باريس - قدس الإخبارية: قالت صحيفة لوموند الفرنسية إن الشائعة التي انتشرت يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول بخصوص الأطفال مقطوعي الرؤوس ما تزال منتشرة بعد 6 أشهر على اندلاع الحرب على غزة، مما أثار اتهامات ضد الاحتلال بالتضليل.
وأوضحت الصحيفة، في تحقيق مطول، أن طوفان الشهادات عن جرائم القتل والنهب والتشويه، الذي أعقب هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، انتشرت خلاله شائعة اتخذت أبعادا غير عادية.
وتفيد تلك الشائعة بأنه تم العثور على 40 طفلا مقطوعي الرؤوس في (كيبوتس) مستوطنة "كفار عزة"، رغم أن ذلك لم يحدث في كفار عزة ولا في أي كيبوتس آخر، حسبما أكد المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية للصحيفة.
وقد شهدت هذه القصة وتفاصيلها انتشارا غير مسبوق، حتى إن البيت الأبيض تحدث عنها، وتساءلت الصحيفة عن كيفية نشوء وانتشار تلك المعلومات الكاذبة.
وقالت لوموند إنها قامت بتحقيق لإلقاء الضوء على شائعة ولدت عضويا، من مزيج من المشاعر والارتباك والمبالغة المروعة، ولم يفعل الاحتلال شيئا لمحاربتها، بل إنها حاولت في كثير من الأحيان استغلالها بدلا من إنكارها، مما أدى إلى تأجيج الاتهامات بالتلاعب بوسائل الإعلام.
بدأت الصحيفة تحقيقها مما نقله مراسلها في القدس صامويل فوري، الذي شارك في الزيارة التي نظمها جيش الاحتلال الإسرائيلي لعشرات الصحفيين والمراسلين الأجانب إلى كيبوتس كفار عزة، حيث قتل 60 شخصا.
وقال فوري إنه وصل إلى المكان ولا تزال الجثث في كل مكان، قتلى إسرائيليون ملفوفون في أكياس، أو مقاتلو "حماس" ممددون حيث سقطوا.
وقال فوري إن المسؤول في لوموند اتصل به مباشرة بعد الزيارة التي استمرت 90 دقيقة، وسأله هل رأيت أطفالا مقطوعي الرؤوس؟ ليرد "رأيت المعلومات على شبكات التواصل الاجتماعي وأنا في طريق عودتي، لكن لا يبدو أن هناك ما يؤكد ذلك".
وتابع "لم يتحدث معي أي جندي عن ذلك، وقد تحدثت مع 6 منهم. لا أعتقد أن هذه القصة ممكنة. كان الجنود في الكيبوتس منذ اليوم السابق. كان من الممكن توثيق مثل هذا الحدث الفظيع، ولم يصرح به أي جندي لأي من الصحفيين".
وأوضح الصحفي أنه اتصل بمنظمتين للإسعافات الأولية، ولم يذكر أحد قطع الرؤوس ولم ينكره، ولكن الصورة القوية -كما يقول- لها الأسبقية على الواقع، فهو يخدم تصوير "حماس" تجسيدا للشر المطلق.
ويشير صحفي لوموند إلى أن هذا كان أساس رسالته التي نشرها على موقع إكس (تويتر سابقا)، في اليوم التالي لزيارة كفار عزة، ولكنه لاحظ بعد مرور بعض الوقت، أن منشوره لم يعد متاحا في فرنسا وبعض البلدان الأوروبية، وبالتالي ثبت لديه أن قصة الأطفال مقطوعي الرؤوس معلومات كاذبة.
ولأن الصحفيين لا يستطيعون الدخول إلى عدد كبير من المنازل خشية الألغام، فالجثث الإسرائيلية الوحيدة التي يرونها موجودة في أكياس وجميعها بحجم البالغين، ولم تذكر هيئة الأركان العامة الأطفال القتلى، ولكنهم أتيح لهم سؤال الجنود ورجال الإنقاذ الموجودين.
وتابعت لوموند أنه وجد في مكان الحادث رجال إنقاذ من منظمة "زاكا"، وهي منظمة غير حكومية يهودية متطرفة مسؤولة عن انتشال الجثث وفقا للتعاليم اليهودية -كما قال الصحفي- وقد اكتشفوا جثثا لم يعد من الممكن التعرف عليها.
وبسبب الافتقار إلى التدريب الطبي، يسيء البعض فهم هوية الضحايا وأعمارهم، وقيل للصحافة إن امرأة حاملا تم نزع أحشائها وطعن جنينها، وهو ما لم يحدث أبدا، كما أكد نحمان ديكشتيجن، المتطوع بـ"زاكا" لصحيفة لوموند.
ونقلت لوموند عن صحفي إسرائيلي قوله إن رقم 40 طفلا الذين قتلوا في كفار عزة أتى من مايكل ليفي، وهو طبيب احتياطي ناطق بالفرنسية، وقد أنكر الترويج لذلك الرقم بشكل قاطع.
لكن عندما سألته لوموند، أكد أنه رأى طفلا صغيرا مقطوع الرأس في كفار عزة، وهو ادعاء غائب عن شهادته أمام الكاميرا، ويتناقض مع التقارير الرسمية التي تفيد بأن أصغر ضحايا الكيبوتس يبلغ من العمر 14 عاما.