تقارير خاصة - قدس الإخبارية: بعد ظهر الجمعة، 12 إبريل\نيسان 2024، هاجم أكثر من الف وخمسمئة مستوطن قرية المغير شمال شرق رام الله، وأحرقوا المنازل ومركبات المستوطنين، وتوسعوا في هجماتهم وعدوانهم على قرى شمال رام الله مثل بيتين وترمسعيا وقضاء نابلس حيث قرى دوما وعقربا وقصرة.
وتكررت هجمات المستوطنين خلال السنة الأخيرة، وقد سجل مطلع العام الماضي 2023، هجومًا واسعتي على قريتي حوارة جنوب نابلس وترمسعيا شمال شرق رام الله، وأحرقوا منازل ومركبات وقتلوا فلسطينيين.
في هجماتهم الأخيرة على قرية المغير، تجمع المستوطنون على شارع ”60“ أو ما يعرف باسم شارع الموت في الانتفاضة الثانية، حيث تركزت العمليات الفدائية الفلسطينية، وعاش المستوطنون حالة خوف لم يستطيعوا خلالها التنقل بين المستوطنات المقامة على أراضي الضفة المحتلة إلا بأرتال عسكرية من جيش الاحتلال من أمامهم وخلفهم تحاول حمايتهم.
إذن، كيف تجرأ المستوطنون؟
يرى المحاضر في جامعة بيرزيت عبد الجواد عمر، أن السلطة الفلسطينية بحلتها الجديدة، تعمدت بعد الانتفاضة منع أي مراكمة جادة للقوة في الضفة المحتلة لتبقى هي الجهة الوحيدة المنظمة والقادرة على احتكار العنف، وإطار تعاونها الاقتصادي والأمني مع دولة الاحتلال.
ويضيف عمر، في حديثه لـ ”شبكة قدس“، أنه وفي ظل عدم القدرة على مراكمة القوة والتنظيم، تفشل أيضًا في مواجهة الاستيطان والمستوطنين، بمعنى أن وجهة السلطة السياسية تكمن في منع قابلية المقاومة والحماية، وهذه البنية اليوم تضعنا في مواجهة مليشيات منظمة فرادى.
وعلى الرغم من هذه الأسباب التي تحول دون المواجهة الجادة والجماعية في الضفة المحتلة، يلفت عمر إلى عددٍ من الأدوات التي يمكن من خلالها مواجهة المستوطنين، أهمها التنظيم بمعناه الاجتماعي، وخلق سبل للفعل الجماعي المشترك، ويقول: ”هذا الرهان الوحيد، لأن التنظيم هو ما يخلق احتمالات وإمكانيات معه بما فيه ابتداع التكتيك والتقنية والقدرة على الحشد والاستمرار في مشروع بقاءنا ودفاعنا عن وجودنا في فلسطين.“
ومنذ السابع من أكتوبر\تشرين الأول 2023 وحتى مطلع نيسان\إبريل 2024، وبالتزامن مع حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، شن المستوطنون أكثر من 700 هجوم على الضفة المحتلة وبحماية جيش الاحتلال، كما تشير بيانات الأمم المتحدة.
ونتيجة لهذه الهجمات، ارتقى 19 فلسطينيًا وأصيب أكثر من 400 آخرين برصاص المستوطنين، وهجّرت الهجمات أكثر من 1200 فلسطيني، بينهم 600 طفل، من التجمعات البدوية الفلسطينية.
بالنسبة بنائب رئيس المجلس التشريعي حسن خريشة فإن الذي جرأ هؤلاء المستوطنين، هو الانقسام الداخلي الفلسطيني، وعدم وجود آلية لمواجهة هؤلاء، مؤكدًا أن هذه الأفعال ستستفز في نهايتها الشارع الفلسطيني لانتفاضة جديدة تعيد إحياء الانتفاضة السابقة حيث منع الفلسطنيون المستوطنين من السير على الشوارع الأساسية.
ويقول خريشة، في حديثه لـ ”شبكة قدس“، إن السبب الآخر من تجرأ المستوطنين يمكنا قراءته في عدم مقدرة الاحتلال على الدخول بسهولة إلى مخيم طولكرم وبلاطة وجنين وغيرها، وهو بسبب المقاومة التي تجعل دخوله وخروجه أمر غاية في الصعوبة.
وبذلك يؤكد خريشة، أن المقاومة هي الطريق الوحيدة لطرد المستوطنين والحفاظ على الأرض، ”وبالتالي ما يجري جزء من حرب شاملة والجميع مطالبة بالمشاركة في هذه الحرب حسب دوره وإمكانياته ومطلوب تفعيل أدوارنا في المجتمع الدولي للضغط عليهم لفرض عقوبات على المستوطنين ولجم الاحتلال ووقف حربه“، على حد تعبيره.
حكومة احتلال استيطانية
في مطلع يناير\كانون الثاني 2024، تفاخر وزير الأمن الداخلي لدى الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير أن وزارته نجحت في تسليح 100 ألف مستوطن منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، قائلًا عبر منصة إكس: “الإسرائيلي رقم 100 ألف حصل على رخصة حيازة سلاح، من أصل 299.354 طلبًا تم تقديمه منذ الحرب.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن 250 ألف طلب تقدم به الإسرائيليون من أجل الحصول على رخص حمل السلاح بعد عملية طوفان الأقصى وفق أرقام لجنة الأمن لدى الاحتلال، في حين تزايد الإقبال على مراكز التدريب على استخدام السلاح، وحصل الآلاف من الإسرائيليين على سلاح لأول مرة.
وحول ذلك، يؤكد القيادي في حركة حماس محمود مرداوي أن المستوطنين يستمدون القوة بالحكومة التي يسيطر عليها التيار الديني القومي، والذي يسعى لخطة واضحة قائمة على تهجير الفلسطينيين، وممارسة كل الجرائم من أجل تنفيذ هذه الخطة التي تهدف بالأساس لتفريغ الضفة المحتلة من سكانها، مشددًا، على أن ما يجري في غزة لا يعتبر الاستراتيجية الإسرائيلية الأولى، وإن كانت حضرت فهي استغلالاً لوجود الجيش بقوته في غزة ومحاولة التأثير على الحكومة من خلال السيطرة والهيمنة.
ويتابع مرداوي، في حديثه لـ ”شبكة قدس“، أن الخطة الأساسية لهذه الحكومة وهذا التيار التي تعبر عن حالة ”الشعوذة لهذا التيار الديني المحرف للتوارة والتي تريد نقاء فلسطين من الأغيار واستفراد اليهود الغزاة المحتلين“، وهم يستغلون أي حدث وهم يمارسون كل وسائل الاستدراج والتحرش للدخول في معارك تفضي لتنفيذ أجندتهم التوارتية.
ويدعو مرداوي السلطة الفلسطينية لمراجعة نفسها والكف عن الرهان للخارج، والأوهام المتعلقة بالتسويات وأن تمنح الشعب الفلسطيني الفرصة الحقيقية لمواجهة وطرد المستوطنين، كما يطالب الفصائل والقوى برفع سقف تحركاتها بغض النظر عن الموانع القائمة أمام ذلك.
وسهّل بن غفير إجراءات الحصول على تراخيص حمل الأسلحة للإسرائيليين بأعقاب طوفان الأقصى، وبدأ هو بنفسه توزيع أسلحة على سكان مدينة عسقلان المحتلة، كما أمر كذلك بتسهيل الحصول على تراخيص الأسلحة، وظهر كثير من الإسرائيليين يتجولون بالأسلحة في الأماكن العامة، وتشير تقديرات عبرية إلى أن حكومة الاحتلال سلّحت أكثر 165 ألف مستوطنٍ في مستوطنات الضفة والقدس المحلتين، حتى نهاية عام 2023.