له شعبنا الفلسطيني من حرب إبادة، ونؤكد أنّ كل المحاولات التي تهدف لشطب أي عنوان من عناوين قضيتنا في القدس أو النكبة أو الأرض، فإنها لن تؤدي إلّا لاشتعال مزيد من الحرائق تجاه الأمن والسلم العالمي، ولم يحقق السلام في لحظة من اللحظات.
وأشرفت وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا على إعداد التقرير بتكليف من الأمم المتحدة، بعد مزاعم إسرائيلية بوجود صلات بين عدد من موظفي الأونروا وفصائل فلسطينية في غزة، وهي الاتهامات التي تسببت في اتخاذ عدد من الدول قرارات بتعليق تمويلها للمنظمة الأممية.
وتأسست الأونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وجرى تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس في الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.