شبكة قدس الإخبارية

"الحدائق التوراتية"... مشروع استيطاني متجدد والهدف الحالي: الطور والعيساوية

Screenshot (86)

القدس المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: تتنوع أدوات المشروع التهويدي الذي تنفذه قوة الاحتلال، في مدينة القدس المحتلة، بين مصادرة الأراضي وتسمين المستوطنات وهدم البيوت الفلسطينية، والسيطرة على المساكن، ومحاولة تقسيم المسجد الأقصى وصولاً إلى هدمه وإقامة "الهيكل المزعوم" مكانه، كما تطمح الجمعيات الاستيطانية الصهيونية، ومحاربة التعليم الوطني.

أحد أدوات المشروع الاستيطاني في القدس المحتلة هي الحدائق التوراتية التي انطلقت من محيط المسجد الأقصى، إلى أحياء أخرى، وكان آخرها بلدتي العيساوية والطور، إذ أصدرت ما تسمى "سلطة الطبيعة" الإسرائيلية بالتعاون مع بلدية الاحتلال، في القدس، قرارات لمصادرة مساحات واسعة من أراضي البلدتين، لصالح بناء "حدائق توراتية" عليها.

انطلق مشروع إقامة حدائق توراتية في الطور والعيساوية، في 2007، وفي 2013 صادقت عليه ما تسمى "اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء" في وزارة الداخلية بحكومة الاحتلال، قبل أن تعود لتجميده في 2017، وفي شهر آب/ أغسطس الماضي أعلنت عن مصادرة مساحات واسعة من أراضي البلدتين تصل إلى نحو 730 دونماً لإقامة حدائق توراتية عليها.

منذ بدايات احتلال القسم الشرقي من القدس المحتلة، عام 1967، انطلق الاحتلال في مشاريع تهويدية مختلفة بينها "الحدائق التوراتية"، وانطلقت من المناطق المحيطة بالمسجد الأقصى وسور البلدة القديمة، ثم إلى الجهات الجنوبية والشرقية والشمالية منها، ومن بين هذه الحدائق: الحديقة التوراتية في حي عين حلوة ببلدة سلوان ومنطقة وادي الربابة وجزء من مقبرة باب الرحمة وحي واد الجوز، والحديقة التلمودية في وادي الصوانة، وحديقة "الملك التلمودية" في حي البستان وسط سلوان، وحديقة جبل الزيتون، وحديقة في حي الشيخ جراح، وحديقة باب الساهرة، وحدائق في جبل النبي صموئيل، ولفتا، والولجة.

مقاومة مستمرة

الناشط المقدسي وعضو لجنة المتابعة في بلدة العيساوية، محمد أبو الحمص، قال إن أهالي البلدتين انطلقوا في النضال ضد هذا المشروع، منذ عام 2007، وحاولت بلدية الاحتلال الالتفاف على قرار تجميد المشروع حينها من خلال "زراعتها على شكل حديقة"، ورفض الأهالي حينها هذا المشروع الاستيطاني أيضاً.

وأكد أن هذه المناطق الاستراتيجية يعمل الاحتلال على السيطرة عليها، في سياق عدة مشاريع استيطانية متداخلة، بينها مشروع "E1" الذي يستهدف المنطقة الشرقية من القدس المحتلة، في محيط مستوطنة "معاليه أدوميم"، التي تمتد من العيزرية إلى عناتا ونحو منطقة "الخان الأحمر".

وأشار إلى أن المشروع الاستيطاني الخاص بالحدائق يمتد على طول ما يسميه الاحتلال "الحوض المقدس"، من أراضي العيساوية والطور على جبل المشارف، ثم إلى الصوانة وكنيسة "الجثمانية"، ثم إلى واد الربابة في بلدة سلوان.

وشدد على رفض أهالي القدس هذه المشاريع وأقاموا صلوات الجمعة على الأراضي، طوال عام، في فترة ما بعد 2007، ثم قرر الاحتلال تجميد المشروع، وفي الفترة الحالية بعد صعود "التيار الصهيوني الديني" إلى الحكومة ووصول مستوطن من مستوطنات جبل الخليل ما تسمى "سلطة الطبيعة"، فإن الاحتلال جدد المشروع.

وتابع: نرفض هذه المشاريع مجدداً وسنواجه قرارات مصادرة الأراضي ونتخذ الخطوات المناسبة من خلال الاعتراض وإقامة صلوات الجمعة وغيرها، وتفعيل لجان المتابعة المشتركة بين الطور والعيساوية.

أدوات مختلفة لمشروع واحد

وقال الباحث في شؤون القدس محمد هلسة إن الاحتلال من خلال أدواته المتعددة "البلدية، سلطة الطبيعة، والآثار، والجماعات الاستيطانية" تتكامل في ما بينها في سبيل السيطرة على الأراضي الفلسطينية، في القدس المحتلة، لتحقيق "الهدف النهائي" وهو "تهويد المدينة".

وتابع: جزء من مساعي الاحتلال يأتي بشكل مباشر من خلال مصادرة الأراضي، وأخرى بشكل "موارب" تحت ادعاءات تطوير المشاريع أو القطاع التعليمي و"الرفاه"، والحديقة التوراتية تأتي في هذا السياق لوضع اليد على مزيد من الأراضي الفلسطينية، تحت نفس المزاعم، المساحات المصادرة في الطور والعيساوية تقع في القسم الشرقي من البلدتين، ومنع الاحتلال البناء فيها، وفي عام 2007 قرر الاحتلال إقامة مشروع الحدائق فيها، وقدم الأهالي اعتراضات عليه وعطَل في حينها، ثم أصدرت سلطات الاحتلال إخطارات منع بناء ومصادرة أراضي.

وأشار إلى أن هذه المساحات التي تبلغ أكثر من 700 دونماً تشكل المساحة الطبيعية لامتداد أهالي العيساوية والطور وقد خنقها الاحتلال سابقاً بالطرق الاستيطانية.

"الحدائق التوراتية"... مشروع في سياق أكبر

وذكر أن الاحتلال استخدم مشروع "الحدائق التوراتية" سابقاً في خنق بلدة سلوان أيضاً، التي تقع في موقع حساس جنوب المسجد الأقصى المبارك، بالإضافة لما يسميه الاحتلال "الحوض المقدس"، وتابع: الاحتلال يريد السيطرة على الأرض ومنع الفلسطينيين من التوسع، وإنشاء مواقع تسهم في تعزيز الرواية التلمودية والتوراتية المزعومة في القدس، وتغييب الوجه العربي الإسلامي، وفرض الوجه اليهودي التوراتي، تسمية "الحدائق التوراتية" تأتي في سياق محاولات الاحتلال اختراع "هوية يهودية" في المدينة.

ومن بين أهداف الاحتلال من السيطرة على هذه المساحات الواسعة من الأراضي، يضيف هلسة في لقاء مع "شبكة قدس"، هو الربط بين الكتل الاستيطانية، خاصة أنها قريبة من الأراضي المستهدفة بمشروع "E1" الاستيطاني، الذي يقع قرب مستوطنة "معاليه أدوميم"، لذلك يأتي مشروع "الحدائق التوراتية" في هذه المناطق في سياق المشروع الاستيطاني الأوسع.

وأضاف: إقامة حدائق توراتية في العيساوية والطور يربط الأحياء الاستيطانية في شرقي القدس المحتلة مع تلك التي تقع في غربها، ويمكن مستوطني "معاليه أدوميم" إلى الشق الغربي من هذه التلال التي يسيطر عليها الاحتلال.

وأكد أن كل ما له علاقة بالهوية العربية والإسلامية، في القدس المحتلة، معرض للاستهداف من قبل الاحتلال، وتابع: الاحتلال لا يفرق بين جغرافية وأخرى إلا بالخصوصية المرحلية، بعض أحياء القدس تتعرض للاستهداف الآن لأن لها خصوصية المرحلية، هذه الأحياء بحكم موقعها الجغرافي، ووجودها على جبل المشارف وعلى طريق جبل الطور، وقرب مؤسسات ومستوطنات إسرائيلية، لذلك هي الآن تحت مرمى نار الاستيطان.

وأشار إلى أن أحد أسباب الاستهداف هي تثبيت الاستيطان والأسرلة ومعاقبة هذه الأحياء على مقاومتها اليومية للاحتلال.

وذكر أن الطور والعيساوية تتعرض لعقوبات يومية من قبل الاحتلال من خلال هدم البناء، وملاحقة الأهالي بالمخالفات والضرائب، ومصادرة الأراضي، والمشاريع الاستيطاني، بهدف إما "تطويع العقل الفلسطيني وكسره وفرض المنطق الإسرائيلي عليه" أو دفعه نحو الهجرة والرحيل من خلال استمرار الضغط عليه وطحنه، حسب وصفه.

استحداث "هوية يهودية" مزعومة

وقال: حوائط الصد أمام المشروع الاستيطاني في القدس المحتلة هي الإنسان الفلسطيني لذلك كل هذه المشاريع في المقام الأول تهدف للضغط على هذا الإنسان لدفعه نحو الهجرة والرحيل.

قراءة مشاريع "الحدائق التوراتية" لها أبعاد متعددة بينها حرب الاحتلال على الرواية العربية - الإسلامية، الراسخة الوجود في المدينة المحتلة، وانعدام قدرة الاحتلال على إثبات وجود صهيوني - تلمودية مزعوم، كما يؤكد الباحث في شؤون القدس محمد هلسة، ويوضح: منذ بدايات الحركة الصهيونية حاولت من خلال الحفريات في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى إثبات وجود حق تاريخي، في المدينة، ولكن عندما عجزت وبقي الواقع العربي والإسلامي حاضراً، سعت إلى استهداف هذه الآثار.

وأضاف: العنوان العريض لهذه الإجراءات هو استحداث "هوية يهودية مزعومة" حول المكان الذي تزعم أنه كان فيه "هيكل"، وتريد الانقضاض على الأقصى لهدمه، وفي ظل عدم قدرتها على هذا الهدف النهائي بسبب ظروف أمنية وشعبية، لذلك تسعى لتهويد كل الجغرافيا المحيطة بالأقصى، وفي حال نجحت في ذلك لا سمح الله تكون قد تمكنت من إنضاج الظروف لتحقيق الهدف النهائي.

وتابع: الاحتلال لم ينجح في فرض الرواية لذلك يحاول تهويد الأرض بالقوة على المستوى المادي والمعنوي، من خلال القوانين التي تريد فرض الرواية الإسرائيلية، من خلال التعليم وغيره، والهدف هو استحداث "الهوية اليهودية" في مواجهة الرواية العربية والإسلامية.

وأكد أن المشروع الاستيطاني "إحلالي" يسعى لتحطيم كل ما هو عربي وإسلامي في المدينة المحتلة.

 

#فلسطين #القدس #الاحتلال #المسجد الأقصى #العيساوية #العيزرية #سلوان #الطور #عناتا #الخان الأحمر #E1 #الحدائق التوراتية #مشاريع استيطانية #الصوانة #الجثمانية