رام الله - خاص قدس الإخبارية: أعادت زيارة الرئيس محمود عباس لمدينة جنين ومخيمها اليوم الأربعاء، تسليط الضوء على الزيارات التي يقوم بها الرئيس الفلسطيني للمدن الفلسطينية، وقلتها مقارنة بزيارته الخارجية.
وتطرح الزيارة الأخيرة التي جاءت بشكلٍ خاطف وسريع للرئيس عباس مجموعة من الأسئلة حول أهداف هذه الزيارة والأسباب التي دعت بالرئيس الفلسطيني لتنفيذها بعد قربة 9 أيام على العدوان الإسرائيلي على جنين ومخيمها.
وتعتبر هذه الزيارة التي قام بها الرئيس عباس الثالثة بعد الزيارة التي قام بها في شهر يوليو/ تموز 2012، حين زار منزل عائلة محافظها الأسبق قدورة موسى ليعزي بوفاته، وقبل ذلك زار المدينة في أكتوبر/ تشرين الأول 2009، حين شارك في حفل تخرج بالجامعة الأميركية.
وخلال عام 2012 زار الرئيس عباس مدينتي نابلس والخليل بالإضافة لزيارة قام بها إلى مدينة جنين، فضلاً عن زيارات سنوية يقوم بها لمدينة بيت لحم للمشاركة في احتفالات أعياد الميلاد، فيما لم يزر خلال فترة حكمه مدينة القدس وطولكرم وسلفيت أو غيرها من المدن.
أما غزة فكان الرئيس عباس متواجدًا فيها حتى عام 2007، ومنذ ذلك العام لم يقم بأي زيارة لها سواء بعد الحروب الإسرائيلية أو بعد توقيع الاتفاقيات الخاصة بالمصالحة بين حركة فتح وحماس رغم إعلان مستشاريه والمقربين منه في أكثر من مناسبة عزمه ذلك.
ووفق هذه البيانات التي رصدتها "شبكة قدس" يتضح عزوف الرئيس الفلسطيني عن تنفيذ زيارات للمحافظات والمدن الفلسطينية في الضفة وغزة، مقابل الزيارات الخارجية التي سجلت عشرات الزيارات لكل من العاصمة الأردنية والمصرية والقطرية.
في السياق، يقول أستاذ العلاقات الدولية رائد أبو بدوية، إن الزيارة الأخيرة للرئيس عباس محاولة لاسترجاع الحاضنة الشعبية للسلطة وحركة فتح بعد الإشكالية التي جرت مع نائب رئيس الحركة محمود العالول إثر الزيارة التي تلت الاجتياح.
ويضيف أبو بدوية لـ "شبكة قدس"، أن هناك نوعا من المؤشرات خلال العامين الأخيرين أن جنين تخرج عن نفوذ السلطة الفلسطينية بالتزامن مع ضعف وضمور للأخيرة، فيما تعالت الأصوات خلال اجتياح جنين الأخير سواء من فلسطينيين أو غير فلسطينيين بشأن دور السلطة، فلم يكن هناك أي تحرك جدي باستثناء تصريحات من هنا وهناك، حسب قوله.
وبشأن وجود قرار بإعادة انتشار الأجهزة الأمنية وعلاقتها بالزيارة الأخيرة، علق قائلاً: "سواء كان هناك قرار أو لا يوجد فالأصل أن السلطة موجودة لحماية الناس وتنظيم العمل الشرطي حتى أهل جنين موقفهم واضح فهم ضد الفوضى، لكن المشكلة الأكبر ما هو موقف السلطة من موضوع المقاومة".
ووفق أبو بدوية فإن: "المشكلة ليست في عودة الأجهزة الأمنية لجنين فهي كباقي المحافظات بحاجة للأمن والأمان والسلم الأهلي، لكن في أي دور ستقوم به السلطة في جنين أو كل الضفة الغربية المحتلة، وهذا يستدعي منها أن تدرس وتعيد التفكير وتضع خطة جديدة فيما يتعلق بالدور الأمني المطلوب منها".
ويرى الأكاديمي الفلسطيني أن: "إسرائيل تدفع السلطة للعب دور وكيل أمني عنها فيما يتعلق بالعمل المقاوم والسلطة حتى اللحظة ضعيفة أمنية وسياسياً وسيكون التحدي هو قبولها بهذا الدور أو لا، بالتزامن مع وجود ضرورة ملحة لكي تقف السلطة وقفة داخلية لإعادة قراءة الوظيفة الأساسية لها وتحديداً في جانبها الأمني".
وبحسب أبو بدوية فإن: "الرئيس عباس أصدر قرارات بوقف التنسيق الأمني لكن الجميع يعلم أن القرار ليس الأول إذ سبقته عدة قرارات لم تنفذ، وبالتالي فإن السلطة مطالبة حاليًا بتعريف دورها في ظل حكومة يمينية وانسداد الأفق السياسية معها".
ويشير إلى أن أفضل خيار أمام السلطة أن تلعب دورا مدنيا فيما يتعلق بالخدمات المدنية للفلسطينيين فقط، إذ أنها غير قادرة على لعب دور أمني، ثم ما المقابل السياسي الذي ستحصل عليه في ظل حكومة استيطانية أصلاً صرحت بأنه لا يوجد شيء اسمه دولة فلسطينية.
وفي السياق، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل عماد بشتاوي أن هذه الزيارة نوع من أنواع رد الاعتبار بعد الحادثة التي جرت مع نائب رئيس حركة فتح والطريقة التي تم استقباله بها والإهانة التي تعرض لها هو والأشخاص الذين كانوا معه.
ويقول بشتاوي لـ "شبكة قدس" إن هذه الزيارات جاءت لتشكل مكاسب شخصية لأبو مازن أهمها لتفنيد الرؤية التي كانت تقول دائماً إنه مفصول عن قضايا شعبه ومن أجل أن يقول إنه بينهم، إلى جانب رغبته في إيصال رسالة بأنه يريد تعزيز صمود أهل جنين الباحثين عن الدفعة المعنوية.
ويضيف: "قد تكون الزيارة بهدف إيصال رسالة في مساعي الرئيس الفلسطيني للرد على من يحاول أن يزرع الفرقة بين السلطة والشعب، لا سيما وأن هناك من يرى أن جنين ومخيمها باتت خارج سيطرة السلطة الفلسطينية".
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية على أن "هذه الزيارة جاءت لتؤكد عكس ذلك من خلال حديثه عن وحدة السلاح والشعب والقانون وأن كل المناطق تحت سيطرة السلطة وأن هناك وحدة جغرافية بين مختلف مدن الضفة الغربية المحتلة".