غزة - قُدس الإخبارية: 12 أيلول/ سبتمبر 2005، أغلق آخر جندي من جيش الاحتلال خرج من قطاع غزة البوابة على الحدود مع الأراضي المحتلة عام 1948، وانتهت 38 عاماً متواصلة من الاحتلال.
كان قرار الانسحاب من الكتل الاستيطانية والمواقع العسكرية التي زرعها الاحتلال، في قلب قطاع غزة، مدفوعاً كما تؤكد مصادر إسرائيلية وتصريحات رئيس حكومة الاحتلال حينها، أرئيل شارون، بالتخلص من "عبء" الاستمرار في الانتشار الاستيطاني والعسكري، في غزة، والأثمان الكبيرة التي دفعتها قوات الاحتلال والمستوطنين، بعد انطلاق انتفاضة الأقصى، التي كان الشعار العريض لفصائل المقاومة في القطاع خلالها هو دفع الاحتلال نحو الانسحاب.
سيطرت الكتل الاستيطانية والعسكرية خلال فترة احتلال غزة، عقب حرب حزيران/ يونيو 1967 على نحو 35% من مساحة القطاع، وأقام الاحتلال عدة كتل استيطانية فيه، وهي "نيتسر حزاني"، و"جاني طال"، و"غوش قطيف"، و"نافيه دكاليم"، و"غاني أور"، و"بدولح"، و"نتساريم"، و"بيئات ساديه"، و"موراج"، و"رفيح يام"، و"إيرز"، وكفار يام"، و"تل قطيفة"، و"شيرات هيام"، و"إيلي سيناي"، و"دوغيت"، و"نيسانيت"، و"كفار داروم".
منذ الساعات الأولى للاحتلال، بدأت المقاومة الفلسطينية لقوات الاحتلال، وشهدت فترة السبعينات نهوضاً للعمل المقاوم في غزة واجهتها المؤسسة العسكرية والأمنية في دولة الاحتلال بقمع وحشي، ورغم حملات الملاحقة ومحاولات تطويع الأهالي بالمشاريع الاقتصادية، استمرت المقاومة واندلعت انتفاضة الأقصى وعمَت مدن غزة ومخيماتها وأحيائها مع الضفة الغربية المحتلة، وفي مرحلة التسعينات تواصل العمل المقاوم في ظل ظروف معقدة خلقتها اتفاقيات التسوية، وبعد انطلاق انتفاضة الأقصى دخلت المقاومة في مراحل جديدة من التطوير والبناء وصولاً لتصنيع صواريخ محلية ومختلف أنواع الأسلحة.
دفعت عمليات اقتحام المواقع العسكرية وتفجيرها لاحقاً بالأنفاق، بالإضافة لعمليات تفجير الدبابات، وإطلاق النار والقنص، رئيس حكومة الاحتلال حينها أرئيل شارون لقرار الانسحاب من القطاع، وهو الرجل الذي كان صاحب مشروع استراتيجي لتعزيز الاستيطان، في غزة، بهدف تقطيع أوصالها واستمرار السيطرة على الفلسطينيين.
بعد التحرير فرض الاحتلال حصاراً مشدداً على قطاع غزة، تعددت أدواته والأنماط فيه، بهدف المس بحياة الناس في أدق التفاصيل، كما تؤكد المؤسسات الحقوقية والإنسانية، وشن جيش الاحتلال عدة حروب على قطاع غزة استشهد خلالها آلاف الفلسطينيين بينهم مئات الأطفال والنساء، وارتكب جرائم حرب باستخدام مختلف أنواع الأسلحة المحرمة دولياً.
الحصار القاسي الذي أنهك الحياة في قطاع غزة ودمر مختلف القطاعات الاقتصادية والإنسانية فيه، لم يدفع الناس إلى الانفضاض عن المقاومة، التي واصلت تطوير قدراتها العسكرية والأمنية، وخاضت صراع بقاء في البدايات ثم استوت على "ركن شديد" وخاضت مواجهات مختلفة مع جيش الاحتلال، بقدرة تكتية ولوجستية وميدانية تتطور في كل مواجهة.
صباح اليوم، أطلقت المقاومة في ذكرى التحرير مناورة "الركن الشديد 4" بمشاركة مختلف الأجنحة العسكرية، بهدف تطوير قدراتها والتنسيق بينها في أية مواجهة مقبلة مع الاحتلال.
وفي ذكرى تحرير غزة، قالت حركة حماس إن الاحتلال انسحب من غزة بفعل عمليات المقاومة وتضحيات الشعب الفلسطيني، وأضافت: رجال المقاومة الأبطال، الذين أبدعوا في تحطيم أحلام قادة الاحتلال بأنَّ "نتساريم مثل تل أبيب"، وفي ترسيخ معادلة الصراع مع هذا العدو الغاشم؛ بأنَّ غزَّة بمقاومتها ورجالها وحرائرها وشبابها عصيّة على الانكسار، وستبقى عنواناً لمشروعنا المقاوم، ورمزاً لعزّة شعبنا ونضاله دفاعاً عن الأرض والمقدسات.
وأكدت الحركة، في بيان صحفي، أن "استراتيجية المقاومة الشاملة التي نجحت في دحر الاحتلال عن قطاع غزّة، والصمود في وجه إرهابه المتواصل وحروبه العدوانية سنوات طويلة، هي القادرة اليوم على إحباط كل محاولاته التهويدية والاستيطانية في القدس والضفة الغربية المحتلة، وهي السبيل لتحقيق تطلّعات شعبنا في التحرير والعودة".
وتابعت: عدوان الاحتلال المتصاعد في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلة، لن يمنحه شرعية مزعومة على شبرٍ منها، ولن تفلح جرائمه في تغيير حقائق التاريخ والواقع على الأرض، وسيمضي أهلنا الثائرون في عموم الضفة، والمرابطون في بيت المقدس وأكنافه، على درب المقاومة، التي ستجعله يجرّ أذيال الخيبة والهزيمة بإذن الله.
وقالت إن "الحصار الجائر المفروض على قطاع غزّة، منذ أكثر من 16 عاماً، وصمة عار على جبين كلّ منْ يتقاعس في إدانته وإنهائه، أو يُساهم في استمرار معاناة أكثر من مليوني مواطن فلسطيني"، وأضافت: فاقم الحصار وإغلاق المعابر من أزماتهم الإنسانية، فقد آن الأوان لينتهي هذا الحصار بلا رجعة، وليحاسب قادة الاحتلال على جرائمهم أمام المحاكم الدولية.