القدس المحتلة - خاص قدس الإخبارية: أعادت الخطة التي قدمها عضو كنيست الاحتلال الإسرائيلي عن حزب الليكود عميت هليفي الهادفة إلى تقسيم المسجد الأقصى المبارك، بين المسلمين والمستوطنين، تسليط الضوء من جديد على المحاولات الإسرائيلية المتكررة لفرض التقسيم المكاني والزماني.
وتنص الخطة على سيطرة المستوطنين على المنطقة الوسطى والشمالية من المسجد الأقصى، خاصة منطقة قبة الصخرة، مقابل استمرار المسلمين في أداء الصلوات في المصلى القبلي وما حوله في المنطقة الجنوبية، أما في الشق السياسي، تنص خطة هليفي على نزع "الوصاية الأردنية" على المسجد الأقصى التي تكرست خلال السنوات الماضية، خاصة بعد الاتفاقيات السياسية مع دولة الاحتلال.
وتعمل الجماعات الاستيطانية مدعومة من حكومة الاحتلال، خاصة بعد صعود تيارات "الصهيونية الدينية"، على تكريس "التقسيم الزماني والمكاني" في المسجد الأقصى، من خلال فتح المجال للمستوطنين لأداء صلواتهم التلمودية فيه واستباحة ساحاته في وقت تفرض شرطة الاحتلال تقييدات على وصول المصلين وتقمع المرابطين.
وتقوم مسودة هليفي على إعادة تعريف المسجد الأقصى إسلاميًا بوصفه مبنى المصلى القبلي حصرًا، وتزعم أنّ تقديس المسلمين كلّ ما دار عليه سور المسجد "مؤامرة لحرمان اليهود من مقدسهم"، باعتبار أن "المقدس إسلاميًا هو ذلك المسجد المبني في الجنوب حصرًا، وبقية المكان ليس مقدسًا عند المسلمين" حسب ادعاء المسودة المقترحة.
وهذا هو المخطط الثالث لمحاولة تقسيم الأقصى، الأول في 2008 ويركز على الجهة الجنوبية الغربية، والثاني 2013 ويركز على الجهة الشرقية من المسجد، وقد فشل مخطط اقتطاع الساحة الجنوبية الغربية في 2008 بفضل الرباط المنظم ومصاطب العلم، فيما فشل مشروع اقتطاع الساحة الشرقية ومصلى باب الرحمة أمام الإرادة الشعبية في حملات التأهيل وهبّة باب الرحمة في 2019.
في السياق، يقول الكاتب والمختص في شؤون القدس زياد ابحيص إن حالة الفشل التي جرت في المرتين السابقتين لاقتطاع أجزاء من المسجد الأقصى، لم تمنع اليمين الديني "الصهيوني" من رفع سقفها تجاه المسجد الأقصى، فقضم الساحة الجنوبية الغربية لم ينجحوا فيه وكذلك قضم الساحة الشرقية لم ينجحوا فيه إلى جانب الفشل في قضم مصلى باب الرحمة.
ويضيف ابحيص لـ "شبكة قدس" أن الاحتلال الإسرائيلي سواء عبر اليمين الديني أو من خلال حكومة المستوطنين الحالية يريد أن يقضم ما يزيد عن 70% من مساحة المسجد الأقصى من صحن الصخرة إلى الشمال إلى جانب فتح كل الأبواب للاقتحامات ويبيحها للمستوطنين لأداء الصلوات التلمودية.
ويرى الكاتب والمختص في شؤون القدس أن ارتفاع السقف لا يتناسب مع التجارب السابقة وإمكاناتهم ويفتح الباب لأن يكون تهديد مبطن بالفرص كونهم يغادروا مربع ما تسمح به موازين القوى وهو ما يفتح الباب لفرض تراجعت حقيقية على الاحتلال الإسرائيلي.
ويعتقد ابحيص أن الخطة الإسرائيلية الحالية تقع في جانب الأحلام الإسرائيلية إلا أنها من الصعب أن تطبق في الواقع الحالي، لكن ذلك لا يعني عدم وجود جدية إسرائيلية في تطبيقها على أرض الواقع وهو لا يمنع تنفيذها حال وجود ثغرة حالة سمحت الإمكانيات وموازين القوى لهم بذلك وهو أمر مستبعد.
مرحلة خطيرة
من جانبه، يؤكد رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير ناصر الهدمي على أن الوصول إلى مرحلة يتم فيها تقديم مشاريع بقانون لتقسيم المسجد الأقصى المبارك فهو أمر في غاية الخطورة وهو ما يعني أن الاحتلال وصل إلى مرحلة يرى فيها أنه صاحب الحق والسيادة في المسجد ولا يعترف لأحد غيره في هذه السيادة.
ويقول الهدمي لـ "شبكة قدس" إن الأردن التي بينه وبينها اتفاقيات بأنها صاحبة السيادة والرعاية على المسجد الأقصى فهو الآن ينفي هذا الأمر ويرى أنه هو من حقه حتى أن يقرر ما هو المسجد الأقصى المبارك على الرغم من أن هناك قرارات دولية تحدد أن المسجد الأقصى المبارك بسوره حول المسجد الأقصى جميعا 144 دونم.
ويشير رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة الهدم والتهجير إلى أن حائط البراق وساحة البراق كلها أملاك للمسلمين وحدهم ولا يحق لليهود التدخل بها أو الاقتراب منها سواء للصلاة أو لأداء الطقوس التلمودية عليها وهو أمر معروف منذ عام 1929 و1930 ميلادية.
وينوه إلى أن الاحتلال يريد أن يفتح كافة الأبواب للمقتحمين للمسجد الأقصى المبارك بحيث أنه يطبع الوجود اليهودي داخل المسجد الاقصى المبارك ويصبح حاله حال المسلمين الذين يدخلون من جميع الأبواب المسجد من أجل أداء الصلوات الخمسة يوميًا.
ويضيف: "هذه الحلقة من مسار تهويد المسجد الأقصى المبارك بل هدم المسجد تأتي وهي ليست بدعا من الزمن بمعنى أن فكرة هدم مسجد الأقصى المبارك وبناء هيكل أسطوري مكانه ليست وليدة هذه الحكومة الأكثر تطرفا هي جاءت منذ ما قبل قيام دولة الاحتلال حتى ما قبل عام 1900 الذي اختار أن تكون فلسطين هي دولة اليهود".
ويعتقد الهدمي أن التقسيم الزماني والمكاني قائم وأن الحكومة الحالية تريد فرض الاقتطاع المكاني، لا سيما وأنه حينما يتم اقتحام الأقصى صباح كل يوم ما عدا الجمعة والسبت يتم إبعاد المسلمين عن المنطقة الشرقية التي يتواجد فيها مصلى باب الرحمة وهي عبارة عن تقسيم مكاني وكذلك تقسيم زماني كونه تم تحديد التوقيت.
ويستكمل بالقول: "ما يطرح هو عملية اقتطاع على اعتبار أن ما يروج يمنح الاحتلال ومستوطنيه نصف المسجد الأقصى ويجعله ملكًا لهم لوحدهم وهم من يدخلوه لوحدهم، أما المسلمون فلهم المسجد الأقصى المتمثل في المصلى القبلي الذي يرى فيه الاحتلال هو المسجد وهو توجه خطير جدًا".