شبكة قدس الإخبارية

ماذا بعد مصادقة الكنيست النهائية على إلغاء "ذريعة عدم المعقولية"؟

359473770_155095044269929_5515915773998012118_n
هيئة التحرير

 

رام الله - خاص قدس الإخبارية: صوت كنيست الاحتلال الإسرائيلي، الإثنين 24 يوليو 2023، بالقراءتين الثانية والثالثة على قانون "اختبار المعقولية" بعد موجة من الجدل والتظاهرات العاصفة التي شهدتها دولة الاحتلال.

 وقانون "اختبار المعقولية" يتيح للمحكمة الإسرائيلية مراقبة ومراجعة القرارات الحكومية وإبطال مفعول بعضها في حال لم تتوافق مع الصالح العام، حيث ينص القانون على منح السلطة القضائية الصلاحية القانونية والإدارية لرفض القرارات الحكومية سواءً فيما يتعلق بالتعيينات في السلك العام من الوزارات وغيرها أو قرارات عامة أخرى تتعارض مع الصالح العام ولا تعطي المصلحة العامة الوزن المناسب. 

وأصل التشريع من القضاء البريطاني، إذ يعطي القانون صلاحية واسعة للمحاكم من أجل التدخل في التعيينات الحكومية وغيرها من القرارات التي يُعتقد أنها تمس بالحقوق الفردية المحمية، أما على الصعيد الإسرائيلي؛ فاستخدم القانون البريطاني من حقبة الانتداب وتطور على مدار السنوات الماضية ليصبح من أقوى طرق إبطال صلاحية قرارات حكومية تتعارض مع الصالح العام وخاصة تعيين شخصيات متهمة بأفعال جنائية في السلك العام.

 وفي 11 يوليو/ تموز 2023 مرر الائتلاف الحاكم قانون "إلغاء اختبار المعقولية" بالقراءة الأولى في الكنيست ليتحول إلى قانون أساسي للحكومة، بينما تم تقديم صيغة معدلة من القانون في العشرين من الشهر الحالي تنص على سحب صلاحية البت في القرارات الحكومية من المحكمة الإسرائيلية وخاصة قرارات رئيس الحكومة والوزراء، مع استثناء هيئات أقل مستوى من الحكومة من مشروع القانون.

 وفي السابق، استُخدام قانون "اختبار المعقولية" في رفض تعيين وزراء ومسؤولين أمنيين، بينهم مسؤول الشاباك الأسبق "يوسي غينوسار"، الذي رُفض قرار تعيينه مديرًا عامًا لوزارة البناء والإسكان عام 1993، بعد اتهامه بقضية إعدام منفذي عملية الحافلة "300"، إذ ادعى مقدمو الالتماس أن تعيينه "سيزعزع ثقة الجمهور بالسلطة الحاكمة". 

وفي نفس العام، أصدرت المحكمة العليا قرارًا ببطلان تعيين "آريه درعي" وزيرًا في حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين بعد أن قُدمت بحقه لائحة اتهام.

 ومع التصويت على القانون، يدور نقاش عن تداعيات إقرار القانون على المشهد الإسرائيلي خلال الفترة المقبلة لا سيما وأن المعارضة الإسرائيلية انسحبت من التصويت فيما نجح الائتلاف في تمريره بواقع 64 صوتا مقابل 0 أصوات. 

حياة أو موت 

في السياق يقول المختص في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة إن تمرير القانون كان مسألة حياة أو موت بالنسبة لنتنياهو وائتلافه الحكومي إذ أن الجميع يعلم أن عدم تمريره كان سيؤدي إلى تفكيك الائتلاف وانهيار الحكومة.

 ويوضح هلسة لـ "شبكة قدس" أن المستوطنين الذين يتظاهرون في الشارع هم لا يعترضون على مسألة تمديد المعقولية ولا التعديلات القضائية إنما يحتجون على المساس بهامش المساحة وحرية الرأي المتاحة لهم في ظل وجود حكومة يمينية دينية تريد أن تفرض أجندة دينية ليس فقط ليست موجهة إلى الشعب الفلسطيني وإلى القضية الفلسطينية إنما موجهة إلى المستوطنين أنفسهم. ويوضح أن الائتلاف رأى في تمرير هذه القوانين فرصة بالنسبة له لن تكرر في ظل أن الائتلاف الموجود هو تيار ديني وقومي، وبالتالي لن تكون هناك فرصة مواتية بالنسبة لتمرير مثل هذه القوانين وهو ما جعل نتنياهو يمضي قدمًا في التصويت. 

ورأى هلسة أن تضييع هذه الفرصة بالنسبة لهم هو بمثابة انتحار لذلك نتنياهو أصر على تمرير التشريعات ورفض التنازل أو التفاوض وأقدم على توبيخ وزير حربه يوآف غالانت حينما حاول التوسط لتخفيف القانون أو تأجيله.

 ويشير إلى أن نتنياهو لم يخرج من الكنيست خلال جلسة التصويت إلا حينما اطمأن لحصول القانون على 64 صوتا من قبل أعضاء الائتلاف الحكومي الحاكم، في المقابل لم تصوت المعارضة على القرار وانسحبت.

 ويعتقد هلسة أن المعركة ما تزال قائمة وستزداد حدتها، فالمعارضة أمامها ورقة رابحة جدًا تتمثل في الشارع الذي يخرج، وهو ما قد يعني أن التظاهرات والرفض ستتسع رقعته خلال الأيام المقبلة من قبل الشارع الإسرائيلي.

 ويستكمل قائلاً: "المعارضة ستعمل على استغلال الشارع خلال الفترة المقبلة من أجل تأليب المواقف الدولية ضد نتنياهو وحكومته، لا سيما وأن هناك موقفا أمريكيا رافضا للتعديلات وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكي جو بايدن في حديثه بأن هذه القوانين تضر بوحدة "الجمهور الإسرائيلي".

 وينوه المختص والباحث في الشأن الإسرائيلي أن الائتلاف الحكومي سيحصد المزيد من الأصوات خلال الفترة المقبلة، في حين ستكون الورقة الوحيدة المتبقية في يد الائتلاف المعارض هي ورقة الشارع للوقوف في وجه التشريعات. 

ويرى أن الحكومة الحالية سيزداد استقرارها مع تثبيت بند المعقولية لأن نتنياهو سيكون أوفى بتعهداته لليمين وللوزير أريه درعي وهو ما سيضمن عدم تفكك الائتلاف الحكومي الحالي وسيسهم في رفع شعبية نتنياهو بين أوساط اليمين.

 في الوقت ذاته، يعتقد هلسة أن نتنياهو قد يقدم لاحقًا على التخلص من الائتلاف الحكومي اليميني الحالي إذا ما تمكن من ترتيب أوراقه الداخلية ويذهب للشراكة مع المعسكر الإسرائيلي من أجل التخلص من "الطوق" الذي فرضه عليه بن غبير وسمويرتيش.

 التحول نحو الديكتاتورية

 من جانبه، يرى المختص في الشأن الإسرائيلي عمر جعارة أن تمرير القرار يعني تحول المشهد الإسرائيلي نحو الديكتاتورية أكثر وهو قرار سيكون لصالح الفلسطينيين والشعب الفلسطيني أكثر، وسيضر بالحالة الإسرائيلية.

 ويقول جعارة لـ "شبكة قدس" إن القرار جاء مخالفا للموقف الأمريكي وموقف المعارضة الإسرائيلية من خلال إقدام نتنياهو على تمريره رغم كل الضغوطات التي تعرض لها، حيث يعتبر القرار محاولة منه لمنع انهيار الائتلاف الحكومي.

 ويشير إلى أن نتنياهو يدرك أن درعي أو سمويتريتش أو بن غبير بإمكانهم إسقاط الائتلاف الحكومي في الوقت الذي تراجعت فيه شعبيته، وهو ما دفعه للمضي قدمًا في التعديلات رغم الرفض والوساطات التي جرت لتأجيله.

 ويلفت إلى أن هذا القانون في شكله الثاني يسمى "قانون درعي" أي أن درعي سيعود ليصبح وزيرًا في حكومة نتنياهو بعد أن تم إسقاط قانون المعقولية وسيجعل الائتلاف الحكومي أكثر استقراراً خلال الفترة المقبلة.

 إلا أن جعارة يعتقد أن الاحتلال الإسرائيلي سيواجه أزمات على أكثر من صعيد خلال الفترة المقبلة مع تمرير الائتلاف اليميني الحاكم لهذا القانون.

#كنيست_الاحتلال #اختبار_المعقولية