الضفة المحتلة - خاص قُدس الإخبارية: أثار قرار وزارة التربية والتعليم إجراء تنقلات لمئات المعلمين وإيقاف عدد من مدراء المدارس، على خلفية الإضراب المطلبي العام الدراسي الماضي، كما يقول الحراك، غضباً وتساؤلات عن دور الجهات التي رعت الاتفاق مع الحكومة للعودة للمدارس.
وقالت مصادر من المعلمين والحراك إنهم قرروا بعد "عدم التوصل إلى حل لقضية المنقولين بعد أيام من التواصل مع الجهات الوزارية والأمنية والقانونية"، حسب وصفهم، الاعتصام أمام مكتب وزير التربية والتعليم في رام الله، يوم الأحد المقبل، وإعلان الإضراب عن الطعام، ونشر أسماء المعلمين والمعلمات المنقولين، وأسباب النقل ومدة خدمتهم في وزارة التربية والتعليم، وتحميل الجهات التي رعت الاتفاق الذي أنهى الإضراب مسؤولياتها.
مصادر اعتبرت قرارات نقل المعلمين جاءت بتوصية من "جهات أمنية وتنظيمية"، وأكدت أنها على "خلفية الإضراب والحراك المطلبي الذي استمر خلال الشهور الماضية للمطالبة بتحقيق جملة مطالب للمعلمين بينها صرف الرواتب كاملة وجدولة المستحقات وإصلاح اتحاد المعلمين وقضايا أخرى تتعلق بالوضع المعيشي والوظيفي"، حسب وصفها.
وقال الأستاذ عمر محيسن إن مديرية التربية والتعليم قررت نقله من مدرسته التي كان يعمل بها إلى مدرسة أخرى، في بيت عينون قرب الخليل، وأضاف في لقاء مع "شبكة قدس" أنه تقدم باعتراض على القرار وهي الخطوة التي نفذها أيضاً الأستاذ الذي سينقل مكانه.
وتابع: قدمنا كتاب اعتراض ومن المفترض أن يردوا عليه لاحقاً، واليوم حضر إلى المدرسة مسؤولون في المديرية ووعدوا بحل الإشكالية، والرد على التظلم الذي تقدمنا به.
وتساءل محيسن "من هي الجهة التي تريد تسخين الأوضاع في المدارس؟"، وقال: المعلمون انتظموا في الدوام المدرسي بناء على تفاهمات الجهات التي رعت الاتفاق الذي أنهى الإضراب بينهم "الفريق جبريل الرجوب، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان"، ولصالح من تجري هذه التنقلات التعسفية؟ من يريد تنفيذ هذه الإجراءات العقابية بحق المعلمين؟ من يدفع المعلمين نحو الإضراب؟ هذا هو السؤال الكبير.
واعتبر أن مصداقية هذه الجهات "على المحك" وطالبها بــ"التحرك لتنفيذ وعودها بعد فرض إجراءات عقابية على المعلمين المضربين وكان هذا الوعد واضحاً بأنه لن تصدر الوزارة أي عقوبة إدارية أو مالية بحق المضربين ولكن للأسف منذ بداية العام الدراسي قررت نقل مئات المعلمين وإيقاف عدد من مدراء المدارس".
ورداً على الطرح من جانب التربية أن التنقلات بناء على "تقديرات فنية"، أضاف: التنقلات في أغلبها عقابية حتى وإن صدرت في بعض الحالات تحت "شعار إجراءات إدارية وفنية"، لكنها في الأساس تعسفية وعقابية على خلفية الحراك النقابي.
إيقاف مدراء عن العمل
وفي سياق متصل، قالت المصادر إن وزارة التربية والتعليم قررت إيقاف عدد من مدراء المدارس في مناطق شمال الخليل وسلفيت، اليوم، بينهم الأستاذ جمال سليم مدير مدرسة ذكور سلفيت الأساسية العليا، والدكتور عمر القزق مدير مدرسة سلفيت الثانوية.
وقال الأستاذ جمال سليم إن "وزارة التربية والتعليم قررت نقله من مدرسة سلفيت إلى مردا بحجة أنه تعاطف مع إضراب المعلمين رغم أنه لم يشارك في أي فعاليات والتزم بالدوام المدرسي"، وتابع في لقاء مع "شبكة قدس": كل الوطن بالنسبة لي عزيز ومستعد لتقديم خبراتي فيه، لكن نقلي بعد 11 عاماً من الخدمة في مدينتي سلفيت اعتبرتها "اساءة" لي، لأن النقل بعد هذه المدة من مدينتك أو قريتك عادة ما يكون على خلفية إشكالية، وهذا معروف في العرف التربوي، وأنا بقيت في مدرستي واعترضت على النقل، وسمعت تصريحات الناطق باسم الوزارة التي قال فيها إنها لم تنقل أي مدير على خلفية الإضراب، ومن جرى نقله عليه تقديم طلب تظلم والتربية ستبحث فيه، وهذا ما فعلته، لكن للأسف قررت الوزارة إيقافي عن العمل.
وتابع: كل ما فعلته أنني طالبت بإعادتي لمكان عملي وقرروا وقفي عن العمل، علماً أن تقديراتي الفنية والإدارية ممتازة جداً، ولم يوجه لي سابقاً أي إنذار أو شكلت الوزارة لي لجنة تحقيق، وحجتهم أنني لم أنفذ قرار النقل عن العمل.
وأشار إلى أن القانون ينص على أن "الإيقاف عن العمل يصدر بعد 14 يوماً من الاستنكاف عن تنفيذ قرار النقل إلى مدرسة أخرى"، وأضاف: لماذا لم تتصرف الوزارة بطريقة إدارية أخرى وهي أن ترسل لي لجنة تحقيق قبل الوقف عن العمل.
وذكر أن الاتفاق الذي رعته جهات حقوقية وسياسية بينهم "الفريق جبريل الرجوب والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان" نص على عدم توجيه أي عقوبة للمعلمين الذين شاركوا في الإضراب، وقال: التنقلات التي قررتها الوزارة منذ بداية العام لم تكن في مكانها، والشعور السائد هو أن جهات في الوزارة تريد دفع المعلمين للتصعيد، في ظل نقل مئات المعلمين في مختلف المديريات، وتوجيه تهديدات لهم بالوقف عن العمل أيضاً.
واعتبر أن المؤسسات الحقوقية التي رعت الاتفاق "لا سلطة لها أمام الأجهزة التنفيذية والحكومية"، وتابع: قلتم لنا بعد الاتفاق إن الإضراب ينتهي مقابل عدم المساس بأي معلم، نقل المعلم أو مدير المدرسة من بلدته أو مدينته دون أي خطأ أو إشكالية هو عقوبة، قالوا لنا إننا متعاطفون مع الإضراب، كأنهم يريدون محاسبتنا على مشاعرنا، نحن المدراء لم نضرب ومن الطبيعي أن نتعاطف مع المطالب لأننا جزء من المعلمين، قد اتعاطف مع شخص تعرض للضرب في جنوب إفريقيا، هل هذا مبرر لهذه العقوبات؟.
ماذا ردت وزارة التربية والتعليم؟
من جانبها، نفت وزارة التربية والتعليم أن تكون التنقلات في المدارس جرت على "خلفية عقابية للمعلمين الذين شاركوا أو قادوا الإضراب"، حسب وصفها، وقالت إن هذه الإجراءات تأتي في "سياق فني وإداري وتقديراً للمصلحة العامة".
وذكرت أنها اجتمعت مع ممثلين عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان لبحث قضية التنقلات للمعلمين.
وقال الأستاذ أيوب عليان من الإدارة العامة للإشراف والتأهيل التربوي في لقاء مع "شبكة قدس"، إن "التنقلات ظاهرة صحية في العمل الإداري"، وأضاف: مجلس الوزراء قرر مؤخراً أنه يجب إجراء تنقلات حتى بين الوزارات، ووزارة التربية والتعليم لم تتخذ عقوبة بحق أي معلم على خلفية الإضراب، التنقلات لأسباب فنية وبعضها على خلفية إدارية أو إشكاليات بين أعضاء الهيئة التدريسية والمدراء في بعض المدارس، ولا علاقة للتنقلات بالإضراب، وكل قضية يجب أن تعالج على حدة، حتى قيادات الإضراب الذين كانوا ظاهرين ويصرحون للإعلام لم تنفذ بحقهم إجراءات عقابية.
وتابع: في أغلب الحالات كانت المعالجة فنية وبعضها تتعلق بقضايا إدارية مثل توفير المواصلات والتأمين من خلال تقريب المعلم من مكان السكن.
وأشار إلى قضية نقل المعلم عمر محيسن، وقال: نقل الأخ عمر جاء لتوفير المواصلات وتقريبه من مكان سكنه، في مخيم العروب، لأن بيت عينون أقرب له من مركز مدينة الخليل، لكنه يقول إن القرار جاء بسبب مشاركته في الإضراب، وهذا ليس دقيقاً، والقرار جاء لمصلحته.
وأردف قائلاً: الوزارة لديها آذان صاغية للسماع لكل الاعتراضات، ومستعدون للبحث في حال وقع ظلم على أي معلم، ومعالجة كل قضية.
وعن قرار وقف عدد من المدراء، قال: أنا أكثر إنسان تنقلت في وزارة التربية والتعليم، كنت مديراً للتربية في رام الله وكان الكل يشهد لي بالكفاءة، ووصلني كتاب نقل ونفذته فوراً، لأننا كلنا نخضع لقرارات الجهاز الحكومي، بإمكان المدير أن ينفذ القرار ويرفع التظلم وإن لم تستجب مديرية المنطقة التي يعمل فيها، عليه التوجه للوزارة وسابقاً أعدنا حركات نقل لمديريات التربية والتعليم، وأنا شخصياً أعدت مدراء لمكانهم عندما شعرت بوقوع ظلم لهم، لكن رفض مدير مدرسة تنفيذ القرار هذا مخالف للتعليمات.
ورداً على المتداول حول أن القرارات جاءت من "جهات أمنية"، تابع: خرجنا من أزمة الإضراب ولم نعاقب أي معلم على هذه الخلفية، وحتى من فتحنا ضدهم تحقيقاً على خلفية تهجمهم وتنمرهم على المسؤولين في الوزارة، وكنا قادرين على معاقبتهم قانونياً، احترمنا الجهات الحقوقية التي تدخلت لحل الأزمة، ووقفنا كل الإجراءات التي تحق لنا قانوناً أصلاً، التنقلات هدفها المصلحة العامة، وإذا رأى المعلم أنه مظلوم عليه التوجه للجهات الرسمية.