قُدس الإخبارية: روى طبيب جراح فلسطيني تفاصيل مروعة عن الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، بحق القطاع الصحي والمستشفيات، خلال حربها على قطاع غزة.
وقال الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة، الذي حضر إلى قطاع غزة في بداية الحرب مع وفد من منظمة "أطباء بلا حدود"، ومكث في مجمع الشفاء الطبي لعدة أسابيع، خلال محاضرة نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومؤسسة الدراسات الفلسطينية، في قطر، يوم أمس، إن الهدف الأساسي من الحرب الإسرائيلية على المستشفيات كان دفع الفلسطينيين نحو الهجرة من القطاع.
ووصف الفرق بين العدوان الحالي على قطاع غزة بالحروب السابقة التي عايشها أيضاً ووثق تجربته الطبية فيها بأنه مثل "الفرق بين الفيضان والتسونامي".
واعتبر أن الحرب الحالية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة هي "حرب إبادة أو حرب بني موريس الثانية"، حسب وصفه، وأكد أن مجزرة المستشفى المعمداني كانت "أول اختبار لردة فعل المجتمع الدولي لاستهداف المستشفيات".
وقال إن قبول المجتمع الدولي بالمجزرة في المستشفى المعمداني فتح المجال أمام الاحتلال لقصف مستشفيات أخرى لاحقاً، بينها تلك المتخصصة بتقديم العلاج للأطفال، في سياق واسع يتعلق بــ"نزع الانسانية عن الفلسطيني".
وبعد سلسلة الجرائم بحق المستشفيات، يروي أبو ستة، حاصر الاحتلال مستشفى الشفاء وتوجه بداية لضرب الأطفال الخدج، ودمر أنابيب الأكسجين لقتل المرضى خنقاً.
وأشار إلى أن استهداف المنظومة الصحية جاء في إطار ضرب كل مقومات الحياة، في قطاع غزة، إذ قصف الاحتلال المخابز وألواح الطاقة الشمسية والمنشآت المدينة ومركبات الإسعاف، بالإضافة لقتل عشرات من الطواقم الطبية.
ووجه أبو ستة انتقادات شديدة لتقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، الذي تناول مجزرة المستشفى المعمداني، وقال: التقرير صدر دون التواصل مع مدير المستشفى والمدير الطبي الذي تلقى تهديدات من الاحتلال، أو الاتصال بالطواقم الطبية والصحفية والجرحى.
وأكد أن المؤسسات الدولية لم تقدم شيئاً في الحرب ووصفها بأنها "أدوات السيد، التي لن تهدم بيته".
وشدد على ضرورة إقامة مؤسسات عربية، قائلاً: "إلى متى لن يكون هناك أطباء بلا حدود عربية وصليب أحمر دولي عربي؟ في منطقة مليئة بالحروب والكوارث، لماذا يجب الاعتماد على الولاءات المتناقضة لهذه المنظمات؟".
وربط بين سياسات الإجرام الإسرائيلية والسياسة العامة التي تحكم الاحتلال، وقال: "جثث الأطفال الخدج في مستشفى النصر، كانت أساسية في هذه الاستراتيجية، ولم تكن خطأ بل ضمن استعراض القتل".
وفي سياق شهادته على حجم الإجرام الذي خلقته الأسلحة التدميرية التي استخدمها الاحتلال في حربه على المدنيين، في غزة، كشف عن "استخدام مفرط لقنابل 2000 رطل على المباني السكنية والهدف المسح الكامل للمناطق".
وأضاف: "كنا نرى ذلك عن طريق الإبادة الشاملة لعائلات كاملة، أي ثلاث أجيال تُباد. ومن ثم شاهدنا الحروق، وهي حروق صعبة جدًا، وتصل إلى أكثر من 50% من الجسم، كما تكون حروق بدون شظايا وكسور، أي نتيجة قنابل تشتعل وتنفجر وتنتج قنبلة نار".
وذكر أن الاحتلال في مرحلة لاحقة من الحرب عاد إلى استخدام قنابل "الفسفور الأبيض"، وأشار إلى أن الحروق التي يسببها هذا النوع من القنابل "لا يتوقف إلا عند انقطاع الأكسجين".
وتابع: أرج استخدام جيل جديد من صواريخ هيلفاير، وهو صاروخ متشظي، مما يؤدي إلى بتر في الأطراف في مناطق من الصعب فهمها، أي أنه لا يحصل في أضعف منطقة من الجسم، بل في منتصف الفخذ وهي أقوى جزء بالجسم.
وتعليقاً على مشاركة طائرات مسيَرة بريطانية في الحرب على غزة، قال: "متى يشبع العالم من دمنا".
وأكد أبو ستة على "إرادة الحياة" و"الصمود" الذي يدفع أهالي قطاع غزة إلى التعاضد، في وجه الإبادة، وأشار إلى مكوث الأطباء الطويل في المستشفيات لتقديم العلاج للجرحى والمرضى، رغم ما تعرضوا له من حصار وقتل، واستهداف لعائلاتهم، وعدد منهم استشهد كل أفراد أسرهم.
وعن "الفرز بين الجرحى" بعد نفاد المواد الطبية وانقطاع الكهرباء والوقود وحصار المستشفيات، روى أبو ستة: "الفرز أصبح نوعًا من الاختيار الشيطاني لمن يعيش ولمن يموت، أصعب المشاهد كانت عند قصف مسجد دغمش، إذ حضرت العائلة وأصبحت تشارك في عملية الفرز".
وأكد أن معظم الإصابات في غزة تحتاج إلى عدة تدخلات جراحية على مدى سنوات، وأوضح: برنامج علاج إصابات مسيرات العودة احتاج إلى 3-4 سنوات، وهي حوالي 1000 إصابة.