شبكة قدس الإخبارية

هدنة الجميع.. تغيير مفاهيم

Gaza-3
محمد القيق

 

بعد الإصرار والإعلان والتوعد والتهديد والقتل والتشريد ورسم الخطط بالسحق وإعادة المحتجزين ومناقشة وضع غزة ما بعد حماس، جاءت هدنة إنسانية بددت مصطلحات وغيرت مفاهيم وبدّلت أولويات.

ورغم أنها مؤقتة إلا أنها ترسم للجميع معادلات بالفعل عززتها المرحلة وباتت ملحة للجميع، وستكون باتجاه حل سياسي يطمح له الوسيط كما نجح في جغرافيا أخرى.

* تسعى قطر بجهدها المركزي لشق طريق ولو تمهيدية لفكرتها الأساسية والتي نجحت في تطبيقها سابقا في أفغانستان، وبالتالي التدرج الحالي في الهدنة نجاح كبير لهدفها الذي يتكون من عدة محطات قادمة وصولا للحل السياسي.

* نجحت حماس في تثبيت عدة مبادئ أبرزها:

 - أنها تدير القطاع، وأنه لم تنجح "إسرائيل" في سحقها بل تحولت إلى قوة مركزية يتم معها هدنة وتبادل وتفاصيل على الأرض.

- كسرت بتبادل الأسرى ما أراد الاحتلال تثبيته في الساحة الدولية أن هناك رهائن لدى حماس، فبهذه الصفقة يظهر للعالم أن "إسرائيل" أيضا تحتجز أطفالا ونساء، وهذا نسف مباشر لرواية الاحتلال.

- إدخال المساعدات وربط جغرافيا غزة من خلالها تحطيم لقرار الاحتلال بأن الجنوب فقط للمساعدات واللجوء.

- إجبار الطيران والمراقبة والقصف على التوقف في كل غزة تعزيز لسيطرة حماس.

* "إسرائيل" بحاجة الهدنة لأسباب:

- إرضاء الأمريكي الذي يدعمه، حيث تعاني الآن إدارة بايدن من صفعة شعبية وتراجع تأييد وانقسامات وانتقادات، وبالتالي إسرائيل اعتبرتها هدية لهم.

- لتخفيف الضغط الدولي والفضيحة بشأن قصف النساء والأطفال في غزة والجريمة المستمرة.

- إيصال رسالة لأهالي المحتجزين أن الحكومة تعمل من أجل تحريرهم بكل الطرق وهذا للتغطية على سوء تعاملها مع الملف منذ البداية.

- تغطية على الفشل في عدم تحقيق أي من الأهداف المعلنة بسحق حماس وإعادة المأسورين وتغيير النظام في غزة.

- إعادة ترتيب أوراق المعركة البرية ومحاولة إنشاء بنك أهداف جديد على إثر التحرك على مدار ٤ أيام في غزة من جميع الأطراف.

- إرسال رسالة تخدير للمشردين من الغلاف والشمال ولعجلة الاقتصاد وللحياة العامة أن الأمور تعود رويدا رويدا لروتينها.

خلاصة… الجميع أرادها وكل لهدفه الناشىء في ظل الأحداث، إلا حماس التي هدفها منذ البداية تحرير أسرى ووقف النار وترتيب القرار السياسي، وفي ظل الهدنة الهشة القابلة للتمديد حسب التقييم الميداني يبقى مشهد التوتر مفتوحا على تصعيد واسع في الضفة الغربية والجبهة الشمالية في محاولة إسرائيلية لتعويض فشل أولي في غزة، ولو تم تجميله بهدنة رفضها منذ اليوم الأول والتي ستفتح النار على الحكومة في الداخل الإسرائيلي بسؤال مركزي أنه طالما بالاتفاق نستطيع إعادة أسرانا فلماذا الإصرار على فقد جنود وضباط وحتى زهق أرواح أسرانا في غزة؟!

هذا يجعل العودة للقتال بعد هدوء صعبة وتحتاج لحجة يجب أن يحضرها نتنياهو وجالانت للجمهور المتناثر في مواقع الإيواء والمشلول عن العمل والمتعطلة حياته.