رام الله - خاص قُدس الإخبارية: أصبح تجمع عين سامية شرق رام الله "أثراً بعد عين" بعد أن أجبرت سياسات الاحتلال والهجمة الاستيطانية المكثفة الأهالي على الرحيل، بعد عقود من الصمود.
مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان قال إن سياسات الاحتلال وهجمات المستوطنين أجبرت أهالي التجمع، وهم من عشيرة الكعابنة، وأقاموا فيه منذ 40 عاماً على أراضي خاصة لأهالي كفر مالك مسجلة في الطابو، بموجب ترتيبات واتفاقات معهم، على الرحيل عنه.
وذكر المركز، في بيان صحفي عقب الترحيل، أن هذا ثالث تجمع يرغم على الرحيل بعد رأس التين البدوي وتجمع آخر في المعرجات، واعتبر أن تهجير هذه التجمعات بعد هجمات من المستوطنين يشير بوضوح إلى التعاون بين ما تسمى "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال والميلشيات الاستيطانية.
من جانبه، قال المحامي وائل القط إن رحيل التجمع يمثل "خسارة فادحة وإخفاقاً عالي المستوى" يتحمل مسؤوليته الجميع، وأشار في لقاء مع "شبكة قدس" إلى أن شرطة الاحتلال مارست في الفترة الأخيرة مع المستوطنين ضغوطاً كبيرة على الأهالي، وقبل أيام استولت على أكثر من 40 رأس غنم من الأهالي بعد أن زعمت أن مستوطناً تعرض لــ"السرقة"، حسب وصفها، وهو ما شكل أداة ضغط إضافية عليهم.
المحامي أشار إلى "الخسارة الاستراتيجية" التي يمثلها تهجير التجمع الذي يقطع في منطقة هامة، وهي محل أطماع الاحتلال، نظراً لربطها بين الأغوار وقرى وبلدات رام الله، ومخططات المستوطنين الذين أقاموا عدة بؤر استيطانية على شكل "زراعي/ رعوي" حولها، لضمان السيطرة عليها.
وذكر أن مركز القدس وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان وجهات أخرى عملت منذ سنوات، على منع التهجير، من خلال تقديم عدة التماسات للمحاكم، ومن بين القضايا التي رفعت أمام محاكم الاحتلال كانت ضد هدم مدرسة التجمع.
وأشار إلى أن الاحتلال وزع خلال السنوات الماضية إخطارات هدم على كل مساكن التجمع
وأضاف: بذلنا جهوداً مضنية لمنع هدم المدرسة عبر التوجه إلى المحاكم، وتنظيم جولات لمسؤولين دوليين وأوروبين فيها، لضمان توفير أدوات ضغط على الاحتلال لوقف الهدم، لكن للأسف الترحيل حصل بعد تكثيف المستوطنين هجمتهم على التجمع.
وأوضح: في عام 2022 توجهنا بأربع التماسات إلى محاكم الاحتلال لمنع هدم المدرسة، ورفضت جميعها، ثم أصدروا قراراً بهدمها خلال أسبوعين، ولم ينفذ القرار، إذ حصل الترحيل بعد هجمات المستوطنين.
وأكد على خسارة الفلسطينيين بترحيل التجمع، وقال: هذا الاخفاق يتحمل مسؤوليته الجميع الأهالي والمؤسسات الحكومية والفعاليات الشعبية والمجتمعية، كان لدينا أمل بمنع الترحيل، لكن للأسف هذا حصل.
من جانبه، قال "أبو وجيه" الكعابنة أحد سكان التجمع وهو يحزم أغراضه للرحيل بعد سنوات من "الحرب على الوجود"، كما يصفها": للأسف لم نحصل على الدعم الكافي للبقاء.
وأشار إلى اقتحام شرطة الاحتلال للتجمع بمشاركة المستوطنين وقوات أخرى من الجيش والاستيلاء على قطيع الأغنام.
وعن سنوات الصمود في التجمع، أضاف: منذ عام 1980 وأنا أعيش هنا وأواجه كل هذه المخططات، وسمعنا كثيراً عن الوعود بتوفير ما يلزم لنا، لكن للأسف لم يحصل كثير منها.
وتابع: حتى على مستوى وزارة الزراعة لم توفر لنا ما نطلبه، من كان يملك 200 رأس غنم باع نصفها كي يقدر على العيش، يقولون لنا سنبقى نتابع معكم كل جديد ونوفر لكم ما يتوفر لكن للأسف أجبرنا على الرحيل.
وقال: حتى على مستوى شعبي وإعلامي لم يحصل اهتمام كاف بقضيتنا.
ويستخدم الاحتلال ميلشيات "فتية التلال" وغيرها لترهيب أهالي التجمعات في الأغوار ومناطق أخرى في الضفة المحتلة، بالإضافة لحزمة مشاريع قانونية لتسهيل التهجير وسرقة الأراضي، وفي السنوات الأخيرة تزايدت ظاهرة البؤر الاستيطانية الرعوية التي تنتشر في المناطق القريبة من التجمعات الفلسطينية البدوية، ويمارس المستوطنون فيها مختلف سياسات الإرهاب.