شبكة قدس الإخبارية

حماس... سيرة مسيرة الحركة نحو الطوفان

ELvn_ilW4AA6ODU

فلسطين المحتلة - قُدس الإخبارية: منح اندلاع الانتفاضة الأولى أو "انتفاضة الحجارة"، بالمفهوم الفلسطيني، في كانون الثاني/ ديسمبر 1987 الإسلاميين الفلسطينيين فرصة الانطلاق بقوة تنظيمية وشعبية، في مسار العمل العسكري المباشر ضد قوات الاحتلال.

في 14 من كانون الثاني/ ديسمبر انطلقت حركة حماس، من رحم جماعة الإخوان المسلمين في فلسطين المحتلة، تتويجاً لمسار كان يتراكم منذ سنوات، بعد نقاشات وآراء زادت في أوساط الإسلاميين المحسوبين على الإخوان، حول ضرورة الانخراط في العمل العسكري ضد الاحتلال، وهو ما كان أبرز مؤشراته الخلية التي شكلها الشيخ أحمد ياسين، في بداية الثمانينات.

لم تأخذ حركة حماس ومعها الجهاد الإسلامي، كممثلي التيار الإسلامي في المقاومة ضد الاحتلال، وقتا في اكتساب شعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني، نظراً لعوامل مختلفة بينها امتلاكها جهازاً تنظيمياً قوياً، ومؤسسات اجتماعية، وقبولاً عند طبقات مختلفة من الشعب، ثم الانخراط في المقاومة أكسبها شرعية إضافية تتجاوز الاتفاق الأيدلوجي.

بدأت حماس فعالياتها ضد الاحتلال بالأنشطة الشعبية "الحجارة، الإضرابات، إلقاء الزجاجات الحارقة، المقاطعة، الفعاليات الوطنية والإسلامية"، من خلال أجهزة مختلفة، بينها القوى الضاربة والأحداث، ولكن قادتها والمؤسسين والكوادر الشابة فيها كانت تطمح لتطوير عملها العسكري والأمني، من خلال بناء جهاز مستقل مرتبط بقيادة الحركة، مسؤول عن العمل المسلح ضد قوات الاحتلال والعملاء.

عرفت الحركة تجارب عسكرية مختلفة، في قطاع غزة والضفة، وبعد شهور من الانتفاضة ومسميات مختلفة لجهازها العسكري استقرت على اسم "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، وشهدت هذه الفترات تنسيقاً وعملاً مشتركاً بين خلاياها في محافظات الضفة والقطاع، ورغم الضربات الواسعة التي تعرضت لها وطالت مختلف الصفوف القيادية فيهان إلا أنها واصلت تنفيذ العمليات خاصة خطف الجنود والمستوطنين، التي كانت نمطاً معروفاً في عمل الجهاز العسكري لحماس، ثم تطورت وصولاً إلى "العمليات الاستشهادية" التي كان رائدها المهندس يحيى عياش.

محن مختلفة مرت بها الحركة، في مسار صعودها، كان بينها حملات الاعتقالات وإبعاد "مرج الزهور"، الذي تؤكد المصادر التاريخية أنه تحول من محنة إلى منحة للحركة، بعد أن منح قيادات الضفة وغزة فرصة التعارف والتنسيق، بالإضافة لإيصال صوتها للعالم، وإقامة علاقات أوسع مع قوى مختلفة في المنطقة، وكان اتفاق "أوسلو" الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية مع دولة الاحتلال، أحد أبرز التحديات في وجه الحركة، وقد اختارت مع قوى إسلامية ووطنية معارضة "نهج التسوية"، كما وصفته، وواصلت العمل العسكري ضد الاحتلال.

امتازت العلاقة بين حماس وقيادة السلطة التي تأسست بعد اتفاقية "أوسلو"، بالصدام في كثير من المحطات، رغم أن "شعرة" العلاقات لم تنقطع، لكن جلسات الحوار المتعددة لم تسفر عن التوصل إلى تسوية بين الطرفين، وأقدمت السلطة على حملات اعتقالات بحق قيادات وكوادر الحركة، طوال سنوات التسعينات، التي حافظ فيها الجهاز العسكري للحركة على تنظيم عمليات ضد الاحتلال، متجاوزاً الضربات التي تعرض لها.

"انتفاضة الأقصى" شكلت "قُبلة الحياة" لحماس وجهازها العسكري وبقية فصائل المقاومة، واندفع الجيل الذي عاصر انطلاقة الحركة وشارك في بناء خلاياها، نحو إعادة تجديد نفسه، بمبادرات شخصية وجماعية، وعادت العمليات الاستشهادية والعسكرية للانطلاق ضد أهداف الاحتلال، من الضفة وغزة.

استغلت الحركة الأوضاع التي استقرت عليها غزة، بعد اتفاقية "أوسلو"، من خلال انسحاب قوات الاحتلال من مناطق في القطاع، للسعي لبناء تنظيم عسكري يتجاوز فكرة الخلايا المتفرقة، وعملت على تطبيق الأفكار التي حاول مهندسوها سابقاً تطبيقاً، مثل صناعة صواريخ وقذائف الهاون وغيرها، وفي الضفة المحتلة نفذت خلايا الحركة عشرات العمليات الاستشهادية والعسكرية ضد أهداف الاحتلال.

ومنذ البدايات نفذ الاحتلال حملة اغتيالات واسعة بحق القيادات السياسية والعسكرية، في الحركة، بهدف ضرب تنظيمها ومنعها من الاستمرار في تنظيم عمليات في الضفة وغزة والمدن المحتلة، وكان مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين أبرز الشخصيات التي تعرضت للاغتيال.

تحرير غزة بعد سلسلة عمليات عسكرية استهدفت المعسكرات والمستوطنات، ثم فوز الحركة في الانتخابات التشريعية عام 2006، بعد أن حصلت على أغلبية ساحقة، كانا أحد أبرز حدثين في تاريخها، في مرحلة نهاية انتفاضة الأقصى. بعد فوزها في الانتخابات تعرضت الحكومة التي قادتها للحصار من قبل الإدارة الأمريكية والاحتلال، مما أدى لانقطاع الرواتب لعدة شهور، ومنذ الساعات الأولى ظهر أن فتح "لم تتقبل النتيجة"، كما أكدت حماس طوال سنوات، وهو ما قاد إلى اشتباك واسع بين الطرفين تركز في قطاع غزة، أدى إلى أحداث حزيران/ يونيو 2007، التي انتهت بسيطرة حماس على مقرات الأجهزة الأمنية، في القطاع.

تعرضت الحركة لحملة اعتقالات قاسية، في الضفة المحتلة، بعد عام 2007 من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، تزامناً مع اعتقالات لم تتوقف من قبل جيش الاحتلال، وفي وسط الحملة الأمنية التي استهدفتها مع بقية قوى المقاومة، تحت شعار سياسي رعته الإدارة الأمريكية، وهو تغيير الوضع في الضفة، لمنع تكرار تجربة انتفاضة الأقصى، واصلت حماس مساعيها لإعادة بناء جهازها العسكري وتنظيم الخلايا، ونفذت طوال هذه السنوات عدة عمليات ضد الاحتلال والمستوطنين.

فرض الاحتلال حصاراً قاسياً على قطاع غزة، طال كل مناحي الحياة، ووصل إلى درجة تحديد كمية السعرات الحرارية التي تدخل إلى أجساد الفلسطينيين هناك، إلا أن المجتمع الفلسطيني في القطاع عمل على خلق متنفس يسمح له باستمرار الحياة، من وسط الحصار، وواصلت المقاومة وبينها كتائب القسام تطوير عملها العسكري، وانطلاقاً من حرب 2008 - 2009 التي كانت بداية الحملات العسكرية التي أدت لاستشهاد آلاف الفلسطينيين، ظهر التطور على العمل العسكري الفلسطيني، في غزة، وصولاً إلى تحقيق صفقة تبادل أسرى عرفت باسم "صفقة وفاء الأحرار"، عام 2011، ثم قصف "تل أبيب" لأول مرة في 2012، وفي حرب 2014 خاضت حرباً طويلة حققت فيها إنجازات ميدانية كبيرة باعتراف الاحتلال والمؤسسات العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية وأماكن أخرى من العالم.

بعد حرب 2014 حاولت الحركة كسر الحصار عن قطاع غزة، ثم أعادت تحسين علاقاتها مع أطراف مختلفة، في المنطقة، بينها مصر، وسعت إلى تجاوز انعكاسات المواقف من الثورات العربية، وأعلنت قياداتها انفتاحها على مختلف القوى العربية والإسلامية والدول في المنطقة، في سياق الاتفاق على القضية الفلسطينية، وشهدت علاقاتها مع إيران وحزب الله صعوداً واضحاً، في هذه السنوات، وصولاً إلى فكرة "وحدة الساحات".

في آذار/ مارس 2018 شاركت  الحركة رعاية ودعم مسيرات العودة التي انطلقت على حدود قطاع غزة، ورأى محللون أنها اندرجت في عدة سياقات بينها محاولة كسر الحصار الذي أصاب قطاعات حياتية واسعة بالشلل، ومنح المجتمع الفلسطيني في القطاع فرصة الانخراط في النضال الفلسطيني الواسع، تزامناً مع موجات العمليات والمقاومة الشعبية التي عاشتها الضفة والقدس المحتلتين، طوال هذه السنوات.

في 2021 كان واضحاً توجه الحركة وجهازها العسكري نحو تفعيل وضع تكون فيه مبادرة نحو الانخراط، في الدفاع والمواجهة مع الاحتلال، فيما يتعلق بحربه على الضفة والقدس المحتلتين، وشكلت معركة "سيف القدس" في أيار/ مايو من العام ذاته تتويجاً لهذا المسار.

الحرب التي شهدت انخراطاً واسعاً للشعب الفلسطيني فيها، خاصة في الداخل المحتل عام 1948، كانت أحد عوامل انطلاقة حراك المقاومة في الضفة المحتلة، الذي شاركت فيه الحركة مع الجهاد الإسلامي وتيارات في فتح وقوى أخرى، وفي وسط هذه التطورات كانت فترات المواجهة من قطاع غزة لم تنقطع.

صباح السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وجهت الحركة "صدمة استراتيجية" نوعية وكبيرة للاحتلال، باعتراف قادته، بعد أن أطلقت عملية "طوفان الأقصى" التي كانت باكورتها باقتحام مستوطنات "غلاف غزة" ومواقع عسكرية وتوجيه ضربة لقيادة "فرقة غزة"، بعد أن مارست "خداعاً طويلاً" لأجهزة استخبارات الاحتلال.

المعركة المستمرة حتى كتابة هذه السطور أثبت كما قال محللون وكتاب أن حماس استطاعت، منذ انطلاقتها، مراكمة قوة تنظيمية واجتماعية وعسكرية، وسط ظروف شديدة التعقيد.

سال حبر كثير في نقد كثير من خيارات الحركة، بينها بعض ملفات إدارة قطاع غزة على المستوى الخدماتي والاقتصادي، وفكرة الدخول في السلطة، والشراكة وغيرها، وفكرة دولة مؤقتة، إلا أن باحثين يؤكدون أن الحركة أكدت على تمسكها ببرنامج المقاومة واستطاعت رعاية بناء قوة عسكرية لقوى المواجهة في القطاع واتخذت خطوات كبيرة في تحسين علاقاتها مع الفصائل، والقوى الإقليمية.

 

#غزة #السلطة #فلسطين #الاحتلال #حماس #حرب #الضفة #المقاومة #صواريخ #الداخل #عمليات #أوسلو #التسوية #الانتخابات التشريعية #انتفاضة الأقصى #سيف القدس #معركة #الانتفاضة الأولى #أحمد ياسين #طوفان الأقصى