شبكة قدس الإخبارية

شهادات من العدوان.. تحقيق لـ "أمنستي" في مجزرتي النصيرات والكنيسة

شهادات من العدوان.. تحقيق لأمنستي في مجزرتي النصيرات والكنيسة

غزة - قدس الإخبارية: وثقت منظمة العفو الدولية، في إطار تحقيقاتها المستمرة في انتهاكات قوانين الحرب، حالتين، يمكن اعتبارهما نموذجًا لممارسات الاحتلال في غزة، استشهد فيهما 46 مدنيًا، بينهم 20 طفلًا، وكانت أكبر الضحايا سنًا امرأة عمرها 80 عامًا فيما لم يتجاوز عمر أصغر الضحايا ثلاثة شهور.

وقالت "امنستي" في تقرير لها، اليوم الاثنين 20 نوفمبر\تشرين الثاني 2023، إنه يجب التحقيق في هاتين الهجمتين باعتبارهما جرائم حرب.

وأصابت الهجمتان، اللتان وقعتا يومي 19 و20 أكتوبر/تشرين الأول، مبنى كنيسة لجأ إليه مئات المدنيين النازحين في مدينة غزة، ومنزلًا في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.

وخلُصت منظمة العفو الدولية، استنادًا إلى تحقيقاتها المتعمقة، إلى أن "هاتين الغارتين إمّا لم تفرقا بين المقاتلين والمدنيين أو مثّلتا هجماتٍ مباشرة على مدنيين أو أعيان مدنية، وفي الحالتين يجب التحقيق فيهما باعتبارهما جريمتي حرب".

وقالت مديرة البحوث العالمية وأنشطة كسب التأييد والسياسات في منظمة العفو الدولية إريكا جيفارا روساس "إن هذه الهجمات المميتة، وغير القانونية، هي جزء من نمط موثق من الاستهتار بحياة المدنيين الفلسطينيين، وتُظهر التأثير المدمر للهجوم العسكري الإسرائيلي غير المسبوق الذي لم يترك أي مكان آمن في غزة، بغض النظر عن الأماكن التي يعيش فيها المدنيون أو يبحثون فيها عن مأوى".

وأضافت أن "شهادات الناجين وأقارب الضحايا المروعة، التي تصف الخسائر البشرية الهائلة الناجمة عن عمليات القصف هذه، تقدم لمحة عن المعاناة الجماعية التي يتعرض لها المدنيون يوميًا في أنحاء غزة بسبب الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، ما يؤكد الحاجة الملحة إلى وقف فوري لإطلاق النار".

وزارت منظمة العفو الدولية مواقع الغارات، والتقطت صورًا لآثار كل هجوم وأجرت مقابلات مع ما مجموعه 14 شخصًا، من بينهم تسعة ناجين وشاهدان آخران وأحد أقارب الضحايا واثنان من قادة الكنيسة. كما حلّل مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية صور الأقمار الصناعية والمواد السمعية والبصرية المتاحة من مصادر عامة لتحديد الموقع الجغرافي للهجمات والتحقق منها.

كما راجعت منظمة العفو الدولية التصريحات ذات الصلة الصادرة عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأرسلت أسئلة إلى المتحدث باسم جيش الاحتلال في 30 أكتوبر/تشرين الأول، فيما يتعلق بالهجوم على الكنيسة والهجوم على مخيم النصيرات، غير أن المنظمة لم تتلقَّ أي رد على أسئلتها حتى موعد نشر هذا البيان.

شهادات من مجزرة النصيرات 

في 20 أكتوبر/تشرين الأول، حوالي الساعة الثانية ظهرًا بالتوقيت المحلي، استشهد 28 مدنيًا، بينهم 12 طفلًا، في غارة إسرائيلية دمرت منزل عائلة العايدي، وألحقت أضرارًا جسيمة بمنزلَيْن مجاورَيْن في مخيم النصيرات للاجئين، وسط قطاع غزة، داخل المنطقة التي أمر جيش الاحتلال سكان شمال غزة بالانتقال إليها.

استشهد رامي العايدي وزوجته رنين وأطفالهما الثلاثة، غنى، 10 أعوام، ومايا، ثمانية أعوام، وإياد، ستة أعوام. كما استشهد زينة أبو شحادة وطفلاها أمير العايدي، أربعة أعوام، وراكان العايدي، ثلاثة أعوام، إلى جانب شقيقتي زينة ووالدتها.

وقال هاني العايدي، الذي نجا من الغارة، لمنظمة العفو الدولية: “كنا جالسين في المنزل، وكان مليئًا بالناس والأطفال والأقارب. فجأة، ومن دون سابق إنذار، انهار كل شيء على رؤوسنا. مات جميع إخوتي، وأبناء إخوتي، وبنات إخوتي… ماتت أمي، ماتت أخواتي، فقدنا بيتنا… لا يوجد شيء هنا، والآن بقينا بلا شيء وأصبحنا مشردين. لا أعرف إلى أي مدى ستزداد الأمور سوءًا. هل يمكن أن يحدث ما هو أسوأ من هذا؟”

كما تسببت الغارة بأضرار جسيمة ودمار شبه كامل في المنازل المجاورة لعائلتَيْ الأشرم وأبو زرقة. واستشهد ستة أشخاص في منزل أبو زرقة، بينهم أربعة أطفال: الأختان سندس، 12 عامًا، وأريج، 11 عامًا؛ وابنة وابن عمومتهما يارا 10 أعوام، وخميس أبو طاحون 12 عامًا.

شهادات من مجزرة الكنيسة

في 19 أكتوبر/تشرين الأول، دمرت غارة جوية إسرائيلية مبنى في مجمع كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس في قلب مدينة غزة القديمة، حيث كان يأوي ما يقدر بنحو 450 نازحًا مسيحيًا وأسفرت الغارة عن استشهاد 18 مدنيًا وإصابة ما لا يقل عن 12 آخرين.

وقال رامز الصوري، الذي فقد أطفاله الثلاثة و10 أقارب آخرين في الهجوم، لمنظمة العفو الدولية: “مات قلبي مع أطفالي ذلك المساء. استشهد جميع أطفالي: مجد، 11 عامًا، وجولي، 12 عامًا، وسهيل، 14 عامًا. لم يتبقَّ لي شيء. كان يجب أن أموت مع أطفالي.

“لقد تركتهم قبل دقيقتين فقط. اتصلت بي أختي وطلبت مني النزول إلى الطابق السفلي لمساعدة والدي، وهو طريح الفراش منذ إصابته بجلطة… وبقي أطفالي في الغرفة مع أبناء عمومتي وزوجاتهم وأطفالهم. وعندها وقعت الغارة، وقتلت الجميع.

أما سامي ترزي، فقال لمنظمة العفو الدولية إن والديه، مروان وناهد، اسشتهدا، بالإضافة إلى ابنة أخته جويل البالغة من العمر ستة أشهر، وقريبته إيلين البالغة من العمر 80 عامًا.

وقال أحد قادة الكنيسة لمنظمة العفو الدولية: “لا نعرف سبب هذا القصف على كنيستنا؛ ولم يقدم أحد أي تفسير للتسبب في مثل هذه المأساة. هذه كنيسة، مكان للسلام والمحبة والصلاة… لا يوجد أمان في أي مكان في غزة في الوقت الحاضر”.