2023 العام الأكثر دمويةً في تاريخ الصحفيين الفلسطينيين، فقد شهد الصحفيون في معركة طوفان الأقصى استهدافًا غير مسبوق في قطاع غزة والضفة الغربية، فقد ارتقى 119 صحفيًّا بالقطاع، وأُصيبَ آخرون، فيما لا تزال سلطات الاحتلال تحتجز عددًا منهم داخل أقبية التحقيق.
الصحفيون في غزة يراوغون الموت بين قصف وحصار وتهديد واعتقال، فالصحفيون الفلسطينيون يحملون أراوحهم على أكفِّهم في سبيل نقل الحقيقة وفضح الاحتلال وجرائمه بحق المدنيين الأبرياء، لا سيما وأن الاحتلال لا يلاحق الصحفيين بالميدان فحسب بل يستهدف عائلاتهم ومنازلهم في إطار مواصلته لثنيهم عن أداء عملهم وواجبهم الرسمي.
في هذه الحرب الهوجاء يظهر الاحتلال للمرة الأولى في قائمة "أسوأ سجاني الصحفيين لعام 2023"، وتم إدراجها ضمن أسوأ المخالفين؛ بعد أن وثَّقت لجنة حماية الصحفيين وجود 17 صحفيًّا داخل سجون الاحتلال في ديسمبر المنصرم.
ابتداءً بالصحفي الراحل ياسر مرتجى، مرورًا باغتيال مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، وصولًا إلى استهداف أفراد من عائلة المراسل الشجاع وائل الدحدوح، وليس انتهاءً بقصف مصور قناة الجزيرة سامر أبو دقة بطائرة مسيَّرة رفقة زميله وائل الدحدوح أثناء العمل في مهمة رسمية، لا يكفّ الاحتلال عن ملاحقة الصحفيين الفلسطينيين.
لم يكتفِ الاحتلال بإطلاق العنان لنيرانه في سبيل إسكات عين الحق وصوته، بعد تعدى الأمر إلى أن تمنع سيارات الإسعاف من الوصول إليهم، كما حدث مع زميلنا المصور سامر أبو دقة في قطاع غزة!
لعل اغتيال أفراد من عائلة الصحفي وائل الدحدوح لم يكن صدفةً، فقد أكَّد محرر الشؤون الفلسطينية في القناة 13 العبرية تسفي يحزقيلي، قائلًا: "إن استهداف عائلة مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة وائل الدحدوح كان هدفًا لقصف جيش الاحتلال، مؤكدًا أن قوات الجيش تعرف ما تضربه بالضبط".
لم يضمن الاحتلال سلامة الصحفيين بالميدان فحسب، بل تعدى الأمر إلى أن تخبر وكالة رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية بأنها لا تستطيع ضمان سلامة صحفييهما العاملين في غزة، الأمر الذي يدل على استهداف ممنهج تقوم به سلطات الاحتلال للصحفيين الفلسطينيين.
لم يكن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في أواخر عام 2016، ومناقشة مجلس الأمن الدولي في عامي 2013 و2015 حول "حماية الصحفيين بالصراعات المسلَّحة" إلا استنهاض المساندين والمتعاطفين الحالمين بأن الصحفي الفلسطيني محميٌّ بموجب هذه القرارات التي يركنها الاحتلال جانبًا بالتعامل معهم.
الإفلات من العقاب لم يكن وحده الذي فتح شهية الاحتلال لارتكاب مزيدٍ من الجرائم بحق الصحفيين الفلسطينيين، بل تواطؤ الولايات المتحدة كان حافزًا للاحتلال، فقد عبَّر البيت الأبيض عن اغتيال الصحفيين: "لا مؤشرات على أن الاحتلال تتعمَّد استهداف الصحفيين في غزة".
نواصل العمل، فمن ذا غيرنا سيوثق جرائم أبشع احتلال بالعصر الحديث؟! وندرك بأن الاحتلال من حيث أراد قتلنا والإمعان باستهدافنا سيذلُّ نفسه أمام العالم، بأن أعتى قوة احتلال بالشرق الأوسط تخشى من مايك وكاميرا!