شبكة قدس الإخبارية

"الطوفان" يجرف التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية.. لا أسواق بعد اليوم

IMG_20231007_085002_693-2

في محاضرة ألقاها في جامعة رايشمان، شدد رئيس أركان جيش الاحتلال السابق أفيف كوخافي على مساهمة الجيش في الاقتصاد من خلال الصناعات التكنولوجية والتدريب المهني، معتبرا أن الجيش أصبح بمثابة مشروع توظيف ومساهم في الاقتصاد الإسرائيلي واقتصاد الأفراد. حديث كوخافي جاء في سياق من الدعاية الأمنية المكثفة التي تقودها دولة الاحتلال منذ عقود للترويج لصناعتها التجسسية والتكنولوجية بصفتها "الصناعة المجربة" في الصراع.

الاهتمام الإسرائيلي الشديد بدور التكنولوجيا في الصراع مع الفلسطينيين وحركات المقاومة في المنطقة، جاء كاستجابة مباشرة للتهديدات الجديدة، التي نشأت في العقد الأخير، وهذا النوع من التهديدات يحتاج إلى عمل الوحدات الخاصة والاستخباراتية أكثر من حاجته إلى وحدات نظامية واحتياط لاحتلال مناطق واسعة، خاصة في ضوء امتلاك هذه القوى للصواريخ والطائرات بدون طيار، وهو تهديد يحتاج إلى الوسائل التكنولوجية بشكل أساسي، ولا يبدو العنصر البشري حاسما فيها، كما في حالة القبة الحديدية على سبيل المثال.

السبب الآخر الذي يعزى له الاهتمام بالتكنولوجيا إسرائيليا، هو التحول لدى الغرب باتجاه "الجيوش الاحترافية بعد الحرب الباردة، والتي تعتمد على الأسلحة الحديثة المتطورة، ووسائل الدفاع الذكية مثل الجدر الإلكترونية وكاميرات الرصد الأمنية والرشاشات الذكية، وقد سوقت دولة الاحتلال لنفسها على أنها الرائد في صناعة أنظمة الدفاع الذكية، وباعت هذه التقنيات في الولايات المتحدة ودول أخرى حول العالم.

ومن المهم الإشارة إلى أنه كان لزيادة اهتمام جيش الاحتلال الإسرائيلي بالصناعات التكنولوجية للأغراض العسكرية والاستخباراتية تأثيرات في الاقتصاد العسكري والمدني الإسرائيلي، تمثلت في نمو الشركات الناشئة في صناعة التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية، والتي وصل عددها في عام 2022 إلى 9558 بحسب مؤسسة أبحاث البيانات والأفكار الإسرائيلية. حيث وفر سوق العمل الإسرائيلي في مجال التكنولوجيا الفائقة مزايا للإسرائيليين المولودين في إسرائيل، بسبب شبكاتهم الاجتماعية المحلية التي نشأت في الخدمة العسكرية.

أيضا، من الملاحظ في ظاهرة الشركات التكنولوجية الناشئة الآخذة بالاتساع إسرائيليا، وجود تمثيل عالٍ لخريجي الوحدات الاستخباراتية التكنولوجية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وينطبق ذلك على الشركات العالمية التي تستقطب إسرائيليين للعمل فيها، حيث تشير بيانات شركة "Ethosia" التي تعمل كوسيط للتوظيف في شركات التكنولوجيا، في تقرير لها نشر عام 2020 أن 60% من الشركات أحادية القرن الإسرائيلية (مصطلح اقتصادي يطلق على الشركات الصاعدة التي يتخطى رأسمالها مليار دولار)، أسسها خريجو وحدات تكنولوجية استخباراتية في الجيش. وكذلك من الشائع رؤية إعلانات الوظائف في التكنولوجيا الفائقة تحت متطلبات "شهادة في علوم الكمبيوتر أو خريج وحدة تكنولوجية (استخباراتية). في بعض الحالات يكون العمل في وحدة استخباراتية هو المتطلب الوحيد.

لقد شكل "طوفان الأقصى" ضربة لكل هذه السياقات "العسكرية الاقتصادية". أولا من خلال عدم قدرة جيش الاحتلال التجسس على المقاومة الفلسطينية وعلى وجه التحديد حركة حماس التي قادت الهجوم. وهذا من شأنه أن يضع تقنيات التجسس الإسرائيلية في مأزق له أبعاد اقتصادية ودبلوماسية وسياسية. والطوفان ضرب كذلك كل نظريات الدفاع الذكي التي لطالما سوّق الاحتلال نفسه على أنه الرائد فيها، فقد كان اقتحام الجدار مع غزة رغم كل وسائل المراقبة والاستشعار والتحصينات الهندسية بمثابة انتصار لوحدة الهندسة في القسام على حساب الصناعات العسكرية الإسرائيلية.

 

#حماس #القسام #السرايا #طوفان_الأقصى