غزة - خاص قدس الإخبارية: صاحب وصول كل من وفدي حركة حماس والجهاد الإسلامي إلى العاصمة المصرية القاهرة قبل أكثر من أسبوع سيل من الأنباء التي تحدثت عن اختراقات جديدة في ملفات التهدئة وتثبيتها بوساطات مصرية وأخرى قطرية.
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد إذ ذهبت وسائل إعلام عربية للحديث عن تهدئة طويلة الأمد تتراوح ما بين 5 إلى 7 سنوات، إلى جانب التفصيل في بنود التهدئة والحديث عن اتفاقيات ونصوص غير مسبوقة من الناحية الاقتصادية دون الإشارة إلى الجانب السياسي.
في الوقت ذاته، فقد تلقفت وسائل الإعلام العبرية هذه الأنباء وعملت هي الأخرى على نسج المزيد من التفاصيل وهو ما أدى إلى اتساع رقعة هذه الأنباء وتمدد انتشارها في صفوف الفلسطينيين عمومًا وقطاع غزة على وجه الخصوص، خصوصًا بعد أسابيع قليلة من جولة القتال الأخيرة.
وأسهم تأخر النفي الرسمي من قبل حركتي حماس والجهاد الإسلامي في تمدد هذه الأنباء، على الرغم من أن مصادر فلسطينية نفت خلال تواجدها في القاهرة لـ "شبكة قدس" وجود اختراقات حقيقية متعلقة بالتهدئة كون الاحتلال الإسرائيلي يتهرب من أي التزامات رسمية جادة.
وتعيد هذه الواقعة إلى الأذهان ما يجري في ملف التفاوض غير المباشر والوساطة المصرية منذ عام 2008، إذ ترددت خلال هذه السنوات الـ 14 أنباء التهدئة طويلة الأمد دون أن تجد لها أي رصيد عملي على أرض الواقع سواء من خلال الاشتباك شبه الدائم بين المقاومة والاحتلال أو النفي الرسمي لها.
ونفى الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، أمس الإثنين، وجود مفاوضات تهدئة طويلة الأمد مع دولة الاحتلال، إذ قال لـ"شبكة قدس" إن "الأنباء التي تزعم بأن مباحثات القاهرة شملت التفاوض حول هدنة طويلة الأمد، لا أساس لها من الصحة"، موضحًا أن وفد الحركة وضع "المسؤولين المصريين في ضوء العدوان الإسرائيلي المستمر على سكان مدينة القدس والضفة الغربية، وانتهاك المقدسات، فضلا عن بحث سبل مواجهة سياسات الاحتلال".
في الوقت ذاته، نفى عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، إحسان عطايا أن يكون قد طُرِح على حركته هدنة طويلة الأمد مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث أكد في تصريحات صحفية: "لم يطرح علينا خلال لقاءاتنا بالمسؤولين المصريين في القاهرة هدنة طويلة الأمد مع الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح أن الملفات التي ناقشتها الحركة في القاهرة هي العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والاغتيالات، وضرورة رد المقاومة على أي عدوان إسرائيلي على القطاع، إضافة إلى الحصار الإسرائيلي على غزة، وقضايا أخرى متعلقة بالقضية الفلسطينية.
وأجمعت مصادر فصائلية في أحاديث منفصلة لـ "شبكة قدس" على أن اللقاءات لم تخرج عن إطارها الاعتيادي وأنها ناقشت ملفات سبق وأن جرى طرحها خلال اللقاءات والزيارات السابقة التي جرت من قادة الفصائل الفلسطينية، كمان تم عقد لقاء مشترك بين وفدي حماس والجهاد.
شائعات.. لقاءات اعتيادية وتسريبات مقصودة
في هذا السياق، يؤكد المختص والكاتب في الشأن السياسي مصطفى الصواف على أن الزيارات الأخيرة للقاهرة تندرج في إطار "العلاقات العامة" والتي تهدف من خلالها الفصائل ومصر لترتيب العلاقة فيما يخص قطاع غزة إلى جانب بحث ملفات سابقة متعلقة بالواقع.
ويقول الصواف لـ "شبكة قدس" إن اللقاءات التي جرت لم تشهد أي اختراقات أو حديث فيما يخص بالتهدئة الطويلة كون الاحتلال الإسرائيلي لا يلتزم بمثل هكذا اتفاقيات إلى جانب عدم امتلاك الوسيط المصري أي أداة ضغط حقيقي على الطرف الإسرائيلي.
ويشير إلى أن التسريبات التي جرت من وسائل الإعلام العبرية أو التي تناقلها بعض النشطاء قد تهدف إلى ضربة العلاقة بين الفصائل الفلسطينية وتحديدًا فصائل المقاومة الفلسطينية لاسيما بعد الجولة الأخيرة التي خاضتها المقاومة خلال شهر مايو/أيار الماضي.
ويلفت إلى أن الزيارة لم تتجاوز في مجملها العام الزيارات السابقة حيث تحرص الفصائل خلال هذه الزيارات على عرض واقع الحالة الفلسطينية والتأكيد على حقها في المقاومة والدفاع عن نفس في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه في مختلف الأراضي الفلسطينية.
لماذا تنتشر هذه التسريبات؟!
من جانبه، يرى الباحث والمختص في الشأن الدعائي حيدر المصدر أن من أسباب انتشار هذه التسريبات بهذه الشاكلة هو تماسها المباشر مع الواقع المعيشي اليومي للسكان ورغبتهم في تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية في ظل الظروف الحالية.
ويقول المصدر لـ "شبكة قدس" إن من بين الأسباب التي ساهمت في انتشار هذه التسريبات هو تناقلها من مصادر عربية صحفية إلى جانب الوسائل العبرية التي أسهمت في تعزيزها، عدا عن تأخر الفصائل الفلسطينية والجهات المختصة في التعليق على ما ينشر.
ويعتقد الباحث والمختص في الشأن الاقتصادي أن النفي جاء في توقيت متأخر بطريقة ساعدت الأطراف التي ساهمت في نشر مثل هذه الأنباء، دون تقديم أية إيضاحات كاملة ووافية للجمهور الفلسطيني في القطاع عن ما دار في القاهرة خلال الزيارات.
اللافت أن ملف التهدئة أو وقف إطلاق النار طويل الأمد عادة ما يثار إما من وسائل إعلام مصرية أو أخرى محسوبة على دول خليجية مثل الإمارات والسعودية إلى جانب وسائل إعلام عبرية، حيث يتم نسجه بطريقة توحي بأن الهدوء سيكون مقابل أهداف سياسية وعسكرية يجنيها الاحتلال من المقاومة.