من يتابع المساهمات والمشاركات الفلسطينية على شبكات التواصل خلال الاشهر الاخيرة(النصف الاول من العام 2013) يلاحظ عدة محطات تعد جديرة بالتوقف والتمحيص فيها كونها، علامات تؤشر على حالة من العقلية الفلسطينية السائدة لشرائح مختلفة من المجتمع الفلسطيني، سيكون لها تأثيرات مستقبلية بدون اي شك. وفي ظل انغماس شرائح كبيرة منالمجتمع الفلسطيني في شبكات التواصل الاجتماعي خاصة الفيس بوك والتويتر واليوتيوب، وتسجيل الشعب الفلسطيني ارقاما كبيرة مقارنة بالدول العربية في الانضمام لتلك الشبكات، فان رصد تلك المشاركات في غاية الاهمية، من اجل معرفة النقاط الايجابية والسلبية، والعمل على الابتعاد عن المخرجات السلبية وتعزيز النواحي الايجابية.
وفيما يلي عشر ملحوظات تم ملاحظتها بشكل مباشر من خلال المتابعة الشخصية لشبكات التواصل الاجتماعي، وما يدور عليها من مشاركات ومساهمات:
الملحوظة الاولى: طغيان السطحية في المساهمات والتعليقات وانعدام اي فارق بين القيادات والنخب السياسية وبين الافراد والعناصر والبسطاء، حتى في طريقة التفكير وطرح الافكار والمواقف وصولا الى الالفاظ المستخدمة، بحيث لا يمكن ان تفرق بين قيادات الصف الاول والمنتمين الجدد للفصيل او الحزب، ناهيك عن تلاشي الفروق بين اطروحات الاحزاب من اقصى اليمين الى اقسى اليسار وما بينهما.
الملحوظة الثانية: سيادة العقلية الحزبية والتعصب الاعمى للحزب بين يتم الدفاع عن مواقف الحزب بشكل دائم دون النظر والتدبر في ذلك الموقف او غيره، مما ولد حالة من الاستقطاب المقيت على شبكات التواصل .
الملحوظة الثالثة: تجاوز حدود الادب في مهاجمة الخصوم، لتصل الى اعراض الاشخاص وسمعتهم، والقاء الالقاب والشتائم والتهكم الساخر الذي لا يليق، بالكثير من الاشخاص المتعلمين واصحاب الشهادات، بما فيهم رجال الدين ورموز الاحزاب والتيارات.
الملحوظة الرابعة: غياب النقاش الهادف والبناء في القضايا الاخلافية، وطغيان اسلوب الردح والسباب واللمز والهمز، واستخدام العبارات والالفاظ التي تخدش الحياء ولا تعبر عن قيم واخلاق الشعب والامة العربية.
الملحوظة الخامسة: التكلم والافتاء في كل شيء بدءا من القضايا الفقهية والسياسية والفنية والاقتصادية دون وجود ادنى خلفية فيما يطرح، مما اوجد مشاركات وتعليقات يمكن وصفها بالطرائف والنكت، بحيث ترى فتى لم يبلغ الحلم يتكلم في انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي، او شاب غير متدين يتكلم في الحلال والحرام والمندوب.
الملحوظة السادسة: غلبة لغة الخلاف والشقاق على لغة التصالح بين الفرقاء في الفكر او الطرح السياسي، او النظرة للقضايا المجتمعية والاقتصادية والثقافية، بحيث تقلصت المساحة المشتركة، وترادعت دعوات قبول الاخر والمصالحة.
الملحوظة السابعة: ندورة المشاركات الثقافية والفكرية الجادة، حتى من قبل النخب والكوادر، والتركيز على القضايا اليومية والطارئة، مما افقد المشاركات قيمتها ومضامينها ودورها في نشر الوعي والثقافة.
الملحوظة الثامنة: اعتماد النقل عن الاخرين، دون اي عناء للتفكير او اعطاء رأي وموقف، الامر الذي يفقد المشاركين المقدرة على الابداع ويحولهم الى نسخ كربونية للاخرين.
الملحوظة التاسعة: سيادة السلبية تجاه بعض القضايا على حساب قضايا اخرى، مما يفسر غالبا الدوافع من اختيار موضوع على اخر
الملحوظة العاشرة: استخدام اللغة العامية بكثرة، وتراجع العبارات والمفردات العربية الاصيلة، مما افسح المجال للعبارات الدخيلة لاختراق ساحات النقاش.
ورغم ذلك فان هناك مساهمات ايجابية، لتلك المشاركات والمساهمات، بعضها مرتبط بالاستخدام لفضح ممارسات المحتل، ومواكبة القضية بكافة تجلياتها، والاستخدام في الترويج لقضايا تنموية ومجتمعية واحداث نوع من الحراك المجتمعي حول قضية او موقف معين. ولكن هذه المساهمة مرتبطة بقوتها بتذييل العقبات والثغرات التي يوصف فيها مجتمع شبكات التواصل الاجتماعي فلسطينيا، مما يجعل الفائدة اعمق واشمل.