جنين - قدس الإخبارية: لم تمر العملية العسكرية التي جرت في مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، أمس الإثنين، مرور الكرام بالنسبة لوسائل إعلام الاحتلال وصحفها العبرية، الصادرة اليوم الثلاثاء 20 يونيو 2023، التي وصفت بأن ما جرى أمر غير مسبوق.
وفي صحيفة يديعوت أحرونوت، كتب المراسل والمحلل العسكري يوسي يهوشع، تقريرًا، اعتبر فيه أن عملية يوم أمس ستصبح بمثابة علامة بارزة لا يمكن نسيانها في أوساط الجيش الإسرائيلي، ليس فقط بسبب الوقت الطويل الذي استغرقه خروج الجنود من الورطة التي وقعوا فيها، ولكن بسبب الفعل الذي تسبب بذلك، وهو استخدام متفجرات قويةـ، حولت المنطقة إلى ما يشبه جنوب لبنان في سنوات التسعين، حتى ولو كانت هذه العبوات أقل قوة من تلك التي رأيناها آنذاك. كما قال.
ولفت يهوشع إلى أن عملية أمس، هي أطول عملية استباقية منذ الانتفاضة الثانية التي اندلعت نهاية عام 2000.
ويقول يهوشع، إن ما جرى أمس لم يكن وليد اللحظة، بل منذ عام ونصف بدأ إنتاج العبوات الناسفة في جنين والتي يتم انتاجها محليًا ولا تأتي من الخارج.
وينقل عن مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي قوله، من المدهش أن يوم معركة مثل الأمس لم يحدث من قبل .. لقد تم وضع العبوة الناسفة التي كانت محلية وكبيرة بشكل احترافي، والمشكلة أنه في ظل هذا المعدل من التطور في إنتاج العبوات الناسفة، قد يجد الجيش الإسرائيلي نفسه مضطرًا للدخول مع ناقلات الجنود المدرعة الحديثة المحمية بشكل أفضل والتي بالأساس مخصصة للعمل في جنوب لبنان وقطاع غزة، وقد يضطر لاستخدامها في الضفة.
يقول يهوشع: "يتطلب هذا التهديد من الجيش الإسرائيلي إلقاء نظرة مختلفة على المنطقة التي تعمل منها الخلايا المسلحة في الأشهر الاخيرة، لأن هذا هو بالضبط المكان الذي يحتاج فيه الجيش، والشاباك، إلى حرية التصرف، ولذلك يجب أن تكون المنظومة العسكرية قادرة على جلب الجنود بشكل مستمر وإدخالهم في عمليات أكثر وأوسع من أجل "جز العشب للإرهاب"، كما أن ما جرى أمس يشير إلى أن جنين تحولت لمختبر لإنتاج العبوات والصواريخ كما كشف عن ذلك رئيس جهاز الشاباك رونين بار منذ نحو شهر". كما يقول.
وأضاف: "ما نراه أمام أعيننا ليس مجرد تصاعد للإرهاب في شمال الضفة الغربية، ولكن أيضًا هو جهد منظم يهدف إلى تثبيط دخول الجيش الإسرائيلي إلى المنطقة، وتحويلها إلى منطقة مشابهة لقطاع غزة، ولكن لا يمكن لإسرائيل أن تسمح بذلك، وبالتالي فهي بحاجة إلى إيجاد إجابة لنمط العمل الذي بدأ يزداد قوة أكثر فأكثر".
وتابع: "الصور التي خرجت أمس من جنين سيئة للردع الإسرائيلي .. لقد أخذ سكان جنين صورًا لأنفسهم وهم يحملون ما تبقى من أجزاء الآليات التي تم استهدافها وبقيت في الميدان، ومن الواضح تمامًا أن أي فشل سيكون دافعًا على الاستمرار بمثل ذلك".
ورأى أن هناك 3 أشياء يجب ملاحظتها، الأولى أنه على الرغم من نتائج العملية أمس، إلا أنه في كل ليلة يقوم الجيش الإسرائيلي بعمليات تحقق نتائج جيدة، في جنين ونابلس رغم ارتفاع مخاطر الهجمات والاشتباكات، وإلقاء العبوات الناسفة من مسافة قريبة منذ عام، وهو الأمر الذي لم يؤدي لوقوع إصابات فعلية.
والثاني، كما يقول يهوشع، يتمثل في أن معظم "الإرهاب" يأتي من مصدرين، هما مخيم جنين، ونابلس تحديدًا من مخيم بلاطة والبلدة القديمة، ومعظم المدن والمناطق هادئة نسبيًا.
والثالث، كما يضيف، وفقًا لجميع التقديرات في قيادة الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربية، أن المستقبل لا يبشر بالخير .. السلطة الفلسطينية تفقد قبضتها على المزيد من المناطق، وفي اليوم التالي لرحيل أبو مازن والذي بدأ بالفعل وفي الواقع، فإن الوضع سوف يزيد الأمور سوءًا في ظل خطط حماس للاستيلاء على السلطة، ولهذا السبب تزعج في الوقت الحالي، الجيش الإسرائيلي، ساحة إيران وحزب الله في الشمال، والضفة الغربية، بينما غزة ستنتظر دورها. كما ختم تقريره.
وفي تقرير آخر بصحيفة يديعوت، ركزت الصحيفة، على الهجوم الجوي الذي نفذ أمس من طائرة مروحية "أباتشي" على هدف مفتوح لأول مرة منذ نحو 19 عامًا، بهدف منع المسلحين من الاقتراب أكثر من الآليات المتضررة وتسهيل عملية إخلاءها.
وبحسب الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي بالضفة منذ أكثر من عام كان حذرًا، ويتجنب أي هجوم جوي، بسبب الخوف من الأضرار العرضية، ولذلك سارع أمس بالتوضيح أن الصاروخ كان هدفه الردع وإبعاد المسلحين عن المنطقة لإخلاء الجرحى والمركبات العالقة
وتشير الصحيفة، إلى أنه مع تصاعد الهجمات الفلسطينية مع مطلع عام 2022، في نابلس وجنين، تم تسجيل عشرات الطلعات الجوية لمرافقة القوات البرية في المراقبة والاستعداد لإطلاق النار، ويتم استخدام طائرات مروحية مقاتلة، وكذلك طائرات بدون طيار مسلحة في كل عملية تنفذ في قلب تلك المناطق، وذلك لتوفير غطاء للقوات البرية، ولتعطيل حركة المسلحين على أسطح المنازل، إلا أنه ورغم ذلك حتى يوم أمس رفضت قيادة الجيش الإسرائيلي منح الإذن بالهجوم بأي من تلك الطائرات.
ووفقًا للصحيفة، فإنه رغم أن هجوم أمس كان رمزيًا، لكنه مهم ويعتبر خطوة تاريخية ترمز إلى تدهور الأوضاع في الميدان وأننا قد نكون أمام تصعيد كبير.
وأشار التقرير إلى الأضرار التي لحقت بمركبات النمر العسكرية بفعل العبوات المستخدمة في جنين، مشيرةً إلى أن تلك المركبات محمية أفضل من إصداراتها القديمة، وعلى جوانبها كاميرات، كما أن لديها القدرة على نقل 10 جنود، وفي الآونة الأخيرة تقرر زيادة حمايتها، ولذلك يحقق الجيش الإسرائيلي حاليًا في كيفية نجاح استهدافها بالعبوات الناسفة.
ويستبعد الجيش الإسرائيلي بعد حادثة أمس أن يتم استخدام مدرعات وناقلات جند أكثر تطورًا وتحصينًا مثل "إيتان"، ولا يزال يعتبر أنه قادر على تنفيذ عملياته بالشكل المناسب من خلال استخدام طائرات بدون طيار حديثة، ورادارات صغيرة، وقناصة ماهرون خاصة وأن العمليات التي تنفذ تركز على اعتقال المطلوبين أو الاستيلاء على أسلحة ومنع هجمات جديدة، وليست عمليات واسعة، لكن لا يستبعد أن يتم استخدام تلك المدرعات والناقلات في حال نفذت عملية عسكرية واسعة النطاق.
وتقول الصحيفة، إن الجيش الإسرائيلي يقوم بعمليات يومية في مناطق شمال الضفة وخاصة جنين ونابلس ومخيم نور شمس في طولكرم، ويخوض اشتباكات مسلحة مع الخلايا المنتشرة هناك، وهو يحاول عزل خصائص أي تصعيد واسع في الأراضي الفلسطينية على رغم امتداده من جنين ونابلس إلى طولكرم.
وتشير إلى الدعوات بشأن تنفيذ عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة، خاصة من الوزيرين بتسلئيل سموتريتش، ايتمار بن غبير.
وقال ضابط إسرائيلي كبير،ـ إنه بعد عملية أمس لا يوجد ما يمنعنا من العمل في كل الأوقات وفي كل منطقة ضد "بؤر الإرهاب"، مشيرًا إلى أنه قبل أسبوعين فقط شارك 500 جندي في عملية داخل مخيم بلاطة، وهذا مؤشر أن كل عملية تتم حسب الحاجة العملياتية، وبعد تقييم الوضع وبدقة كاملة للميدان، وكانت هناك مخططات بالفعل لتنفيذ عمليات واسعة النطاق في شمال الضفة وخاصة مخيم جنين والبلدة القديمة في نابلس، وهناك في تلك المناطق مئات الأسلحة، ولكن الجيش يفضل العمل بشكل أساسي ضد المسلحين والبنى التحتية والخلايا التي تخطط لتنفيذ هجمات.
من ناحيتها، سلطت صحيفة هآرتس العبرية، الضوء على شهادات سكان جنين حول ما جرى، حيث وصف بعضهم ما جرى بأنه تذكير بما شهده المخيم في الانتفاضة الثانية، وأن العملية أمس كانت مختلفة عما كان يجري في العامين الماضيين.
وتشير الصحيفة، إلى وجود تقييم قوي لدى السكان بأن إسرائيل تخطط لعملية عسكرية واسعة النطاق في المستقبل القريبة، رغم أنهم كانوا يتوقعون هدوءًا نسبيًا قبل عيد الأضحى الذي يبدأ نهاية الشهر، وأن يكون هناك انتعاش اقتصادي، ولكن بعد عملية أمس تم استبدال ذلك بتخوف من هجوم قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الأمنية.
وبحسب الصحيفة في تقرير آخر لها، فإن المستوى السياسي يمارس ضغوطًا على المستوى العسكري لتنفيذ عملية واسعة النطاق، إلا أن الجيش الإسرائيلي يرفض ذلك، بينما بات جهاز الشاباك يغير رأيه تدريجيًا بسبب تطور تصنيع العبوات الناسفة، والخوف من انتشار "الفوضى" من شمال الضفة الغربية إلى مناطق أخرى خاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية.
ونقلت الصحيفة عن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، قوله، إن الجهد الحالي كافٍ لوقف العنف وإبقائه في حد محتمل، خاصة مع تدفق المعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي تسمح بالتركيز على استهداف بعض الخلايا التي تخطط لهجمات، بدون الانجرار لعملية واسعة يمكن أن تطول وتتعقد، ولن تؤدي إلى نتائج إيجابية، بل ستزيد من تفاقم الوضع ويكون لها أيضًا عواقب سلبية على المستوى الدولي.
من جهتها، قالت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، إن الحدث الذي جرى أمس لم يكن عاديًا، ويشير إلى تطور عمل الخلايا المسلحة في شمال الضفة الغربية، والتي باتت تمتلك عدد لا بأس به من العبوات الناسفة ومنها عبوات خطيرة قاتلة والتي يقترب خطرها من مستوى غير معقول.
وتضيف الصحيفة، ليس من الممكن دائمًا إنهاء العمليات على الأرض كما جرى أمس، قد يكون هناك نتائج عكسية سيئة في مرات أخرى، مشيرةً إلى أهمية تصفيح الآليات بشكل أفضل، والتركيز في المرحلة المقبلة على عمليات للوصول لأماكن إنتاج العبوات الناسفة.
واعتبرت أن ما جرى أمس يقود إلى استنتاج واضح بأن الوقت حان لتنفيذ عملية واسعة النطاق في شمال الضفة الغربية، بدون احتلال تلك المنطقة، ولكن الهدف الوصول لأكبر عدد ممكن من المسلحين في فترة قصيرة ومحدودة وتدمير مصانع إنتاج المتفجرات والعبوات الناسفة وغيرها.