قال الصحفي والكاتب الإسرائيلي، سيفير بلوكر، إن التبعات الإيجابية لاتفاق أوسلو على دولة الاحتلال كبيرة، رغم فضاء الخطاب السياسي الذي امتلأ في "إسرائيل" بوصف ما جرى قبل 30 عاما بأنه فشل.
وأوضح بلوكر في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، أن اتفاقية أوسلو نجحت، حتى من وجهة نظر اليمين الإسرائيلي، بناء على الكثير من المعطيات التي "جلبت الازدهار لصالح إسرائيل"، على حد وصفه.
وأضاف: "عدد الدول التي اعترفت بإسرائيل، ارتفع منذ عام 1993، من 110 دول إلى 166 دولة. وهناك 88 بالمئة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي تعترف بإسرائيل، مقارنة بـ 60 بالمئة قبل أوسلو. أما على صعيد المستوطنين، فقد ارتفع عددهم في الضفة الغربية، من 115 ألفا إلى 485 ألف مستوطن، أي تضاعف 4 مرات".
وقال الكاتب إن حصة جمهور المستوطنين من سكان "إسرائيل" ارتفعت من 2 بالمئة إلى 5 بالمئة، فضلا عن أن عرفات لم يحصل على التزام إسرائيلي بكبح أو إبطاء وتيرة الاستيطان خارج الخط الأخضر.
وأشار إلى أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين تختفي عمليًا بعد أن لم تكن مذكورة في وثائق أسلو، والسنوات الثلاثون الماضية مرت دون حدوث تغييرات تذكر في هذا الشأن، وكل الجيل من لاجئي 1948، والجيل التالي يسير على خطاه، والمطالبة بحق العودة تصبح حرفيا حبرا على ورق.
ولفت إلى أن رئيس منظمة التحرير ياسر عرفات، لم يطالب بتعريف السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية بأنها احتلال، لكنه وافق على اعتبارها صاحبة السيادة الوحيدة، حتى في المناطق المنقولة، إلى الإدارة المدنية الفلسطينية، ومُنح الفلسطينيون حكما ذاتيا ممتدا، مع سلطات تشريع وقضاء وتنفيذ، لكن دون سيادة ودون حق بتقرير مصير الدولة الوطنية.
وشدد على أن ما يسمى بـ "حل الدولتين" لا يظهر على الإطلاق في اتفاقيات أوسلو، وبقي مفتوحًا للمفاوضات المستقبلية التي فشلت مرارًا وتكرارًا، وهو ما تمناه رئيس وزراء السلطة السابق سلام فياض، حين عرض على أبي مازن خطته لإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة عام 2009، وجرى عزله من منصبه.
وأشار الكاتب إلى مزيد من مزايا أوسلو للاحتلال، وقال إن النفقات الدفاعية للدولة انخفضت من 11 بالمئة من الناتج المحلي إلى 5 بالمئة، وتابع: "لو ظلت الميزانية الدفاعية، عند مستواها النسبي قبل أوسلو، لكان من المفترض اليوم أن يضاف إليها 26,286 مليار دولار أمريكي".
وقال إن مستوى المعيشة الحقيقي للأسرى الإسرائيلية، منذ عام 1993، ارتفع حتى يومنا هذا إلى 190 بالمئة، فضلا عن تضاعف الناتج المحلي الحقيقي للفرد.
وشدد على أن الأهمية الكبرى للاتفاق بالنسبة للاحتلال،" موجود اليوم، بعد أن كانت حكومة رابين، واجهت خيارين، الأول الانسحاب بشكل شبه كامل من المناطق دون اتفاق، أو البقاء وإنشاء دولة ثنائية القومية، تحت سيطرتنا.. الخيار الثاني، سيؤدي إلى خلق نظام فصل عنصري وحشي، يحط من قدرنا، ويؤدي إلى تخلي الولايات المتحدة عنا، واتفاق أوسلو منح هذا الخيار المروع، وهو رغم استمرار الصراع العنيف، سمح لإسرائيل بالازدهار والحفاظ على طابعها الغربي والديمقراطي."
وردا على طروحات الإسرائيليين، بشأن حصيلة قتلاهم منذ اتفاقية أوسلو، حتى الآن قال: "لم أنس، الرعب، وقتل 1600 إسرائيلي في هجمات فلسطينية، بمعدل 55 قتيلا سنويا، لكن الاتفاقية كانت بصيغة غامضة ومبهمة، وهذا الغموض والتعتيم يخدمان مصلحة إسرائيل، بل وحتى اليمين السياسي، وكانت أوسلو بمثابة إنجاز دائم".