غزة - قدس الإخبارية: منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر\تشرين الأول 2023 والاصطفاف العالمي مع الاحتلال الإسرائيلي في قتل الفلسطينيين وممارسة الإبادة، برزت جدالات حقيقة حول جدوى القانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان.
وزاد من حدة هذه التساؤلات، عدم تنفيذ حقيقي لقرار محكمة العدل الدولية نهاية يناير\كانون الثاني 2024، والتي فرضت على الاحتلال اتخاذ تدابير إجرائية لمنع إجراء إبادة جماعية في قطاع، تنفيذًا لطلب جنوب أفريقيا، لكن دون جدوى، ودون أية فعل حقيقي على الأرض.
في حديثه لـ "شبكة قدس"، يقول أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية رائد أبو بدوية أن القانون الدولي ليس فاعلًا رئيسيًا في منظومة العلاقات الدولية، بل هو أحد العوامل المساعدة في تنظيم العلاقات، ويتنحى جانبًا ليعطي الأولوية للمصالح السياسية للدول التي تتحرك وبتني علاقاتها وفقاً لمصالحها.
ويشير أبو بدوية إن الدول الأوروبية على سبيل المثال حاولت بعد تأسيس الأمم المتحدة أن تجعل من القانون الدول المنطلق الأساسي لتحركاتها وسياساتها الخارجية، لكن في الحقيقة، فإنها تحترم القانون ما دام يتوافق مع مصالحها، وعندما يتعارض معها فلا تكترث له.
وفي القضية الفلسطينية والاصطفاف الأوروبي والأمريكي إلى جانب الاحتلال في حرب الإبادة، يؤكد أبو بدوية أن فعالية القانون الدولي تكاد تكون معدومة، في ظل التحالف الغربي الإسرائيلي منذ احتلال فلسطين، موضحًا أن "إسرائيل" لم تكترث للقانون الدولي أو تطبقه، فهي لم تنفذ به منذ البداية قرار التقسيم ولم تعترف بقرار 242 وقرارات 67 وقرارات الجمعية العامة، فضلًا عن مئات القرارات التي لم يكترث لها الاحتلال ولم تضغط المنظومة الغربية لتطبيقها.
ومنذ السابع من أكتوبر\تشرين الأول، وبينما كانت الإبادة على مرأى شعوب العالم وحكوماتها، باتت عورة هذه المنظومة القانونية جليّة، خاصة في ظل هذا الصمت والعجز الدولي على ردع هذا الكيان لوقف هذه الإجراءات، على حد تعبير أبو بدوية.
لا آليات إنفاذ قانون
ويشير أستاذ القانون الدولي لمشكلة أخرى في منظومة القانون الدولي، تكمن في عدم وجود آليات عملية لإنفاذ هذا القانون، مبيّنًا: "صحيح أن هناك محكمة عدل دولية تعتبر كإحدى أدوات للقانون الدولي، لكنها تفتقد لأدوات إنفاذ القرارات على الدول"
ولا تمتلك محكمة العدل الدولية أية أداة أو مواد تتعلق في آلية الإنفاذ، بينما يقتصر الجهاز التنفيذي الوحيد على مجلس الأمن الدولي، وهو ما نص عليه الميثاق ومجلس الأمن بتشكيلته الحالية الموجودة بوجود 5 أعضاء دائمين تعكس مصالح الدول الخمسة السياسية، وتفتح الباب أمام استخدام المجلس لتحقيق المصالح الشخصية الخاصة بها.
ويشدد أبو بدوية على أن أدوات القانون الدولي لا تتناسب مع الحالة الطارئة الموجودة في قطاع غزة، سواء محكمة الجنايات التي لم تصدر أي مذكرات تحقيق بحق أي مسؤول إسرائيلي برغم تقصيرها، بل إن إجراءاتها كفتح تحقيق تتناسب على المستوى المتوسط والبعيد لكن حالة غزة هي حالة طارئة.
لا إرادة سياسة للدول
وبعيدًا عن إنفاذ دولي للقانون وقرارات المحكمة، فحتى الدول فُرادى، وفق أبو بدوية، لم تتخذ أية إجراءات تضغط على الاحتلال لتنفيذ قراراته، سواء بقطع علاقات دبلوماسية أو اقتصادية أو تجارية، ووقف اتفاقيات تعاون، ومن اتخذ هذه الإجراءات لم يفعلها بشكل كافٍ يرقى لمستوى الإبادة.
ويتساءل أبو بدوية: "لا أتوقع من الدول الغربية أن تفعل هذه الإجراءات في الوقت الراهن في ظل حلفها مع الكيان، لكن باقي العالم بإمكانه تفعيلها حتى يتوقف الاحتلال عن هذه الجرائم المرتكبة بعد 200 يوم من العدوان، لكن هل هناك إرادة سياسية سواء على المستوى العربي والإسلامي والدول المناصرة للحقوق الفلسطينية لفرض عقوبات ومقاطعات وعقوبات على الكيان؟"