فلسطين المحتلة - خاص شبكة قُدس: قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس ومسؤول العلاقات الوطنية فيها حسام بدران، إن التطورات الميدانية والسياسية التي تعيشها القضية الفلسطينية تجعلنا أحوج ما نكون للقاءات الوطنية على مختلف مسمياتها للوصول لحد أدنى من التوافق على الأقل على المستوى السياسي، بعيدا عن التجارب السابقة التي تركت آثارا سلبية لدى الشعب الفلسطيني.
وأضاف بدران في لقاء خاص لبرنامج "حوار قُدس" الذي يبث عبر شبكة قُدس الإخبارية، أن التطور الأساسي المهم المتعلق بالضفة الغربية المحتلة والتي تشهد حالة من تصاعد وتراكم القوة للمقاومة الفلسطينية بمختلف أجنحتها، كما أن هناك أعمالا يومية يواجهها الاحتلال بالمقابل بكل البطش والجبروت من القتل والاغتيالات وهدم البيوت والاعتقالات، وفي مقابل ذلك هناك مشهد صهيوني معقد على المستوى الداخلي، وهناك نزاع وخلاف على الشارع لدى الجمهور الإسرائيلي، بالإضافة إلى التغير في المواقف الدولية وانشغال أمريكا ومن معها بقضايا أخرى أكثر من انشغالها بالقضية الفلسطينية، وهذا يعطينا فرصة أخرى لنثبت روايتنا وصدقها كفلسطينيين وإمكانية تحقيق شيء على الأرض، وكل ذلك يعطينا دافعا بأن آن الأوان أكثر من أي وقت مضى لعقد اجتماع للقيادة السياسية الفلسطينية لتلبي رغبات وطموحات الشعب الفلسطيني.
وأشار، إلى أن هناك حالة من الوحدة الوطنية في الميدان خاصة في الضفة الغربية، ما يتطلب شيئا مشابها وموزايا في الحالة السياسية، لذلك نحن أحوج ما نكون للقاءات وطنية على أن تتسم بالجدية والمصداقية، بحيث يجد الناس تنفيذا وتطبيقا على أرض الواقع لما يتم التوافق عليه.
وبحسب بدران، فإن الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية المحتلة هي خنجر في ظهر الشعب الفلسطيني كله، وهي واحدة من الأسباب الرئيسية التي يمكن أن تؤدي إلى إضعاف النسيج الوطني الفلسطيني، ليس على المستوى السياسي والحزبي فقط بل على المستوى العائلي والجماهيري والسلم الأهلي، واستمرار الاعتقالات السياسية التي ارتفعت وتيرتها بالفترة الأخيرة من تعذيب واستهداف الطلبة والمقاومين المطلوبين أبرزهم مراد ملايشة ومصعب اشتية لدورهم الفعال والوطني والوحدوي في مقاومة الاحتلال.
وقال بدران، إن الاعتقالات السياسية لا يمكن أن تكون قضية ثانوية في الحوارات الوطنية، لذلك في الأسابيع القليلة الماضية، كان هناك تصاعد في إبراز هذه القضية إعلاميا وهناك 8 فصائل وقعت على بيان مشترك طالبت فيه بوقف الاعتقالات لدى السلطة والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، وحتى الفصائل التي لم توقع أصدرت بيانات منفصلة بذات المضمون، وهذه القضية حاضرة في الحديث مع الفصائل وستكون حاضرة في اللقاءات وستكون من النقاط الأساسية التي يجب أن نجد لها حلا حقيقيا، ولا معنى ولا إشارة جدية للدعوة إلى حوارات في الوقت الذي تقوم به جهة من داخل السلطة بتعميق الاعتقالات السياسية ومحاولة إرباك الأجواء وكأنها تريد أن تقول للناس نحن لا نريد انعقاد هذا اللقاء أو إفشاله فيما لو تم.
وحول ملامح لقاء القاهرة؛ أوضح بدران: أجندة اللقاء حتى الآن لم يتم التوافق عليها، ليس لأن هناك اختلافات بل هناك اتصالات ولقاءات نجريها في حركة حماس مع باقي الفصائل بما فيها الأخوة في حركة فتح والفصائل مع بعضها أيضا لها علاقات ولقاءات، بحيث تكون هناك أجندة متفق عليها وحد أدنى من التوافق حتى على المخرجات.
وأضاف: بالنسبة لنا في حماس، نحن نتطلع لأن يكون العنوان الرئيسي في اللقاء هو التوصل إلى خطة استراتيجية وطنية لمقاومة الاحتلال، وتحته يمكن أن تندرج كل التفاصيل التي تدعم هذا التوجه، بمعنى أن هذا يشمل ضرورة تهيئة الأجواء الداخلية وهو ما يتطلب الحديث عن الاعتقالات السياسية والإفراج الفوري عن المعتقلين ووقف التنسيق الأمني ووقف التحريض الإعلامي على المقاومة وفصائل بعينها، وهذا يتطلب الحديث عن حراك جماهيري وسياسي وشعبي ودبلوماسي وإعلامي والتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، وعدم استثناء أي شكل من أشكال المقاومة التي تضمنها الشرائع الدولية التي تعطي لكل شعب يعيش تحت الاحتلال أن يمارس حقه الكامل في استخدام كل أساليب المقاومة لمواجهة الاحتلال.
وأشار إلى أن كل القضايا التي يمكن أن تكون سببا لمزيد من الخلاف نحن لا نرى أنها أولوية ولا نعتقد أن الحديث عن حكومة وحدة وطنية هو أولوية أو هو مدخل حقيقي لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وهذه الدعوة للقاء بهذا التوقيت جاءت بشكل أساسي بعد توسع المقاومة في الضفة وخاصة معركة جنين الأخيرة، ونرى أن هذا الأمر يجب أن يكون الأساس للحوارات وهو المقاومة خاصة في الضفة الغربية وكيفية إسنادها ودعمها والمشاركة فيها وإعطائها الغطاء السياسي والتغطية الإعلامية والمواكبة المالية والدعم.
وقال: نعتقد أن الشعب الفلسطيني كله ينظر إلى الاجتماع القادم ضمن هذا الإطار وليس ضمن اللقاءات التقليدية التي كانت تتم في مراحل سابقة والتي كانت تتم فيها نقاشات في قضايا مهمة ولكن في المرحلة الحالية الأهم هو مواجهة الاحتلال ودعم المقاومة.
وعن إعلان حركة الجهاد الإسلامي موقفها من اجتماع القاهرة بأنها لن تشارك بسبب اعتقال المقاومين لدى الأجهزة الأمنية؛ أكد بدران، أن اللقاءات مع حركة الجهاد مستمرة لترتيب الخطوات والاتفاق على المشترك بيننا، وتحركنا دوما في اللقاءات الوطنية أن الحضور هو الأصل والمشاركة هي القرار الطبيعي والقرار الذي ينسجم مع خططنا في العمل الوطني لكن هذا أيضا لا يمكن أن يكون بدون حسابات، بمعنى أنه إذا لم تكن الأجواء مهيأة ولم نشعر بوجود جدية ومصداقية ونقاط جدول أعمال متفق عليه يمكن أن يؤدي إلى شيء يتم تنفيذه على الأرض؛ الأصل أن يتم نقاش هذا مسبقا وبالتالي نحن لا نريد لقاء لمجرد اللقاء أو للخروج ببيان ختامي متفق عليه، وتكون صياغته تحتمل كل الأوجه في التفسير، وموقف الأخوة في الجهاد متفهم رغم أن الاعتقال السياسي يمس الجميع وحركة حماس هي المستهدف الأول تاريخيا ولكن الأخوة في الجهاد بالذات في الفترة الأخيرة هناك تركيز في الاعتقالات بحق كوادرهم خاصة المقاومين والمطاردين.
وأضاف: إذا كانت هناك أطراف في داخل السلطة تريد تأزيم العلاقة قبل انعقاد لقاء الأمناء العامين بغرض إفشاله ينبغي أن يعلم الجميع من هي هذه الجهة ويكون الشعب هو الحكم. ورأى أن الحالة في الضفة الغربية خاصة ما يتعلق بالاعتقال السياسي قضية حاضرة وبقوة لدى كل الفصائل وإذا قام أي طرف بأخذ أي قرار متعلق بأخذ موقف بناء على الحالة في الضفة، ستتحمل مسؤولية ذلك بالدرجة الأولى الجهة الراعية لهذا اللقاء لأنه في النهاية نحن نتحدث عن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة التي مفترض أن تكون منسجمة مع أداء رئاسة السلطة التي دعت لهذا اللقاء، ونحن نحرص على نجاح هذا اللقاء.
وعن الاتصالات بين حماس وفتح، قال بدران: نحن نتواصل مع الأخوة في حركة فتح وهو تواصل غير منقطع مع الصف الأول في الحركة من أعضاء اللجنة المركزية بمختلف مسمياتهم ومواقعهم التنظيمية، وحضور الرئيس محمود عباس مؤكد بحسب أعضاء مركزية فتح والأخوة المصريين.
وأضاف: نحن لا نقتصر على الاتصال بفصيل دون آخر والتواصل مع حركة فتح أمر مهم وضروري، ونحن نجري لقاءات في الداخل والخارج للوصول إلى حد أدنى من التوافق الذي يلبي طموحات شعبنا.
وبشأن محاولة تشكيل جبهة مقاومة موحدة وإعادة تأهيل منظمة التحرير، قال إن سياسة حركة حماس في العمل الوطني هي الانفتاح على مختلف مكونات شعبنا سواء الفصائل أو مؤسسات المجتمع المدني أو الشخصيات المستقلة أو الحراكات الشبابية وغيرها.
وأوضح: وبشأن الآليات وإدارة الحالة الفلسطينية، نحن لا نطرح أنفسنا بديلا عن أي أحد، وما يعنينا ونسعى إليه هو وجود الكل الفلسطيني في المؤسسات الفلسطينية سواء المتعلقة بالمنظمة وهي الأهم والأكثر تأثيرا والمتعلقة بالسلطة وغيرها وفي السنوات الماضية طرحت أفكار كثيرة للوصول إلى ترتيب الحالة الفلسطينية وكنا منفتحين وإيجابيين مع كل ما يطرح، لكن الأفكار التي تطرح بين الحين الآخر بشأن استراتيجية وطنية أو جبهة وطنية أو ائتلاف وطني لا يقصد به إيجاد بديل عن أحد ولا إقصاء طرف، ونحن نتحدث عن أفكار ومحددات وتوجه وليس عن هيكلية.
وقال: الاتصالات لم تنقطع ولم نصل إلى اتفاقيات واضحة ولكنها حوارات مستمرة تعمقت في فترة من المراحل، وليست مرتبطة بوقت أو زمان، وما يعنينا الآن الوصول إلى شيء مشترك مع الكل الفلسطيني لدعم حالة المقاومة خاصة في الضفة التي أثبتت قدرتها على تغيير الموازين وجعل القضية الفلسطينية محل اهتمام إقليمي ودولي.
ونفى بدران، أن تكون حركته قد اعتقلت أفرادا من المقاومة حاولوا إطلاق صواريخ من غزة خلال العدوان الأخير على جنين، وقال: هذا أمر غير صحيح، والحالة في قطاع غزة مختلفة تماما عن الضفة، ونحن نتحدث عن غرفة عمليات مشتركة فيها كل فصائل المقاومة العسكرية، ويتم التنسيق والاتفاق على مختلف الخطوات المتعلقة بأداء المقاومة ويجري ضمنها التوافق على المستوى الميداني والسياسي، والحالة في القطاع هي حالة مقاومة بالأساس كلها، وبالتالي من يدير الأمر وهي حركة حماس هي على رأس مشروع المقاومة وأول من يواجه الاحتلال، وبالتالي الحديث دائما يجري عن خطوات تنسيقية وكلنا متفقون على أن المقاومة في قطاع غزة أحد أهم المعاقل في المقاومة الفلسطينية، والمقاومة في غزة ليست مقتصرة على الدفاع عن القطاع بل هي جزء أصيل من مقاومة شعبنا الفلسطيني وهذا ما جرى في أكثر من جولة بدعم وإسناد الفلسطينيين خارج القطاع، أبرزها سيف القدس، والمقاومة في غزة أداؤها متصاعد ومتميز على مدار سنوات وهو ما يجعلها في محل ثقة وتقدير واحترام.
وأكد، أنه في حال حدوث أي اختلاف في وجهات النظر سياسيا أو ميدانيا فإن الخطوط مع الجميع والكل حاضر في الغرفة المشتركة أو حتى بالتواصل المباشر مع قيادة الحركة لحل أي إشكالية، والخط العام لدينا أن المقاومة هي حق.
وبخصوص المقاومة في الضفة، يقول بدران، إن حماس مشروعها الأساس هو المقاومة، وفي الضفة فإن المقاومة في السابق كانت في حالة تراجع وهذا كانت له أسبابه المختلفة سواء على مستوى أداء الاحتلال وخوفه من المقاومة أو حتى موضوع التنسيق الأمني وبعض الأطراف الدولية والإقليمية التي كانت تسعى دوما لتغيير الحالة الفلسطينية في الضفة الغربية ومحاولة كي الوعي للأجيال الفلسطينية.
وأضاف: نحن عملنا على تغيير الحالة في الضفة بمختلف الأشكال والأساليب والأدوات إلى أن وصلنا إلى هذه المرحلة من موجة المقاومة خلال العامين الأخيرين، وهي حالة غير مسبوقة منذ انتفاضة الأقصى، ونرى أن التوسع في أداء المقاومة ومزيد من المشاركة من المقاومين وعمليات بطولية مؤذية للاحتلال ومستوطنيه، وبالتالي نحن نتحدث عن احتضان شعبي كبير جدا للمقاومة، وفي المقابل هناك عمل كبير جدا لإيقاف هذه الموجة من المقاومة والحد من تأثيرها والاحتلال هو المتحكم الأساسي تعاونه جهات مختلفة لإضعاف جبهة الضفة، ونحن نعمل ليس فقط على استمرار المقاومة بل اتساعها وتعمقها ومراكمتها وأن تصبح يشارك فيها الجميع ونريدها أن تصل إلى مرحلة اللا عودة بأن تصبح المقاومة شيء طبيعي مستمر ودائم في العلاقة مع الاحتلال بغض النظر عن الأثمان والتضحيات.
وعن تغيير سياسة الحركة في الإعلان الصريح عن أعمالها المقاومة، قال: نحن نتحرك في الضفة من أجل بقاء حالة من المقاومة مستمرة، وعملنا بدون اسم للحركة وأثرنا العمل تحت عناوين وطنية أوسع وحتى بدون إعلان في بعض الأحيان ضمن حسابات مختلفة جعلتنا نرجئ فكرة الإعلان في المراحل الأولى، ومؤخرا ذهبنا باتجاه التبني بشكل مباشر لأكثر من سبب أولها أن جزءا كبيرا من العمليات قوية ومؤثرة أوقعت قتلى ونفذها أبناء حركة حماس، وأردنا أن نوصل رسالة للاحتلال بأن المقاومة لا تخشى الاحتلال، والإعلان جاء لتثبيت فكرة أننا مستعدون لمواجهة الاحتلال بأسمائنا وعناويننا المباشرة بالتعاون مع كل الفصائل وأن الحالة الموجودة في الضفة ليست فقط فردية، والاحتلال حاول أن يعطي انطباعا بأنه قضى على المقاومة وبؤرها التنظيمية، رغم وجود جزء منها فردي لكن الفصائل كانت حاضرة.
وحول سياسة الاغتيالات لقادة في الضفة الغربية، بحسب بدران فإن الأمر وارد ضمن حسابات الاحتلال، كون مجموعة من القتلة يتحكمون في حكومة الاحتلال، ونحن لا نستغرب أي فعل ضد الفلسطينيين وقياداته، ولكن تأثير التهديدات علينا صفر ولا تعني شيئا، لأنهم يهددوننا بالذي نتمناه وهو الموت في سبيل الله وهي القاعدة التي نؤمن بها على الصعيد الفردي، ودماء قادة المقاومة ليست أغلى من دماء المقاومين ولا النساء والأطفال الذين يقتلهم الاحتلال.
وعن العلاقات الخارجية لحماس، أوضح بدران أنه أصبح واضحا لدى كل الأطراف أنه لا يمكن لأي جهة كانت تريد أن تلعب دورا في القضية الفلسطينية دون أن تكون لها علاقة مع حركة حماس، لأنها مكون أساسي في الحالة الفلسطينية، وعلاقاتنا مع الدول العربية والإسلامية تمثل عمقا استراتيجيا بالنسبة لنا، وهي علاقات كانت دوما مبنية على الانفتاح والوضوح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول، ونريد من هذه العلاقات أن نشكل غطاء ودعما لصمود الفلسطينيين ومقاومته والعلاقات مع السعودية هي جزء من هذه العلاقات التي تقيمها الحركة، بعد أن حدث نوع من التباعد لظروف إقليمية ودولية لا علاقة لها بنا، ومؤخرا كانت هناك زيارتان تبشران بالخير.