رام الله - خاص قدس الإخبارية: دخل حيز التنفيذ، اليوم الخميس 1 يونيو 2023، تعليمات سلطة النقد الفلسطينية القاضية بفرض عمولات نقدية على الإيداعات المالية بعملة الشيكل، في البنوك العاملة داخل فلسطين على مستوى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وسبق وأن كان مقررًا أن يدخل قرار سلطة النقد حيز التنفيذ في شهر شباط/فبراير الماضي، لكن تم تأجيله في ذاك الوقت حتى بداية شهر يونيو/حزيران الجاري، بطلب من البنوك التي احتجت في حينه على تنفيذ القرار وطالبات بمنحها مزيدًا من الوقت من قبل سلطة النقد.
وخلال الفترة الماضية سعت بعض البنوك العاملة في فلسطين إلى الاستعداد لتنفيذ القرار عبر استكمال نشر نقاط البيع وأدوات الدفع الإلكترونية في كافة أرجاء المدن والقرى بما يسهم في تطبيق القرار عمليًا ويمكن من تنفيذ، علمًا أن التعليمات الجديدة بفرض عمولات على الإيداعات النقدية بحد أدنى 100 ألف شيكل شهريا فأكثر.
ورغم أن محافظ سلطة النقد فراس ملحم، اعتبر أن القرار سيتأثر به فقط 2% من إجمالي عدد أصحاب الحسابات المصرفية في القطاع المصرفي المحلي، "بينما 98% من أصحاب الحسابات لن يطالهم التأثير، إلا أن هناك خطة تقضي بأن يشمل القرار جميع المواطنين خلال 3 سنوات.
وتبرر سلطة النقد القرار إلى رغبتها في تعزيز استخدام القنوات الإلكترونية في المدفوعات للأفراد والشركات، والحد من استخدام الكاش في السوق المحلية، إلى جانب أن الفئات التي ستجبر على دفع العمولات النقدية على الإيداع بالشيكل هي كبار التجار، مثل أصحاب محطات المحروقات، وشركات المياه والكهرباء والتبغ، التي تودع يوميا ملايين الشواكل في البنوك التي تعاني من فائض في عملة الشيكل بسبب القيود الإسرائيلية على استقبال هذه العملة.
إلى جانب ذلك فإن رئيس سلطة النقد ملحم ينوه إلى وجود نحو 6 مليار شيكل مكدسة في البنوك العاملة داخل فلسطين نتيجة رفض الاحتلال تحويل هذه الأموال.
في الوقت ذاته، فإن مصادر مطلعة ذكرت لـ "شبكة قدس" أن القرار بالأساس يستهدف البنوك ومنحها مزيد من التسهيلات كونها تحقق أرباح مالية هي الأكبر على مستوى القطاع الخاص.
ووفق ذات المصادر فإن القرار يشمل فرض رسوم مالية على الإيداعات المعدنية النقدية التي تزيد عن 200 شيكل بواقع 3% أي ما نسبته 6 شيكل إسرائيلي، عدا عن الرسوم الأخرى التي تم فرضها وفقاً لتعميم سلطة النقد والمقسمة إلى نظام الشرائح حسب المبالغ المالية.
وتلفت المصادر إلى أن إجمالي أعداد العاملين في القطاع المصرفي تقدر بنحو 8000 إلى 8300 شخص، في وقت تحقق المصارف أرباحًا هي الأعلى بين مختلف القطاعات، مشيرة إلى أن قرار السلطة الأخيرة يسعى لتقليص أعداد مرتادي البنوك العاملة.
وبحسب المصادر فإن الفترة الماضية شهدت استقرار أعداد الأشخاص المرتادين للبنوك في فلسطين من أجل الإيداع وهو دعا بسلطة النقد للتدخل من أجل تخفيف أعداد العملاء وزيارتهم بهذا القرار عبر فرض الرسوم بما يخفف من الضغط على خدمات الشيكات والإيداعات.
ولا تستبعد المصادر أن تتجه سلطة النقد نحو فرض القرار على الأفراد بعد الشركات خلال فترة زمنية لن تزيد عن 3 سنوات، في حال تم الاستمرار في فرض وتطبيق القرار في الأراضي الفلسطينية خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى أن ربط القرار بوجود تكدس مالي قيمته 6 مليار شيكل غير صحيح إذ أن هذه الأزمة عمرها 10 سنوات.
قراءة في القرار
من جانبه، يقول أستاذ علم الاقتصاد نصر عبد الكريم إن القرار جاء بعد فترة طويلة من تكدس عملة الشيكل داخل خزائن البنوك المحلية، إذ أن البنوك الإسرائيلية والبنك المركزي الإسرائيلي دائمًا ما يضع العراقيل أمام قبول كتل نقدية وودائع من البنوك الفلسطينية.
ويضيف عبد الكريم لـ "شبكة قدس" أن وجود فائض من عمل الشيكل يزيد من الأعباء على البنوك الفلسطينية في عملية التأمين والمخاطر إلى جانب الأزمات الكثيرة التي واجهتها البنوك الفلسطيني، عدا عن السعي لتحويل الاقتصاد الفلسطيني تدريجيًا إلى مجتمع غير نقدي.
ووفق المختص في الشأن الاقتصادي فإن عملية فرض التعامل بالبطاقات أو التطبيقات الإلكترونية من شأنه أن يخفف من تداول السيولة النقدية الموجودة في الأسواق، في حين ستكون التأثيرات متعلقة بالشركات الصغرى والمتوسطة والكبرى خلال الفترة المقبلة.
من جانبه، يرى الصحفي والمختص في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر أن القرار كان يحتاج إلى تطبيق لكن ليس بالشكل الذي تم الإعلان عنه من قبل سلطة النقد إذ أن فائض "الكاش" من الشيكل كبير لدى البنوك وهناك الكثير منها تحتاج إلى حل لهذه الأزمة.
ويقول أبو قمر لـ "شبكة قدس" إن هذه القضية يمكن أن تحد من فائض الشيكل غير أن هذا الحل ليس الأمثل، فكان الأصل أن تطالب السلطة بتطبيق اتفاقية باريس الاقتصادية خصوصًا فيما يتعلق بالمعاملات المصرفية المتعلقة بعملة الشيكل أو العملات الأخرى.
ويوضح أن هذا القرار سيتضرر جزء من التجار وستتسع هذه الشريحة مع مرور الوقت، مع ضرورة الإشارة لمدى ملائمة البيئة الفلسطينية لعملية الشمول المالي مثل التطبيقات والبطاقات، في ظل أن الأجيال التكنولوجية المتوفرة هي الجيل الثاني والجيل الثالث.
ويؤكد على ضرورة أن يكون هناك تطوير للبنية التحتية الخاصة بالقطاع المصرفي قبل تنفيذ هكذا خطوة إذ أنه ورغم الحاجة لها إلا أن التوقيت غير مناسب وهناك جانب قصور، وكان الأمثل أن يكون هناك تسهيلات للتعاملات الإلكترونية ممثلة بالحوافز وليس فرض رسوم إضافية على الدفع بالنقد.