في حادثتين منفصلتين في بلدة قباطية جنوب جنين وفي مدينة الخليل، أثارت ممارسة الأجهزة الأمنية انتقادًا واسعًا خلال استخدامها القوة غير المبررة في عملية اعتقال مطلوبين جنائيين، فيما وصفها حقوقيون بـ "سوء استخدام القوة".
وأحدثت الواقعتين موجة من الردود الشعبية الغاضبة، مع مطالبات بالتدخل الفوري لوقف سوء استعمال السلطة والقوة المفرطة، وضرورة محاسبة المتورطين في الاعتداء على المدنيين، وضمان سيادة القانون على الجميع.
الخليل: المساس بكرامة المعتقلين
ففي مدينة الخليل، فنشرت الأجهزة الأمنية صورًا لمعتقلَين بتهمة إحراق مركبة تابعة للبلدية، وهو ما عبرت عنه عائلة الجعبري في بيانٍ اليوم الأحد: "بالاعتداء الآثم على أبنائنا خلال اعتقالهم وتصويرهم في وضع مهين وهذا ما لا يمكن القبول فيه من أحد، فإذا كان هناك مطلوب للقانون كان بإمكان الأجهزة الأمنية اعتقاله دون تصوير ودون أي اعتداء طالما أن المطلوب تحت قبضة وسيطرة الأمن".
بدورها، أصدرت المؤسسة الأمنية الفلسطينية، مساء اليوم الأحد، بيانًا للرأي العام عبرت فيه عن "استيائها وأسفها الشديد للسلوك الفردي الذي قام به بعض عناصرها والمتمثل بتصوير أحد المواطنين بعد القبض عليه بمحافظة الخليل."
وأشارت إلى أن لجنة مكلفة بالتحقيق باشرت أعمالها، وأنها قامت بالتحفظ على عدد من الضباط والعناصر لحين الانتهاء من التحقيق.
ماذا حدث في قباطية؟
أما في قباطية، قالت عائلة حنايشة، إن الأجهزة الأمنية أفرطت باستخدام القوة، يوم الجمعة الماضي، وأطلقت النار بشكل عشوائي على المدنيين والأطفال، وقد أصيب بهذا الرصاص عشرات الإصابات خلال محاصرتها منزلًا لأحد أفراد العائلة بسبب وجود اثنين من المتهمين على خلفية شجار عائلي حدث قبل سنتين.
وأضافت العائلة في بيان صحفي، اليوم الأحد 10 سبتمبر\أيلول 2023، إن "فوجئنا بهجومهم غير المبرر على النساء واستخدامهم قنابل غاز المسيل للدموع ما أدى الى حالات اختناق عديدة كان من بينها امرأة حامل ومنعهم وصول سيارات الإسعاف إلى المكان."
وأكملت في بيانتها أن الأجهزة الأمنية اقتحمت المستشفيات واعتقلت عددًا من المصابين وحجزتهم ومنعت الزيارة عنهم، ونوّهت إلى وجود معتقل تم اقتياده إلى السجن دون استكمال العلاج وحالته خطرة.
ويوم الجمعة، 8 سبتمبر\أيلول 2023، حاصرت الأجهزة الأمنية أحد المنازل في قباطية، "لإلقاء القبض على مطلوبين جنائيين، وأن 9 أفراد من الأجهزة الأمنية أصيبوا خلال عملية قباطية"، وفقًا لتصريح الناطق باسم الأجهزة الأمنية اللواء طلال دويكات.
ونشرت مصادر محلية مقطعًا مصورًا لعناصر الأجهزة الأمنية وهم يطلقون النار بالهواء وبشكل عشوائي أثناء انسحابهم من بلدة قباطية.
حقوقيون يعلقون
ويقول مدير مكتب الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في جنوب الضفة فريد الأطرش إنه لا يجوز التعسف في استخدام القوة والقوة المفرطة عند الاعتقال، ويجب مراعاة استخدام القوة والتدرج في استخدامها، واحترام حقوق الإنسان والمحتجزين.
وأوضح الأطرش لـ "شبكة قدس" أن بعضًا من أنماط انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة رغم النداءات الكثيرة لوقفها، وأن ملاحقة المعتدين على الأملاك العامة والسلم الأهلي مهمين، لكن يجب أن يتم ذلك وفق الإجراءات القانونية دون المساس بالحقوق.
ووفقًا للأطرش فإن العائلة في الخليل، تواصلت مع الهيئة لتقديم شكوى إساءة استخدام السلطة، موضحًا أنه لم يُطلب من الهيئة حتى اللحظة المشاركة في أي لجنة تحقيق، وأن الهيئة ترحب بالإعلان الذي أصدرته الشرطة، وتتأمل أن يكون هناك تحقيق جديد، ومحاسبة كل من أخلّ بمعايير استخدام القوة أو أفرط في استخدامها.
بدوره، يقول مدير مكتب الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية حلمي الأعرج، إن إقدام الأجهزة الأمنية على استخدام القوة أثناء عملية الاعتقال مخالف للقانون الأساسي الفلسطيني، ومخالف أيضًا لمدونة التدرج باستخدام القوة والأسلحة النارية.
ويضيف الأعرج في حديثه لـ "شبكة قدس"، "إن الاعتداء على مواطنين أثناء عملية اعتقالهم أو احتجازهم من رجل إنفاذ القانون يرتقي إلى مستوى جريمة التعذيب، ودور رجل إنفاذ القانون هو عملية اعتقال وفق قرار من الجهات المختصة."
ويوضح أنه ليس لرجل الأمن أن يعاقب المعتقل أو المحتجز لأي سبب كان طالما أن الآخر يلتزم بعملية الاعتقال، وطالما لا يوجد أي اعتداء من قبل المعتقلين.
وأشار الأعرج إلى أن اللجوء لاستخدام القوة بهذه الطريقة، يؤثر على صورة الأجهزة الأمنية وعقيدتها في الحفاظ على الأمن والسلم الأهلي وأنه يجب أن تتوقف فورًا ولوضع حد على مثل هذه الاعتداءات والانتهاكات على حقوق المواطنين وكرامتهم ومحاسبة الفاعلين علنًا.