نابلس - خاص قدس الإخبارية: جاءت عملية جنوب نابلس الأخيرة التي وقعت، مساء الثلاثاء 20 يونيو 2023، وأدت إلى مقتل 4 إسرائيليين وإصابة 4 آخرين في صفوف جنود ومستوطني الاحتلال الإسرائيلي، لتشكل ضربة للمنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
العملية التي جاءت بعد يوم واحد من اشتباكات مخيم جنين والتي شهدت استبسالاً كبيرًا للمقاومة الفلسطينية فيها تخللها تفجير عبوات ناسفة تستخدم للمرة الأولى أدت لتسجيل إصابات وتعطيل آليات عسكرية متطورة للاحتلال، لتزيد من حالة الحنق الداخلي على أداء الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو.
وفي أعقاب العملية تعالت الأصوات المطالبة بشن عملية عسكرية واسعة النطاق في شمالي الضفة الغربية المحتلة واستهداف حركة حماس وقياداتها، نظرًا للتبني السريع من قبل الحركة لهذه العملية النوعية والتلويح بالمزيد خلال الفترة المقبلة في ظل مخططات تقسيم الأقصى.
ويعارض المستوى السياسي وتحديدًا نتنياهو بالإضافة للمستوى الأمني والعسكري متمثلاً في وزير الحرب يوآف غالانت فكرة تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في المنظور القريب لاعتبارات ميدانية وإقليمية وأخرى داخلية متعلقة بالمشهد الإسرائيلي والفلسطيني.
ويخشى الاحتلال الإسرائيلي من إمكانية أن يسهم تنفيذ أي عملية عسكرية واسعة المستوى في شمال الضفة الغربية في إثارة الجماهير الفلسطينية في المدن الأخرى، فضلاً عن إمكانية استجلاب رد من المقاومة الفلسطينية في غزة على أي عدوان واسع النطاق.
إذ سبق وأن هددت المقاومة الفلسطينية بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي عدوان إسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة وهو ما عبر عنه الناطق العسكري باسم كتائب القسام في فبراير/شباط الماضي حينما قال: "نراقب ما يجري في الضفة عن كثب وصبرنا آخذ بالنفاد".
في المقابل، فإن الإسرائيليين على صعيد المنظومة الأمنية والعسكرية قد يقدمون خلال الفترة الحالية على تصعيد وتيرة الاعتقالات السياسية في صفوف التنظيمات الفلسطينية واتخاذ إجراءات عقابية كالحصار وإغلاق الطرق ومحاصرة جنين ونابلس.
من جانبه، أكد الباحث في الشأن الإسرائيلي محمد هلسة إنه يجب أن نتعاطى مع عملية نابلس الأخيرة في سياقها الطبيعي باعتبارها مسيرة نضال وتحرر وطني فلسطيني يتصاعد بين فترة ويخبو في فترة أخرى وفقًا لتطورات الواقع والميدان في الضفة والقدس المحتلتين.
وقال هلسة لـ "شبكة قدس" إن الإسرائيلي لطالما اعتقد أن فكرة رفع منسوب التحدي مع الفلسطينيين يتناسب تناسبًا عسكيًا، في الوقت الذي يثبت الفلسطيني فيه دائمًا أن الكفة ليست بمبدأ القوة على اعتبار أن الحالة الفلسطينية تراكم القوة وقادرة على أن تؤلم الاحتلال في خاصرته الرخوة.
ورأى الباحث في الشأن الإسرائيلي أن الخيارات الإسرائيلية محدودة في الرد فالمسألة ليست بجيشن بل إنما مقاومة شعبية تحظى باحتضان شعبي إذ أن المسار السياسي القائم على أوسلو فشل فشلاً ذريعًا وأسهم في قضم الحقوق الفلسطينية والتأثير عليها.
وأضاف: "العمل الفردي والتنظيمي يرفع رأسه من جديد في الضفة الغربية المحتلة من خلال هذا الدور الذي يقوم به الشباب الصغير في سنه، والذي جزء منه ولد في مرحلة مفترض أنها مرحلة السلام، إلا أنه يرى السلطة غير قادرة على حماية الشعب وهذه العمليات هي ردات فعل سواء في مستواها الفردي أو التنظيمي".
واعتقد هلسة أن الاحتلال سيرد باستمرار التصفيات والتغول وسيحاول ألا يكرر ما حصل في جنين قبل يومين كي لا يقع في مصيدة، إلى جانب عدم تفضيل الذهاب في مواجهة واسعة بسبب قيود إقليمية ومحلية وسعي الإسرائيليين لتبريد نابلس وجنين وعدم الرغبة في فتح جبهات أخرى كرام الله وطولكرم أو مواجهة مع غزة.
فشل إسرائيلي
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي عامر المصري أن هذه العملية الأخيرة في نابلس ثبت أن الفلسطينيين قادرين على ابتكار أدوات مقاومة وإدامة التفوق العقلي على المنظومة الاحتلال الإسرائيلية رغم امتلاك التكنولوجيا والتطور العسكري بشكل كبير.
وأضاف المصري لـ "شبكة قدس": "الاحتلال يظن أنه يستطيع ارضاخ هذا الشعب الذي يستطيع في كل مرة اجتراح آليات جديدة للمقاومة، وفي هذا السياق جاءت عملية نابلس الأخيرة التي كانت على درجة عالية من التخطيط كون المنطقة تشهد حالة من الاحتياطات الأمنية".
وبحسب الكاتب والمختص في الشأن السياسي فإن لهذه العملية مجموعة من الارتدادات على المنظومة الاجتماعية الفلسطينية من خلال تشكيل رافعة للعمل المقاومة والحاضنة الشعبية ورفع الروح المعنوية في العمل المقاوم خلال الفترة المقبلة في مختلف المناطق الفلسطينية.
وأشار المصري إلى أن العملية تبعث بمثابة رسالة واضحة كذلك للجبهة الإسرائيلية الداخلية والمنظومة الأمنية والعسكرية مفادها أن كل عوامل تركيع الشعب الفلسطيني لن تنجح رغم كل ما يقوم به الاحتلال من محاولات ومن انتهاكات بشكل شبه دائم.