سليم تايه - يافا المحتلة
يخوض سكان مدينة يافا شمال فلسطين المحتلة عام 1948، صراعا للدفاع عن آخر قطعة أرض يمكن أن تشكل حلا للأزمة السكنية التي يعاني منها فلسطينيو المدينة، قبل أن يتم تسريبها للمستوطنين كما حدث في أوقات سابقة.
ويقول رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الأرض والمسكن في يافا سامي أبو شحادة، إنه لم يتبقى لسكان المدينة الفلسطينيين أراضي لبناء مساكن عليها، بعد أن أقدمت سلطات الاحتلال على بيع عقارات المهاجرين الفلسطينيين من يافا بالمزاد العلني، وهو الأمر نفسه الذي يحدث مع قطعة الأرض الأخيرة، المعروفة باسم أرض "السوق"، والمعروضة حاليا في المزاد من قبل ما يسمى "دائرة أراضي إسرائيل".
وأضاف أبو شحادة وهو أيضا باحث ومؤرخ في تاريخ يافا، أن قضية الأرض والمسكن باتت هي القضية الأساسية التي تشغل بال الفلسطينيين في يافا، في السنوات الأخيرة وأصبحت بالنسبة لهم قضية وجود.
وأوضح أبو شحادة في تصريحات لـ "قدس برس"، أنه كان هناك دائما مناقصات لبيع الأراضي في يافا من قبل سلطات الاحتلال، التي استولت على أراضي المدينة من أصحابها الفلسطينيين في أعقاب نكبة عام 48، إلا أن أرض السوق تختلف عن باقي الأراضي، كونها آخر قطعة أرض بهذا الحجم في "حي العجمي" التاريخي الفلسطيني، والذي يعد أهم حي فلسطيني في المدينة، حيث تبلغ مساحتها نحو ستة دونمات ونصف (الدونم ألف متر مربع)، ويمكن بناء عشرات الوحدات السكنية عليها، بالإضافة إلى مجمعات تجارية.
وأضاف أبو شحادة، أن أرض السوق ملاصقة للأرض التي استولى عليها المستوطنون في حي العجمي الفلسطيني قبل عدة سنوات، ولذلك تكتسب هذا الأرض أهمية سياسية بالغة، مشيرا إلى أن يافا تعرضت لأكبر عملية سطو في أعقاب حرب عام 1948، عندما طردت المنظمات الصهيونية أصحاب البلد الأصليين.
تلاعب بالمناقصات لصالح المستوطنين:
وأضاف أبو شحادة، إنه في السنوات الأخيرة، ومع ارتفاع سعر الأراضي في يافا، بدأت سلطات الاحتلال ببيع أراضي يافا بالمزادات، وفي عام 2010، تم بيع جزء من أرض السوق وحاولنا المنافسة بالمناقصة، وكان الحد الأدنى لمبلغ هذه المناقصة المغلقة هو أربعة ملايين شيكل، فأودع العرب 4 ملايين و 600 ألف شيكل بمساعدة رجال أعمال عرب، إلا أن قيادة المستوطنين أضافت على هذا المبلغ 25 ألف شيكل، مما أثار شكوكاً بالتلاعب بالمناقصة لمصلحة المستوطنين، حيث أن دائرة أراضي إسرائيل التي تدعم المستوطنين ساعدتهم، وفتحت أوراق المناقصة لهم بشكل غير قانوني، واطلعوهم على المبلغ الذي تم وضعه من قبلنا.
وأكد الناشط اليافاوي، أن قضية أرض السوق تكتسب أهمية بالغة بالنسبة لفلسطينيي يافا، في ظل أزمة السكن الخانقة التي يعانون منها، إذ لا يتوفر لهم أي بديل، بعد أن تم هدم جزء كبير من الأحياء العربية القديمة في المدينة، ومصادرة جزء كبير من أملاك سكان المدينة، ولم تقم سلطات الاحتلال ببناء أي حي عربي جديد، ولا توجد أي حلول سكنية، وليت الأمر توقف إلى هذا الحد، فسلطات الاحتلال ما زالت تلاحق سكان المدينة على القليل المتبقي.
وأضاف أبو شحادة، نحن أمام قضية تحدي وقضية وجودية، والمعركة على الأرض وقضايا السكن تختلف عن باقي الحقوق كحرية الرأي والتعبير وغيرها، فعندما لا يوجد سكن لا تستطيع أن تكون.
وقال أبو شحادة إن بناء مستوطنة في قلب "حي عجمي" في المنطقة، والذي تسكنه أكثرية فلسطينية، هو عبارة عن قنبلة موقوتة، وهو ضمن مخطط كبير للاستيطان في المدن المختلطة، حيث بدا هذا المخطط في اللد ثم عكا والآن في يافا بعد إخلاء مستوطنات غزة في عام 2006 في إطار خطة فك الارتباط.
وأكد أنه يسكن في "حي العجمي" حاليا 30 عائلة من المستوطنين اليهود، يضاف إليهم عشرات العائلات الذين استوطنوا في الأحياء الشرقية.
وأضاف أن سكان يافا يعيشون في نضال مستمر، لا يمر شهر دون مظاهرات واعتصامات ضد سياسات سلطات الاحتلال التي تستهدف تهويد المدينة، "وهم قادرون على التحدي ولكنهم بحاجة إلى دعم مقومات صمودهم، ويجب على جامعة الدول العربية والعالمين العربي والإسلامي مساندتهم ومساعدتهم في التصدي الفعلي لمخططات المشروع الصهيوني والخروج من دائرة الشجب والاستنكار، بوضع إستراتيجية وخطة إنقاذ لتدعيم صمود الداخل الفلسطيني والمدن الساحلية ويافا كونها خط الدفاع الأول عن القدس والأقصى والقضية الفلسطينية برمتها"