ترجمات - قدس الإخبارية: قال الكاتب والصحفي البريطاني ديفد هيرست، إنه وللمرة الأولى في تاريخ الصراع الطويل بين الاحتلال والفلسطينيين، يجد الفلسطينيون أن لديهم قادة ليسوا على استعداد للتنازل عن مطالبهم الأساسية وهذه القيادة تحظى فعلا باحترام الشعب الفلسطيني، وتظهر غزة بشعبها وبمقاتليها معاً وجميعاً عزماً وتصميماً على الصمود والقتال لم يصدر مثله قط لا عن منظمة التحرير الفلسطينية ولا عن ياسر عرفات.
ونشر موقع ميدل إيست آي البريطاني، مقالا لرئيس تحريره الصحفي ديفيد هيرست، رأى فيه أنه "بعد مرور سبعة أشهر من العدوان على غزة لا يزال اسم فلسطين يتواجد ويتردد في كل مكان، وعلى كل الألسن، مشيرا إلى أن استطلاعات الرأي تثبت ذلك، كما أن من نتائج المعركة الطويلة وقوف الاحتلال الإسرائيلي في قفص الاتهام أمام محكمة العدل الدولية.
وذكر، أن اليهود يشعرون بالرعب مما يتم فعله باسمهم، ويشعرون بالرعب لأن دينهم بات ذريعة يتم اللجوء إليها لتبرير عمليات التطهير العرقي، ويشعرون بالرعب لأن اسمهم يتحول إلى رخصة للقتل، ويشعرون بالرعب بسبب ما يمارسه الاحتلال من نفوذ على الكونغرس في الولايات المتحدة وعلى البرلمان في بريطانيا وعلى كل واحد من الأحزاب السياسية الرئيسية في أوروبا.
وعن الحراك غير المسبوق الذي تشهده الجامعات الأمريكية، قال: "هناك جيل جديد يتشكل في أمريكا، وهي البلد الوحيد الذي بإمكانه أن يوقف هذا الصراع من خلال سحب دعمه العسكري والسياسي والاقتصادي للاحتلال، واليهود باتوا يشعرون بالرعب من أن اسم ديانتهم يتم استخدامه في كل هذه المجازر والحروب الوحشية من قبل الصهاينة في دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما أن هناك حراكا يهوديا يتحدى السردية الصهيونية في أمريكا، وهذا أمر غاية في الأهمية التاريخية.
ويشير، إلى أنه في عام 1968، تحولت جامعة كولومبيا إلى واحد من المراكز الرئيسية للاحتجاج ضد الحرب على فيتنام، وذلك بسبب ما كان قائماً بين جامعة كولومبيا وقطاع الصناعات الحربية من ارتباطات، واحتل الطلاب خمسة مبان ثم احتجزوا عميد الجامعة هنري كولمان واتخذوه رهينة لمدة ست وثلاثين ساعة، وثمة صورة شهيرة يظهر فيها أحد الطلاب وهو يدخن السيجار داخل مكتب العميد.
ويشير إلى أنه تم استدعاء الشرطة إلى داخل الحرم الجامعي، وتعرض المئات من الطلاب للاعتقال أو الإصابة بجروح، ثم أعلن الطلاب الإضراب عن الدراسة، وأفضى ذلك إلى استقالة رئيس الجامعة غريسون كيرك، كما وصلت الاحتجاجات ضد الحرب إلى ذروتها أمام مقر انعقاد المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو، وهي التي اعتبرت فيما بعد واحداً من الأسباب التي أدت إلى انتخاب ريتشارد نيكسون رئيساً.
وحول أوجه التشابه ما بين حركة الاحتجاج في عام 1968 ضد الحرب في فيتنام والاحتجاج العالمي الذي يجري اليوم ضد الحرب في غزة قال هيرست إنها كثيرة، موضحا: كما كان عليه الحال في هجوم تيت، لم يلبث الهروب الجماعي من السجن، الذي خططت له ونفذته كتائب القسام في السابع من أكتوبر، أن خرج عن السيطرة خلال ساعات، وسبب ذلك جزئياً الانهيار السريع غير المتوقع في لواء غزة التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي في جنوب فلسطين المحتلة.
وأضاف: الهجوم الذي توجه نحو أهداف عسكرية، قتل فيه المئات من الجنود الإسرائيليين، ولكن جاء الرد الإسرائيلي، والذي هو عبارة عن عملية هدم داخل غزة مستمرة منذ سبعة شهور، حملة إبادة جماعية ضد كل فرد وكل عائلة داخل القطاع بغض النظر عن انتماءاتهم، تدميراً لمنازلهم ومستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم، ليثبت أنه نقطة تحول في الرأي العام العالمي.
وتارة أخرى، وفق الكاتب؛ يأتي الدعم لهذه الحرب من قبل رئيس أمريكي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي، ويحدث ذلك في سنة انتخابية، وتارة أخرى، تتصدر جامعة كولومبيا لتصبح مركز الثورة والتمرد، حيث أطلق معسكر للطلاب داخل حرمها احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي موجة من النشاطات الاحتجاجية المشابهة داخل العديد من الكليات والجامعات في مختلف أرجاء الولايات المتحدة.
ووفق هيرست؛ فإنه كما حدث في عام 1968، جوبه الكثير من هذه الاحتجاجات بالقوة، وفي جامعة كولومبيا أمرت رئيسة الجامعة نعمت شفيق شرطة مدينة نيويورك بتفريق المتظاهرين وهدم خيامهم الخمسين المقامة في الساحة الجنوبية، الأمر الذي نجم عنه إلقاء القبض على مائة من طلاب كولومبيا وكلية بارنارد، بما في ذلك ابنة عضو الكونغرس الأمريكي إلهان عمر، وأصدرت أوامر بتوقيف الطلبة عن الدراسة، وقيل لهم إنهم لن يتمكنوا من إتمام فصلهم الدراسي، وما يقرب من 900 متظاهر ألقي القبض عليهم في مختلف أنحاء البلاد منذ اندلاع المواجهات ابتداءً في جامعة كولومبيا في يوم الثامن عشر من إبريل.
ويذكر الكاتب البريطاني، أنه في عام 1970 فتح عناصر الحرس الوطني في أوهايو النار على المحتجين وقتلوا أربعة طلاب وجرحوا تسعة آخرين في ما بات يعرف بمذبحة ولاية كينت، ولم تزد قسوة الشرطة وتوحشهم ضد الطلاب حركة الاحتجاج إلا انتشاراً.
وبعد ساعات من إغلاق الإدارة المعسكر الطلابي داخل جامعة برينستون، احتل مئات الطلاب الساحة المركزية، وجلبوا الكتب وأجهزة اللابتوب والألواح البيضاء ليقيموا “جامعة شعبية من أجل غزة”، ثم ما لبث أعضاء الهيئة التدريسية أن انضموا إليهم، يلقون عليهم المحاضرات ويديرون معهم النقاشات.
لم تلبث الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة أن انتشرت وانتقلت إلى الجامعات البريطانية، رغم أن هذه حظيت باهتمام أقل من قبل وسائل الإعلام، وباتت هذه الحركة الاحتجاجية تترك أثراً عميقاً على غزة نفسها، وذلك أن الشعب الفلسطيني الذي يتحمل أعباء هذا العدوان لم يعد يشعر أنه وحده.
وبحسب الكاتب، فإنه إذا كان المستهدف من قبل الحركة الاحتجاجية في عام 1968 هو البنتاغون أو القمع الأبوي للدولة الغولية، فإن المستهدف اليوم هو الصهيونية ومن يسلحون الاحتلال الإسرائيلي في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، والمستهدف هو اللوبي المناصر للاحتلال الإسرائيلي، بما يمارسه النشطاء فيه من تشهير وتشويه للسياسيين الذين يدعمون فلسطين إذ يتهمونهم بمعاداة السامية
ويؤكد: تثير حرب غزة جدلاً غير مسبوق بين اليهود، حيث قال بعض الرموز الفكرية مثل الصحفية الكندية ناعومي كلاين إن الصهيونية ما هي سوى “صنم باطل أخذ فكرة الأرض الموعودة وحولها إلى صك أرض للبيع من أجل إقامة دولة عرقية عسكرية”.
وكتبت كلاين تقول: ” لقد جاءت بنا الصهيونية إلى لحظتنا الحاضرة من الطامة، وآن لنا أن نقول بوضوح: لم تزل الصهيونية منذ البداية تقودنا إلى هنا. إنه صنم باطل جر الكثيرين من أبناء شعبنا وأغرقهم في طريق لاأخلاقي، حتى باتوا يبررون الآن تمزيق الوصايا الجوهرية: تحريم القتل، تحريم النهب، تحريم الغي”.
بالنسبة للمستقبل القريب، وفقا لـ هيرست؛ لقد أحيت حركة مناهضة الحرب على غزة الوطنية الفلسطينية بطريقة غير مسبوقة، وها هي الرسومات الجدارية الباهتة التي رسمت من أجل تخليد ذكرى المعارك التي خاضتها حركة فتح وفصائل منظمة التحرير تُستبدل في مخيمات اللاجئين في لبنان بشعارات ورسومات براقة جديدة تحتفي بهجوم السابع من أكتوبر، وبات المثلث المقلوب، الذي يصف نزول مقاتلي حماس بالمظلات من فوق الحاجز في غزة، منتشراً في كل مكان.