شبكة قدس الإخبارية

تظاهرات الحدود حلول آتية

220923_ZU_APA_00(7)
مصطفى إبراهيم

 

مشهد العمال الفلسطينيين على مدخل معبر بيت حانون "أبرز" ينتظرون السماح لهم الدخول للعمل بعد 14 يوما متتاليا من التظاهرات على الحدود، والحرائق التي اندلعت بفعل البالونات الحارقة.

وقصف الجيش الإسرائيلي مواقع للمقاومة على الحدود واستشهاد 7 فلسطينيين، للضغط على دولة الاحتلال لرفع الحصار الخانق والعقاب الجماعي الذي تمارسه دولة الاحتلال منذ سنوات طويلة وأثر على جميع مناحي حياة الفلسطينيين.

سياسة دولة الاحتلال تجاه قطاع غزة والضغط على الفلسطينيين وحركة حماس السلطة الحاكمة في القطاع، هي ذات السياسة التي تستخدمها ضد السلطة في الضفة الغربية بوسائل مختلفة من خلال سرقة أموال المقاصة وإضعاف السلطة والضغط عليها للعمل كوكيل أمني للحفاظ على أمن الاحتلال والمستوطنين، واتباع سياسة التسهيلات لتسهيل حياة الفلسطينيين بطريقة التنقيط، وهي سياسة عقاب جماعي إجرامية مع الاستمرار في التنكر لحقوق الفلسطينيين.

صباح اليوم الخميس أعلنت دولة الاحتلال عن فتح معبر بيت حانون "إيريز" أمام العمال بعد أن كان مغلقا منذ رأس السنة اليهودية.

وخلال الأسبوعين الماضيين لم تتوقف الوساطات لوقف أعمال المقاومة على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وتدخلت كل من مصر وقطر والأمم المتحدة وأجريت اتصالات مع حركة حماس ودولة الاحتلال لإنهاء التصعيد الحالي والعودة إلى الوضع الذي سبق التظاهرات على الحدود.

وبعد إعادة فتح معبر بيت حانون "إيريز" تؤكد الحقيقة المستمرة أن دولة الاحتلال تمارس سياسة الحصار والعقوبات الجماعية وهي جرائم حرب ترتكب من منذ عقود ضد الفلسطينيين، وعلى الرغم من هذه السياسية ومنع العمال من العمل في داخل فلسطين والتي تتبعها دولة الاحتلال ستؤثر في اقتصاد قطاع غزة. وهي سياسة لم تنجح، وأن الادعاءات بأن 18500 عامل أو حتى 50 ألفا سيعمل على تحسين حياة الناس فهذا غير صحيح، هو قد يؤثر في تحسين جزئي لأن الأوضاع في القطاع كارثية وحياة الناس لا تطاق، وهذه السياسية هي مثل الذي يعطي المسكنات والمراهم لشخص مريض بمرض خطير ولا شفاء منه. الحصار الإسرائيلي المفروض لا يتعلق فقط بزيادة أعداد العمال، بل إنه مس عصب الحياة والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين المحاصرين وممنوعين من حرية التنقل والسفر والحق في العمل والبحث عن فرص جديدة خارج أسوار القطاع المحاصر.

وعلى إثر إعادة فتح معبر بيت حانون، عادت وسائل الإعلام والصحفيين الإسرائيليين الذين لم يتوقفوا على التحريض على الفلسطينيين وتوجيه النقد للحكومة والجيش الإسرائيلي على عدم توجيه ضربات قوية ضد المقاومة. ويتم تناول أخبار الاتصالات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس للتهدئة، وأنه في حال عاد الهدوء إلى حدود غزة، فإن إسرائيل أبدت استعدادها لتقديم تسهيلات إضافية لقطاع غزة، مثل زيادة عدد تصاريح العمال الفلسطينيين الذين سيتمكنون من العمل في إسرائيل إلى عشرين ألف بدل من العدد الحالي. 18500.

خلال الأسبوعين الماضيين وجهت انتقادات شديدة لحركة حماس حول التظاهرات وأعمال المقاومة الشعبية التي جرت، وذلك على أثر تجربة مسيرة العودة التي يعتبرها بعض الفلسطينيين أنها لم تحقق لهم سوى زيادة كبيرة في عدد الشهداء والمصابين وأصحاب ذوي الإعاقة جراء الجرائم التي ارتكبتها قوات الجيش الإسرائيلي. لكن حركة حماس استمرت خلال الأيام الماضية بدعم الشباب لمناوشة الاحتلال من أجل الضغط على دولة الاحتلال لتخفيف الحصار وزيادة عدد العمال وحماس تدرك أنها من خلال ممارسة الضغط ستجبي ثمنا من الاحتلال للالتزام بما تعهدت به خلال السنوات الماضية لتخفف الحصار وزيادة عدد العمال.

في النتيجة استجابة دولة الاحتلال تحت الضغط، صحيح أن الثمن الذي دفعه الفلسطينيين كبير، وهذا بحاجة لتفكير فلسطيني من جديد بالتعامل مع أزمات غزة التي لن تنتهي طالما بقي الاحتلال والحصار والانقسام.

الإعلان عن فتح معبر بيت حانون "إيرز" منتصف الليلة الماضية وحسب المحللين الإسرائيليين هو الخوف من النقد العام في دولة الاحتلال، والحديث عن أن الجيش والأجهزة الأمنية تفضل التركيز على الضفة الغربية التي أصبحت تحديا كبير يواجه الاحتلال.

قد تكون استجابة دولة الاحتلال ورفع الإغلاق لأسباب مختلفة. منها ما يجري في الضفة الغربية المحتلة، والأحداث المتتالية والسريعة عن الحراك الأمريكي السعودي الإسرائيلي وهو مصلحة لإسرائيل وأصبح أولوية لها وتريد التركيز في ملف التطبيع مع السعودية الذي يسير بشكل حثيث وسريع، وكذلك تحسين العلاقات مع الإدارة الأمريكية وهناك خطوات إيجابية تجاه نتنياهو، وهذا يؤثر على احتجاجات المعارضة الإسرائيلية التي شعرت بخيبة أمل، بعد اجتماع بايدن نتنياهو والذي أيضا يقع تحت ضغط مما  يجري في الضفة الغربية والضغط الشديد عليه من المستوطنين وفتح أكثر من جبهة سيؤثر على نتنياهو وحكومته من جمهور اليمين المتطرف.

وما ينقله المحللون الإسرائيليون أن الضفة تستنزف الجيش الإسرائيلي، وأن أي تصعيد أو عملية عسكرية ضد غزة لن ينهي المقاومة، هذا لا يعني أن غزة خرجت من دائرة الاستهداف والضغط.

برغم الوعود بتقديم تسهيلات جديدة ضمن السياسة القائمة منذ عقد ونصف، وهذا بحاجة لتفكير جدي، ودولة الاحتلال تسير بشكل حثيث في عدوانها وسياستها ضد الفلسطينيين، وتحاول تسكين منطقة وتبريدها للالتفات لمنطقة أخرى ضمن سياسة التفكيك الإسرائيلية، واستكمال مشروع ضم الضفة الغربية. وإغراق الفلسطينيين في البحث في تفاصيل حياتهم اليومية والمعيشية، وكل ما تقدمه تسهيلات اقتصادية أصبحت حالة إنسانية كما يتعامل العالم مع القضية الفلسطينية.

قد تكون حماس استطاعة الضغط من خلال التظاهرات على الحدود، وإزعاج دولة الاحتلال وإرباكها أيضا، لكن هذه حلول مؤقتة وحبوب مسكنة، لفترة زمنية ولن تتخلص غزة من أزماتها بهذه الحلول، وهذا مرتبط بحالة التفكيك التي يمارسها الفلسطينيون ضد أنفسهم وقضيتهم، والبحث في حلول فردية آنية، دون إدراك ما يجري ومواجهته دون مواربة وخوف خاصة في ملف التطبيع السعودي الإسرائيلي.

#الاحتلال #التفاهمات #مسيرات_العودة