الضفة المحتلة - قُدس الإخبارية: كشفت كتائب القسام، في الضفة المحتلة، عن مشاهد من عملية مزدوجة بين إطلاق نار وتفجير عبوات قرب طولكرم، خلال معركة "طوفان الأقصى"، التي انطلقت من قطاع غزة، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وظهر خلال المقطع المصور إطلاق نار من مركبة مسرعة تجاه سيارة تحمل جنديين من جيش الاحتلال، قرب بلدة بيت ليد شرق طولكرم، مما أدى لمقتلهما كما قالت الكتائب، خلافاً لما أعلنه الجيش حينها عن مقتل جندي واحد.
وفي "تطور نوعي" كشفت الكتائب، في المقطع المصور، عن عملية استدراج لقوة من جيش الاحتلال نحو مركبة جرى إحراقها عمداً، قرب بلدة بلعا، بعد عملية بيت ليد، ثم تفجيرها بالجنود، وهي العملية التي لم يعترف بها الاحتلال.
الفيديو الذي نشرته كتائب القسام يوحي بعدة دلالات لها علاقة بالمرحلة التي تمر بها الضفة المحتلة، اتصالاً بالحرب على قطاع غزة، والمعركة التي أطلقتها المقاومة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تحت عناوين مختلفة أهمها "العدوان على المسجد الأقصى"، و"الاستيطان في الضفة"، وغيرها من الملفات المتعلقة بالمدى الأوسع للصراع، كما أكدت قيادات كتائب القسام وحركة حماس وفصائل المقاومة.
في البعد الإعلامي، كان هذا هو المقطع المصور الأول لعملية من قبل كتائب القسام، في الضفة المحتلة، منذ نحو 20 عاماً، كما يؤكد محللون ومؤرخون، أي منذ نهايات انتفاضة الأقصى. ويقرأ خبراء الإعلام فيه بعداً "تعبوياً" تريد قيادة "كتائب القسام وحماس في الضفة دفع مزيد من المجموعات نحو ساحة الميدان لزيادة العمليات ضد قوة الاحتلال"، حسب وصفهم، في ظل الحرب التي تتعرض لها قطاع غزة وأدت لاستشهاد آلاف المدنيين والأطفال.
ويرى خبراء الإعلام أن بث المشاهد المصور يحمل دلالات أيضاً حول "الاهتمام بالتفاصيل من قبل الخلية التي نفذت العملية"، من خلال "التصوير والتوثيق ثم المونتاج والنشر"، وهو ما يؤكد على "عمل منظم متقدم في سياق الإعلام الحربي"، الذي أصبح له موقع أكثر أهمية في المعركة الحالية بين دولة الاحتلال بما لها من منظومات إعلامية مدعومة بمختلف التقنيات، والمقاومة التي تسعى لتدعيم بياناتها بمقاطع مصورة لها أبعاد مختلفة نحو الجبهة الداخلية ومجتمع الاحتلال، حسب وصفهم.
ويشيرون إلى أن الكتائب حرصت على "تضمين شعار معركة طوفان الأقصى" و"الرمز الخاص باستهداف الدبابات والآليات والجنود الذي استخدمه الجهاز العسكري في غزة خلال عملياته ضد قوات الاحتلال منذ انطلاق العملية البرية"، وهو ما يؤكد على "المجهودات للتأكيد على وحدة معنوية في المقام الأول وتنظيمية في المقام الثاني بين الضفة والقطاع"، حسب وصفهم.
بعد آخر قرأه محللون من بث المشاهد هو "العمل التنظيمي" التي قامت به الخلية التي نفذت العمليتين، من خلال "التخطيط وتحضير الأدوات اللوجستية ثم التنفيذ والتصوير وتزويد الجهة التنظيمية المسؤولة عنهم بالفيديو"، حسب تعبيرهم، رغم "حملة الاعتقالات والمتابعة الأمنية التي نفذها جيش الاحتلال منذ بداية معركة طوفان الأقصى".
جاءت العملية في أوج حملة اعتقالات ضارية نفذها جيش الاحتلال، في الضفة المحتلة، طالت مئات الأسرى المحررين والقيادات والنشطاء والأسيرات المحررات والخبراء والكتاب ومن مختلف طبقات المجتمع الفلسطيني، في حملة وصفها قادة المستويات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بأنها "بهدف اجتثاث حماس من الضفة ومنعها من تنفيذ عمليات أمنية أو عسكرية ضد قوات الاحتلال والمستوطنين".
وفي أوج "التحذيرات الأمنية من قبل جهاز الشاباك من أن الضفة تتجه نحو انفجار أكبر"، في ضوء الحرب على قطاع غزة، كما أكدت وسائل إعلام إسرائيلية، وهو ما دفع جيش الاحتلال بتنفيذ عمليات يومية في بؤر المقاومة خاصة في الشمال (جنين، وطولكرم، وطوباس، ونابلس)، بهدف "منع مجموعات المقاومة من المبادرة لتنفيذ عملية في عمق دولة الاحتلال رداً على الجرائم بحق المدنيين في غزة"، حسب وصف محللين وخبراء أمنيين.
ومنذ انطلاق "طوفان الأقصى" أكدت الإدارة الأمريكية في عدة تصريحات لمسؤوليها أنها "تسعى من خلال الاتصالات مع السلطة الفلسطينية لمنع اتساع المعركة إلى جبهة الضفة"، من أجل "حماية الأمن الإسرائيلي وتوفير راحة له في تنفيذ المجازر في قطاع غزة"، كما يؤكد محللون.
العملية التي قرأ فيها المحللون أنها "تأكيداً من الحركة" على منظومة "وحدة الساحات"، التي عملت عليها في الشهور الماضية، وكانت عملية "طوفان الأقصى" تتويجاً لها، نفذتها الكتائب أيضاً في ظل "ارتفاع متصاعد في عمليات إطلاق النار واستهداف دوريات الاحتلال ومركبات المستوطنين"، في أنحاء مختلفة بالضفة المحتلة، و"عمليات فردية" في القدس المحتلة، منذ بدايات المعركة، حسب تعبيرهم.
عادة ما تخشى الأوساط الأمنية في دولة الاحتلال، من فكرة "الإلهام"، التي تمنحها العمليات في الضفة والقدس المحتلة، إذ ترى أن "نجاح عملية يدفع آخرين لتقليدها وتمنحهم دفعة معنوية في مواجهة المخاوف التي قد تبثها عمليات الاعتقالات والانتشار الأمني المكثف لجيش الاجتلال".
الأوساط الأمنية والصحفية في دولة الاحتلال ترى أيضاً من زاوية أخرى أن هذه العمليات تمثل "استنزافاً" لقوات الجيش، التي تواجه وضعاً قتالياً شديداً على جبهة غزة وعمليات يومية على الجبهة الشمالية مع لبنان، وتحذر من أن "انفجار جبهة الضفة وازدياد أعداد العمليات قد يجبر الجيش على جلب قوات إلى هذه المناطق التي تشكل حساسية عالية في سياق منظومة الأمن الإسرائيلي".
منذ بدايات "حالة صعود المقاومة في الضفة"، قبل نحو عامين، رصدت الأوساط الأمنية والعسكرية في دولة الاحتلال شكل "موجات"، في العمل العسكري الفلسطيني، مع وجود مجموعات للمقاومة لها انتشار مكثف كما في حالة جنين وطولكرم ونابلس وطوباس وغيرها، لذلك عملت على "تنفيذ ضربات لهذه المجموعات" ومنع "مجموعات العمليات من الاتساع الكمي والنوعي".
المراقبون يرون أن الضربات الأمنية التي نفذها الاحتلال، في الضفة، قبل "طوفان الأقصى" وبعدها لم تحقق منعاً لاستمرار العمليات أو تحطيماً للعمل التنظيمي، في الشمال، ورغم استمرار "الشكل الموجي" في صعود وهبوط العمليات، إلا أن "أيام طوفان الأقصى سجلت اتساعاً في المواجهة وهو ما يؤكد على الإنذارات الإسرائيلية التي ترى أن الضفة مقبلة على انفجار يتسع إلى طبقات جديدة في المجتمع".