غزة - قدس الإخبارية: نشرت صحيفة "أورينت توداي" تقريرًا ألقت فيه الضوء على تبعات عملية "طوفان الأقصى" والتساؤلات التي تثيرها حول مستقبل المنطقة وقواعد اللعبة فيها، وتأثيرها ذي الضرر الجسيم على التطبيع الإقليمي مع إسرائيل.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل أشعل في الأذهان العديد من التشابهات بعد يوم واحد من الذكرى الخمسين لحرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973؛ حيث جاءت العديد من جوانب هجوم "طوفان الأقصى" بشكل متميز وغير مسبوق، مقارنة بالمواجهات الأخيرة بين حماس والاحتلال.
وأوضحت الصحيفة أن الهجوم سلط الضوء على نقاط ضعف الاستخبارات الإسرائيلية، التي يبدو أنها قد أُخذت على حين غرة، وللمرة الأولى منذ عقود تظهر فيها إسرائيل مثل هذا الشعور بالضعف.
والجانب الآخر للأمر، والذي يعزز هذا الشعور، هو أن الصور التي تم تداولها على الإنترنت، بما في ذلك صورة لصحفي من غزة على الجانب الإسرائيلي وفرار المدنيين، ستترك بلا شك انطباعًا دائمًا أن أسطورة القلعة المنيعة تم تحديها بشكل خطير.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في حين أن المقارنة بعام 1973 قد تبدو مبالغًا فيها، لكن من المحتمل أن يكون لهذا الهجوم آثار تتجاوز غزة، ويأتي ذلك في الوقت الذي يتعزز فيه محور حماس وحزب الله وطهران وسط تطبيع محتمل بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
ومن المرجح أن الهجوم قد تم التخطيط له وتنسيقه على مدى أشهر مع حزب الله وإيران، تحت شعار "وحدة الجبهات"؛ حيث عززت حماس وحزب الله علاقاتهما بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين، وقد وجد بعض زعماء حماس ملجأً في لبنان، كما أن رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية يقوم أيضاً بزيارات متكررة إلى لبنان، وخاصة للقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وفي نيسان/ أبريل الماضي، تم إطلاق عدة صواريخ على إسرائيل من جنوب لبنان في هجوم نسب إلى حماس.
وطرحت الصحيفة تساؤلًا حول إمكانية مشاركة حزب الله في الهجوم الحالي؛ حيث يُعد هذا هو السؤال الأهم بالنسبة للبنان في ظل هذه المواجهة، ومن الجدير بالذكر أنه إذا كان حزب الله سيشن بالفعل هجومًا مفاجئًا من جانبه، لكان قد شن هجومًا متزامنًا مع حماس، وحزب الله لم يدخل في مواجهة مباشرة مع إسرائيل منذ عام 2006، والوضع اللبناني والإقليمي الحالي ليس في صالحه، ومع ذلك، فإن مجرد التشكيك في تورطه المحتمل يغير بعض الديناميكيات.
وأفادت الصحيفة بأنه من المتوقع أن تستعيد إسرائيل اليد العليا بانتصار عسكري، لكن الصور الأولية لضعف إسرائيل من المرجح أن تظل باقية في أذهان الناس، ما يمنح حماس الفرصة للمطالبة بانتصار "تاريخي".
فمن المتوقع أن يكون لهذه الحادثة تداعيات على مستويات متعددة: أولاً، قد يؤدي ذلك إلى تعزيز حماس على حساب السلطة الفلسطينية؛ حيث تهدف حماس إلى تقديم نفسها باعتبارها الممثل المحلي الوحيد القابل للحياة للفلسطينيين، وتضع نفسها في الواجهة مع تراجع حركة فتح، وحتى لو واجهت حماس خسائر فادحة بسبب الرد الإسرائيلي، فإن هدفها الأساسي مختلف، إذ تعتزم الحركة استغلال الأوضاع الفلسطينية والإقليمية الراهنة "لإخراج" فتح من المعادلة، وفي هذا السياق، لا يمكننا أن نتجاهل بالكامل الأحداث الأخيرة التي شهدها مخيم عين الحلوة للاجئين في لبنان، حيث شنت فصائل قريبة من حماس معارك مسلحة للإطاحة بفتح.
وأضافت الصحيفة أنه رغم تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن حماس ستدفع "ثمناً غير مسبوق"، لكن الزعيم الإسرائيلي قد يجد نفسه ضعيفاً بسبب فشل أجهزة الاستخبارات والأمن في بلاده، وسيواجه نتنياهو، الذي يقود ائتلافاً يمينياً متطرفاً، ضغوطاً هائلة من الفصائل الأكثر تطرفاً داخل حكومته، فكيف يجب أن يردوا على مثل هذا الاعتداء؟ هل يستطيع الجيش الإسرائيلي شن هجوم بري على غزة وإعادة احتلال الأراضي التي تركها في عام 2005؟ سيكون للرد الإسرائيلي آثار تتجاوز غزة بكثير، ولن تؤثر فقط على استمرار استعمار الضفة الغربية، بل أيضًا على عملية التطبيع.
وذكرت الصحيفة أن النتيجة الثالثة المحتملة هي ذات طبيعة إقليمية، إذ كيف سيكون رد فعل السعودية؟ وهل سيؤدي هذا الصراع الجديد إلى إغراق عملية التطبيع؟ وهذا التساؤل على الأرجح أحد أهداف الهجوم ويمكن أن يفسر توقيته.
واختتمت الصحيفة التقرير بالإشارة إلى أنه من السابق لأوانه الإجابة عن هذه الأسئلة بشكل قاطع، فمن الواضح بالفعل أن التطبيع يبتعد أكثر فأكثر، وسيكون من الصعب على السعودية التوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل، خاصة أن إسرائيل لن تقدم أي تنازلات للفلسطينيين، وربما تكون الرسالة الأساسية للهجوم: أن طهران تريد أن تشير إلى الرياض بأن السلام مع إسرائيل يأتي بتكلفة عالية.
المصدر: عربي 21